تدرس وزارة الصناعة المصرية زيادة حجم مبادرة دعم المصانع المتعثرة إلى ثلاثة مليارات جنيه مصري، وذلك بهدف تسريع وتيرة إعادة هيكلة وتشغيل هذه المصانع. يأتي هذا التوسع في المبادرة استجابةً للحاجة الماسة لإنعاش القطاع الصناعي، الذي يواجه تحديات كبيرة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. وتهدف المبادرة إلى توفير التمويل اللازم لإعادة تشغيل المصانع المتوقفة أو التي تعمل بقدرة إنتاجية محدودة.

أعلنت وزارة الصناعة في سبتمبر الماضي عن هذه المبادرة، والتي تهدف إلى معالجة المشكلات التي تواجه حوالي 6 آلاف مصنع متعثر في مصر، وفقًا لحصر حديث للوزارة. وتشمل هذه المشكلات صعوبة الحصول على التمويل، وارتفاع تكاليف الإنتاج، والتحديات التقنية والإدارية. الخطة تتضمن إنشاء صندوق استثماري مشترك مع البنوك.

تفاصيل مبادرة دعم المصانع المتعثرة

من المقرر أن يتم إغلاق باب الاكتتاب في الصندوق الاستثماري في يناير القادم، برأسمال مبدئي يبلغ مليار جنيه مصري. وستبدأ عمليات الصندوق في تنفيذ صفقاته بنهاية نفس الشهر، بمتوسط قيمة صفقة يتراوح حول 50 مليون جنيه مصري. تتولى شركة “سي آي كابيتال” مهام إدارة الصندوق والإشراف على الاستثمارات.

تعتمد آلية عمل المبادرة على دخول البنوك كشركاء في المصانع المستفيدة، حيث ستحصل على حصص ملكية مؤقتة تتراوح بين 25% و33%. يهدف هذا الإجراء إلى توفير الدعم المالي والإداري اللازم لإعادة هيكلة المصانع وتحسين أدائها. لاحقًا، سيتم التخارج من هذه الحصص بعد عودة المصانع إلى التشغيل الكامل وتحقيق الربحية.

مراحل التمويل المقترحة

وفقًا لمسؤول مطلع، قد تشمل المرحلة الثانية من المبادرة إطلاق صندوق جديد بقيمة مليار جنيه مصري في منتصف العام القادم، أو زيادة رأس مال الصندوق القائم ليصل إلى ملياري جنيه مصري. أما المرحلة الثالثة، فمن المتوقع أن تبدأ في مطلع عام 2027، مع ضخ الشريحة المتبقية من التمويل.

الحكومة المصرية تدعم القطاع الصناعي

يأتي هذا التوجه في سياق جهود الحكومة المصرية لدعم القطاع الصناعي، الذي يعتبر محركًا أساسيًا للنمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل. لقد واجه هذا القطاع ضغوطًا كبيرة خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وتحديات سلاسل الإمداد العالمية.

استجابةً لهذه التحديات، أطلقت الحكومة في نهاية عام 2024 حزمة مبادرات تمويلية ضخمة بقيمة 30 مليار جنيه مصري، بهدف توفير التمويل اللازم للمصانع بأسعار فائدة مخفضة تصل إلى 13%. وتشمل هذه المبادرات تقديم قروض ميسرة، وضمانات ائتمانية، وتسهيلات في إجراءات الحصول على التراخيص.

بالتوازي مع ذلك، يشهد الاقتصاد المصري تحسنًا ملحوظًا في أدائه. فقد سجل الاقتصاد نموًا فصليًا بنسبة 5.3% في الربع الأول من السنة المالية الحالية، وهو الأعلى منذ أكثر من ثلاث سنوات. يعزى هذا النمو إلى انتعاش قطاعات رئيسية مثل الصناعات التحويلية غير البترولية، والسياحة، والاتصالات، وعوائد قناة السويس.

وقد حقق قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية نموًا سنويًا بنسبة 14.7% خلال العام المالي المنتهي في يونيو الماضي، مقارنةً بانكماش بنسبة 6.1% في الفترة نفسها من العام السابق. يعكس هذا التحسن قدرة القطاع الصناعي على التكيف مع الظروف الجديدة والاستفادة من الفرص المتاحة. وتشير البيانات إلى أن زيادة الطلب المحلي والخارجي على المنتجات الصناعية قد ساهمت في هذا النمو.

من الجدير بالذكر أن هذه المبادرة تأتي ضمن خطة أوسع تهدف إلى تطوير القطاع الصناعي وتعزيز قدرته التنافسية. وتشمل هذه الخطة أيضًا الاستثمار في البنية التحتية الصناعية، وتحديث التكنولوجيا، وتدريب العمالة، وتسهيل إجراءات التجارة والاستثمار.

الخطوة التالية المتوقعة هي إتمام الاكتتاب في الصندوق الاستثماري في يناير، والإعلان عن أولى الصفقات التي سيتم تمويلها. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض أوجه عدم اليقين، مثل مدى استجابة البنوك للاكتتاب في الصندوق، وقدرة الصندوق على جذب الاستثمارات اللازمة، وسرعة تنفيذ عمليات إعادة الهيكلة في المصانع المتعثرة. من المهم متابعة تطورات هذه المبادرة وتقييم تأثيرها على القطاع الصناعي والاقتصاد المصري بشكل عام.

شاركها.