أعلنت مجموعة “أكديطال” المغربية عن خطط استثمارية طموحة في المملكة العربية السعودية، تتجاوز قيمتها 5 مليارات ريال (1.4 مليار دولار) حتى نهاية العقد الجاري. يهدف هذا التوسع إلى إنشاء وتشغيل شبكة من المستشفيات في مدن رئيسية مثل الرياض ومكة وجدة والمدينة المنورة، مما يعزز مكانة أكديطال كلاعب رئيسي في قطاع الرعاية الصحية الخاص بالمنطقة. يأتي هذا القرار استنادًا إلى التشابه بين السوقين المغربي والسعودي، بالإضافة إلى الدعم الحكومي المتزايد للقطاع الخاص والتوجه نحو التغطية الصحية الشاملة.
تعتبر “أكديطال” حاليًا أكبر مجموعة رعاية صحية خاصة في المغرب، حيث تدير 42 مستشفى تضم أكثر من 4111 سريراً. وتسعى المجموعة إلى زيادة هذا العدد إلى 62 مستشفى بحلول عام 2027، مع إعطاء الأولوية للتوسع الإقليمي. وقد بدأت بالفعل خطواتها الأولى خارج المغرب من خلال الاستثمار في السعودية، وتليها خطط للتوسع في الإمارات العربية المتحدة وتونس.
استثمارات أكديطال في السعودية: رؤية استراتيجية
تستند استراتيجية “أكديطال” في السعودية إلى نموذج مزدوج يجمع بين الاستحواذ على مستشفيات قائمة وتطوير مشاريع جديدة. وقد قامت المجموعة بالفعل بالاستحواذ على مستشفى عبد الرحمن المشاري في الرياض ومستشفى عواض البشري في مكة المكرمة، مما يمثل نقطة انطلاق قوية لعملياتها في المملكة. بالإضافة إلى ذلك، تسعى “أكديطال” إلى بناء وتطوير مستشفيات جديدة لزيادة طاقتها الاستيعابية لتصل إلى حوالي ألف سرير.
التمويل والتسهيلات الحكومية
حصلت “أكديطال للمستشفيات”، الشركة الفرعية القابضة للمجموعة في الرياض، مؤخرًا على تمويل دولي بقيمة 100 مليون دولار. يأتي هذا التمويل بالإضافة إلى 1.2 مليار درهم (130 مليون دولار) تم جمعها من خلال بيع سندات في المغرب في نوفمبر الماضي، بهدف دعم خطط التوسع الإقليمية. ووفقًا لنائب الرئيس التنفيذي للمجموعة، إلياس الحارثي، فإن التحفيزات والتسهيلات المقدمة من القطاعات الحكومية السعودية كانت عاملاً حاسماً في اختيار المملكة كوجهة أولى للتوسع.
وتشير التقارير إلى أن هذه الاستثمارات تأتي في وقت يشهد فيه قطاع الرعاية الصحية في السعودية نموًا ملحوظًا، مدفوعًا ببرامج رؤية 2030 التي تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية وزيادة الكفاءة. كما أن هناك طلبًا متزايدًا على خدمات الرعاية الصحية من قبل الطبقة المتوسطة العليا، وهو ما تستهدفه “أكديطال” بشكل خاص.
المنافسة والتكامل في السوق السعودي
على الرغم من وجود مجموعات رعاية صحية كبيرة في السعودية، إلا أن الحارثي أكد أن “أكديطال” لا ترى الأمر كتنافس مباشر، بل كفرصة لتحقيق التكامل. وتركز المجموعة على تقديم خدمات عالية الجودة بأسعار مناسبة للفئة المستهدفة، مما يساهم في تلبية الطلب المتزايد على الرعاية الصحية في المملكة. وتعتبر الرعاية الصحية الخاصة في السعودية سوقًا واعدة نظرًا لارتفاع مستوى الدخل وتزايد الوعي بأهمية الخدمات الطبية المتخصصة.
وتشير البيانات المالية للمجموعة إلى أداء قوي في النصف الأول من العام الجاري، حيث ارتفعت الأرباح الصافية بنسبة 68% لتصل إلى 214 مليون درهم، وارتفعت الإيرادات بنفس النسبة إلى 2.1 مليار درهم. ويعزى هذا النمو إلى برنامج حكومي لتعميم التغطية الصحية في المغرب، والذي أدى إلى زيادة الإقبال على مستشفيات “أكديطال”.
بالإضافة إلى الاستثمار في السعودية، أعلنت “أكديطال” مؤخرًا عن استحواذها على مجموعة “مستشفيات توفيق” في تونس، بطاقة استيعابية 600 سرير، مقابل 90 مليون دولار. ويؤكد هذا التوسع الإقليمي التزام المجموعة بتحقيق النمو المستدام وتنويع مصادر الدخل. وتعتبر الاستثمار في القطاع الصحي في تونس فرصة واعدة نظرًا لنمو السياحة العلاجية وتطور البنية التحتية الطبية.
من المتوقع أن تبدأ “أكديطال” في جني الأرباح من خططها التوسعية اعتبارًا من العام المقبل. وتعتمد هذه التوقعات على قدرة المجموعة على إتمام عمليات الاستحواذ والتطوير بنجاح، وتحقيق التكامل بين عملياتها في مختلف البلدان. وستظل التطورات التنظيمية والسياسات الصحية في السعودية وتونس والإمارات العربية المتحدة عوامل رئيسية يجب مراقبتها لتقييم مستقبل “أكديطال” في هذه الأسواق.
في الختام، تمثل استثمارات “أكديطال” في السعودية وتونس خطوة استراتيجية نحو تعزيز مكانتها كشركة رائدة في مجال الرعاية الصحية في منطقة الشرق وشمال إفريقيا. وستستمر المجموعة في استكشاف فرص جديدة للتوسع الإقليمي، مع التركيز على تقديم خدمات عالية الجودة بأسعار تنافسية. ومن المتوقع أن تشهد السنوات القادمة المزيد من عمليات الاستحواذ والتطوير، مما سيعزز نمو أكديطال ويساهم في تطوير قطاع الرعاية الصحية في المنطقة.






