يشهد السودان أزمة نزوح هي الأكبر في العالم، حيث أجبرت الحرب الدائرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ما يقرب من 12 مليون شخص على ترك منازلهم. تتفاقم الأوضاع الإنسانية بسرعة، مع تقديرات تشير إلى أن أكثر من 30 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدة إنسانية، وأن حوالي 21.2 مليون شخص، أي 45٪ من السكان، يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وعلى الرغم من الجهود الدولية المتزايدة، لا يزال الوضع في السودان كارثيًا.
تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان
اندلعت الاشتباكات في السودان في أبريل 2023، بعد انهيار التحالف الهش بين الجيش وقوات الدعم السريع، اللذين تعاونا لسنوات في ظل النظام السابق للرئيس المعزول عمر البشير. وقد أدت هذه الاشتباكات إلى حرب أهلية واسعة النطاق، تركزت بشكل خاص في مناطق مثل دارفور وكردستان الجنوبية.
تشير التقارير إلى وقوع جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، والاستهداف العرقي، والنهب المنهجي، خاصةً من قبل قوات الدعم السريع. وتدعو منظمات حقوق الإنسان إلى تحقيق شامل في هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
هجمات على المدنيين والبنية التحتية
في ديسمبر الماضي، أدت سلسلة غارات جوية متكررة في منطقة كردستان الجنوبية إلى مقتل 114 شخصًا، بينهم 63 طفلاً، وفقًا لتصريحات الدكتور تيدروس أدهانوم جبريسيوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية. وقد استهدفت هذه الغارات روضة أطفال ومستشفى قريبًا، كما تعرض المسعفون الذين حاولوا نقل الجرحى لهجوم.
اتهم شبكة الأطباء السودانية، وهي منظمة طبية، قوات الدعم السريع بالوقوف وراء هذه الهجمات. وفي حادثة أخرى، قُتل أكثر من 400 عامل إغاثة ومريض في أكتوبر الماضي خلال حصار قوات الدعم السريع لمستشفى الولادة السعودي في مدينة الفاشر بشمال دارفور. اتهم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قوات الدعم السريع بتنفيذ “إعدامات تلخيصية، وقتل جماعي، واغتصاب، وهجمات على العاملين في المجال الإنساني، ونهب، واختطاف، وتهجير قسري”.
الجهود الدولية المتزايدة والقيود المفروضة
على الرغم من أن الصراع في السودان لم يحظ بنفس القدر من الاهتمام الدولي مثل الحرب في أوكرانيا أو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أنه بدأ يجذب المزيد من الأنظار مؤخرًا. فقد تعهد الرئيس دونالد ترامب بالعمل على التوصل إلى اتفاق سلام في السودان بعد اجتماعه مع الأمير محمد بن سلمان في نوفمبر الماضي.
ومع ذلك، تواجه الجهود الإنسانية صعوبات كبيرة بسبب القيود التي تفرضها القوات المسلحة السودانية على وصول العاملين في المجال الإنساني إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها، بحجة الحفاظ على السيادة. كما تم طرد العديد من العاملين الإنسانيين الذين كانوا يعملون في البلاد.
يرى مراقبون أن غياب التنافس بين القوى الكبرى أو الصراع الإقليمي قد ساهم في قلة الاهتمام الدولي بالوضع في السودان. بالإضافة إلى ذلك، فإن صعوبة الوصول إلى الأرض تعيق عمل الصحفيين وتوثيق جرائم الحرب وجمع الشهادات.
تقديرات الضحايا وتأثير الصراع
تشير التقديرات إلى أن ما بين 100 ألف و 400 ألف شخص قد قُتلوا منذ بداية العنف في عام 2023. وتشير التقارير إلى أن هذا الرقم قد يكون أعلى بكثير بسبب صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة وجمع المعلومات الدقيقة. تعتبر هذه الأزمة الإنسانية من بين أسوأ الكوارث في التاريخ الحديث، وتتطلب استجابة دولية عاجلة.
تتزايد المخاوف من أن يؤدي استمرار القتال إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية وزيادة عدد الضحايا. كما أن هناك خطرًا من أن يؤدي الصراع إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة بأكملها.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى وقف إطلاق النار بين الفصائل المتناحرة في الأسابيع المقبلة. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح في تحقيق الاستقرار في السودان. يجب على المجتمع الدولي أن يظل يقظًا ومستعدًا لتقديم المساعدة الإنسانية اللازمة للمتضررين من الصراع، وأن يدعم الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والمصالحة في البلاد.






