تستعد شركة “سافانا ريسورسز” (Savannah Resources) لمرحلة محورية في مساعي أوروبا لتأمين المعادن المستخدمة في صناعة البطاريات، حيث تعمل على ترتيب تمويل لما قد يصبح أكبر مصدر محلي لليثيوم في الاتحاد الأوروبي.

تُكمل الشركة المدرجة في بورصة لندن دراسة جدوى لمشروع باروسو التابع لها في شمال البرتغال، وبدأت في تنظيم التمويل اللازم للبناء، والذي من المتوقع أن يتطلب ما بين 300 مليون يورو (350 مليون دولار) و350 مليون يورو على مدى العامين ونصف العام المقبلين.

مشروع استراتيجي أوروبي 

صنّف الاتحاد الأوروبي باروسو كمشروع استراتيجي في وقت سابق من هذا العام، وهي خطوة تتوقع “سافانا” أن تُتيح تمويلًا يُساعد في تغطية جزء غير محدد من التكلفة. اعتمدت الشركة حتى الآن على مواردها الخاصة، وفقاً للرئيس التنفيذي إيمانويل بروينسا، حيث أنفقت حوالي 50 مليون يورو منذ حصولها على الامتياز عام 2017.

وقال بروينسا في مقابلة بمكاتب الشركة في لشبونة: “من الطبيعي أن تتلقى مشاريع من هذا النوع، والتي تحمل هذا الطابع الاستراتيجي، دعماً تنموياً من الاتحاد الأوروبي في هذه المرحلة”. وأضاف: “أتوقع أن يكون هناك نوع من الدعم التمويلي مستقبلاً، سواءً كان قابلاً للسداد أم لا، لتسريع تطوير المشروع. مرحلة البناء هي الأكبر من حيث الإنفاق المالي”.

تحديات أمام صناعة الليثيوم العالمية 

تمضي الشركة قدماً في مشروعها في ظل تحديات تواجه صناعة الليثيوم العالمية. يواجه المنتجون الرئيسيون في أستراليا وتشيلي والصين خسائر فادحة مع استمرار ضغط فائض المعروض على السوق. عزز انتعاش أسعار الليثيوم مؤخراً الآمال في التعافي، لكن العديد من المنتجين على أهبة الاستعداد لزيادة الإنتاج إذا استمر هذا الارتفاع.

يُشكل هذا بيئةً صعبةً لجمع التمويل، مما يجعل الدعم الحكومي أمراً بالغ الأهمية للمشاريع في مراحلها الأولى.

ومع ذلك، تعرّض الاتحاد الأوروبي لانتقادات واسعة النطاق لبطء وتيرة العمل. ولا يزال التكتل يعتمد بشكل كامل على واردات الليثيوم والمعادن الأساسية الأخرى، في حين تستمر الجداول الزمنية للعديد من المشاريع الاستراتيجية المُقررة في التأخر.

البحث عن أمان سلسلة توريد الليثيوم 

يقول بروينسا إن مشروع باروسو يُمكن أن يُصل إلى نقطة التعادل (بين الإيرادات والمصروفات) عند أسعار الليثيوم البالغة 600 دولار للطن، وإن هدف الشركة هو المنافسة على السعر مع مُنتجين أكبر بكثير لتزويد السوق الأوروبية. وتأمل “سافانا” في إيجاد شريحة مُناسبة من العملاء الذين يسعون إلى تأمين سلسلة التوريد وطرق نقل أقصر من موقع الاستخراج.

وأضاف أنه من المتوقع الآن أن يبدأ الإنتاج في عام 2028، مُؤجلاً بذلك الموعد المُستهدف سابقاً وهو عام 2027. وعلى الرغم من أن البرتغال تُعدّن الليثيوم لصناعة السيراميك منذ عقود، إلا أنها لم تُنتج بعد مواداً تُستخدم في البطاريات على نطاق واسع. وأضاف أن مشروع باروسو يُمكن أن يصل إلى تقييم بحوالي مليار يورو.

تُعدّ كل من “إيه إم جي ليثيوم” (AMG Lithium BV) و”المرجان” (Al Marjan Ltd)، و”غروب لوشيفز” (Grupo Lusiaves SGPS SA)، ورجل الأعمال البرتغالي ماريو فيريرا من بين المستثمرين الرئيسيين في “سافانا”. وقد جمعت الشركة أحدث تمويل بقيمة 4.8 مليون جنيه إسترليني (6.5 مليون دولار) في يونيو من مساهمين حاليين ومستثمرين برتغاليين جدد وموظفي “سافانا”.

البرتغال ركيزة أساسية في صناعة البطاريات الأوروبية

تُرسّخ البرتغال مكانتها كركيزة أساسية في جهود أوروبا الرامية إلى دخول سلسلة توريد البطاريات. وقد بدأت شركة “سي إيه إل بي” (CALB)، وهي شركة تصنيع مملوكة جزئياً للحكومة الصينية، هذا العام بناء مصنع لبطاريات الليثيوم بتكلفة 2.3 مليار دولار بالقرب من سينيس، وهو ميناء في المياه العميقة على الساحل الجنوبي الغربي للبرتغال. وتُعدّ مدينة إستاريجا، التي تبعد حوالي 50 كيلومتراً (31 ميلًا) عن بورتو في شمال البرتغال، من أبرز المدن المرشحة لاحتضان مشروع مصفاة الليثيوم.

بدأ مصنع تجميع السيارات التابع لشركة “ستيلانتس” (Stellantis NV) بالقرب من فيسيو الإنتاج واسع النطاق للسيارات التجارية الخفيفة التي تعمل بالكامل بالكهرباء العام الماضي. من المقرر أن يبدأ مصنع “أوتو يوروبا” التابع لشركة “فولكس واجن” في بالميلا بتصنيع طراز كهربائي جديد، ومن المتوقع طرحه في السوق عام 2027.

جدل حول مشروع الاستكشاف 

يواجه مشروع استكشاف “سافانا” جدلاً. ففي استشارة عامة عام 2023، سعت الشركة إلى الحصول على آراء حول المخاطر المحتملة على جودة المياه، والتنوع البيولوجي، والتراث الزراعي للمنطقة بعد أن أثار المنتقدون مخاوف. في وقت سابق من هذا العام، أوقفت الشركة أعمال التنقيب لفترة وجيزة بعد أن طعن ملاك الأراضي في تصريح حكومي بالوصول إلى ممتلكات خاصة، على الرغم من إلغاء الأمر القضائي بعد أسابيع.

في 3 سبتمبر، قضت لجنة تابعة للأمم المتحدة بأن البرتغال انتهكت معاهدة دولية بتقييدها وصول الجمهور إلى المعلومات المتعلقة بمنجم باروسو أثناء عملية الترخيص البيئي.

وأفاد بروينسا بأن الشركة زادت من مشاركتها المجتمعية، مشيرةً إلى أن موظفي سافانا شاركوا في فعاليات محلية، وأن مركز معلومات قد حُوّل إلى مركز مجتمعي.

وقال “نعتقد أن هذا المشروع سيكون مفيداً جداً للجميع، من أصحاب المصلحة المحليين إلى المساهمين. وأضاف: “لا يزال أمامنا الكثير من العمل المهم والمثير في المستقبل”. 

شاركها.