يشهد قطاع الذكاء الاصطناعي تحولاً ملحوظاً في عام 2025، مع تزايد اعتماد الشركات والباحثين على نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية مفتوحة المصدر، وعلى رأسها نموذج “كوين” الذي طورته شركة علي بابا. هذا الاتجاه مدفوع بسهولة تخصيص هذه النماذج ووثائقها الشاملة، مما يتيح للمطورين الاستفادة القصوى من قدراتها. ويثير هذا التطور تساؤلات حول مستقبل المنافسة في هذا المجال الحيوي.

ويأتي هذا الإقبال على النماذج الصينية في ظل سعي عالمي لتطوير حلول ذكاء اصطناعي مبتكرة، مع التركيز المتزايد على الشفافية والمرونة التي توفرها المصادر المفتوحة. وتشير التقارير إلى أن الشركات الصينية تتبنى استراتيجيات مختلفة عن نظيراتها الغربية في هذا المجال، مما يؤدي إلى بروز نماذج جديدة ذات خصائص فريدة.

إقبال متزايد على نموذج “كوين”

أظهرت بيانات حديثة أن معدل تنزيل نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية، بما في ذلك “كوين”، من منصة “هاغنيغ فيس” تجاوز نماذج الشركات الأمريكية خلال شهر يوليو الماضي. يعكس هذا التحول اهتماماً متزايداً بالنماذج الصينية من قبل مجتمع المطورين والباحثين على مستوى العالم. وجاء هذا بعد النجاح الذي حققه نموذج “ديب سيك” في بداية العام.

ويتضمن هذا النجاح وافد جديد، وهو “ميني ماكس” الذي طورته شركة شاومي، وكذلك نماذج أخرى مثل “ديب سيك” و”مون شوت إيه آي”. تعتمد هذه الشركات على فلسفة تقديم نماذج مفتوحة المصدر تتطلب قوة حوسبة أقل وحجم بيانات أصغر للتدريب، مع توفير سهولة التخصيص لتلبية الاحتياجات المختلفة.

ميزات نموذج “كوين”

يتميز نموذج “كوين” بإمكانية تثبيته وتشغيله على مجموعة واسعة من الأجهزة، بما في ذلك الأجهزة الذكية، مما يسمح بتنفيذ عمليات الذكاء الاصطناعي محلياً لضمان أمن البيانات والخصوصية. هذه الميزة تجعله جذاباً بشكل خاص للشركات والمؤسسات التي تتعامل مع بيانات حساسة.

وقد ازدادت شعبية “كوين” بشكل كبير خلال العام الجاري، ليصبح ثاني أكثر النماذج مفتوحة المصدر استخداماً على مستوى العالم، وفقاً لمنصة “أوبن راوتر”. يعزى ذلك إلى قدرته على التكيف مع مختلف التطبيقات وسهولة دمجه في الأنظمة القائمة.

تطبيقات واسعة النطاق

تتراوح استخدامات الذكاء الاصطناعي الصيني من تطوير المنتجات والأجهزة الذكية إلى تحسين العمليات التجارية. على سبيل المثال، استخدمت شركة روكيد نموذج “كوين” لتخصيص مساعد ذكي لنظاراتها الذكية، مما يتيح لها ترجمة المحادثات وعرض الخرائط وتوفير المعلومات الهامة للمستخدمين. تستخدم الشركة خوادمها الخاصة لاستضافة النموذج.

وتتوسع تطبيقات “كوين” لتشمل قطاعات أخرى، حيث أعلنت شركة بي واي دي (BYD) عن نيتها دمجه في سياراتها لتوفير تجربة قيادة أكثر ذكاءً وسلامة. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم شركات أمريكية وأوروبية مثل “إير بي إن بي” (Airbnb) و“إنفيديا” وحتى “ميتا” نموذج “كوين” في بعض عملياتها وأبحاثها.

أداء النماذج ومقاييس التقييم

على الرغم من الإقبال المتزايد على “كوين”، إلا أنه لا يزال متخلفاً عن بعض النماذج الغربية الشهيرة مثل “شات جي بي تي” و”جيميناي” في العديد من اختبارات الأداء. ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن معايير التقييم الحالية قد لا تعكس بشكل كامل القدرات الحقيقية لهذه النماذج في التطبيقات العملية والتعلم الآلي.

ويقول أندي كونفينسكي، المؤسس المشارك لمعهد “لاود”، إن الباحثين يفضلون استخدام “كوين” لقدرته على تقديم أفضل أداء بين النماذج مفتوحة المصدر. كما أظهرت نتائج مؤتمر “نيوريبس” أن مئات الأبحاث العلمية قد اعتمدت على “كوين” في تطوير حلولها.

من المتوقع أن يستمر التنافس بين النماذج الصينية والغربية في مجال الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تطوير نماذج أكثر كفاءة ومرونة وقدرة على التكيف مع مختلف التطبيقات. وسيكون من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال وتقييم تأثيرها على الاقتصاد والمجتمع. كما يجب متابعة التحديثات المتعلقة بمعايير تقييم الأداء وكيفية توافقها مع الاحتياجات الفعلية للمستخدمين والشركات. في المستقبل القريب، يتوقع أن تقوم علي بابا بإطلاق إصدارات جديدة من “كوين” مع تحسينات كبيرة في الأداء والوظائف.

شاركها.