في سابقة قضائية لافتة، أصدرت المحاكم السلفادورية أحكامًا بالسجن تتجاوز الألف عام على قادة وأعضاء في عصابة “إم إس 13” (MS-13)، وذلك في إطار حملة مكثفة لمكافحة الجريمة المنظمة. وتأتي هذه الأحكام بعد إدانتهم بارتكاب مئات الجرائم، مما يعكس التصعيد الحاد في جهود السلفادور للقضاء على هذه العصابة الخطيرة. وقد أثارت هذه الأحكام ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض.

وتعتبر عصابة “إم إس 13” من أخطر العصابات الإجرامية في العالم، حيث يصفها البعض بأنها منظمة لا تعرف الرحمة. وقد نشأت هذه العصابة في الثمانينيات في لوس أنجلوس على يد مهاجرين سلفادوريين، بهدف حماية أنفسهم، قبل أن تتحول إلى منظمة عابرة للحدود. وتتهمها حكومة السلفادور بالمسؤولية عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص على مدى العقود الماضية، بالإضافة إلى سيطرتها على أجزاء كبيرة من البلاد.

أحكام بـ”القرون”

منذ عام 2022، كثفت السلطات السلفادورية من حملتها الأمنية ضد العصابات، حيث أوقفت أكثر من 90 ألف شخص يشتبه في انتمائهم إلى العصابات، وأفرجت عن 8 آلاف منهم بعد ثبوت براءتهم. مؤخرًا، أصدرت المحكمة أحكامًا قاسية على 248 عضوًا في العصابة، بتهمة ارتكاب 43 جريمة قتل و42 جريمة إخفاء قسري.

وكانت الأحكام الأكثر إثارة للجدل هي تلك التي صدرت ضد قادة العصابة، حيث حُكم على مارفين هيرنانديز بالسجن 1335 عامًا، وفريدي إدغاردو 958 عامًا، وميغويل غوزمان 880 عامًا، وكيلفين ريفاس بـ739 عامًا. هذه الأحكام تعني عمليًا بقاءهم في السجن مدى الحياة.

بين التشفي والذهول

أثارت هذه الأحكام تفاعلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انقسم المغردون بين مؤيد ومعارض. يرى البعض أن هذه الأحكام هي عقاب عادل لوحشية العصابة، بينما استغرب آخرون منطقيتها.

وعبر العديد من المغردين عن دعمهم لسياسة “القبضة الحديدية” التي تتبعها الحكومة السلفادورية في مكافحة الجريمة المنظمة. في المقابل، تساءل آخرون عن الجدوى من إصدار أحكام بالسجن لآلاف السنين، معتبرين أنها مجرد إجراءات شعبوية.

تشكيك حقوقي

ورغم الترحيب الشعبي بتراجع معدلات الجريمة، أعربت بعض المنظمات الحقوقية عن قلقها بشأن هذه الأحكام. وانتقدت حركة “موفير” (حركة ضحايا النظام) هذه “الأحكام الاستعراضية”، متسائلة عما إذا كانت قد راعت إجراءات التقاضي السليمة. واعتبرت الحركة أن هذه الأحكام قد تكون مجرد “إستراتيجية تسويقية شعبية” للرئيس السلفادوري نجيب بوكيلة.

وتشير التقارير إلى أن هذه الأحكام تأتي في سياق حالة الطوارئ التي فرضتها الحكومة السلفادورية لمكافحة العصابات، والتي منحت السلطات صلاحيات واسعة في الاعتقال والمحاكمة. وقد أثارت هذه الإجراءات انتقادات من منظمات حقوق الإنسان، التي تتهم الحكومة بانتهاك حقوق الإنسان وتعريض المدنيين للخطر.

من المتوقع أن تستمر الحكومة السلفادورية في حملتها الأمنية ضد العصابات، وأن تصدر المزيد من الأحكام القاسية في المستقبل القريب. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الإجراءات ستنجح في القضاء على العصابات بشكل كامل، أو ما إذا كانت ستؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية والإنسانية في البلاد. وستراقب المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي عن كثب التطورات في السلفادور، وتقييم تأثير هذه الإجراءات على حقوق الإنسان وسيادة القانون.

شاركها.