تشهد حركة حماس إعادة بناء جهازها الإرهابي في قطاع غزة، مستغلةً فترة الهدنة مع إسرائيل لتعزيز قوتها العسكرية واستعادة هيكلها القيادي، بالإضافة إلى تجنيد جيل جديد من المقاتلين المراهقين. ووفقًا لمحللين أمنيين، فإن هذه التطورات تثير قلقًا بالغًا بشأن مستقبل الأمن في المنطقة. وتعتبر حركة حماس، وهي حركة إسلامية فلسطينية تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007، منظمة إرهابية مصنفة من قبل العديد من الدول.
إعادة هيكلة حماس وتجنيد مقاتلين جدد
أفاد البروفيسور كوبي مايكل، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي والمعهد ميسباف، بأن الهدنة الحالية منحت حماس فرصة ثمينة لإعادة التجمع. وأشار إلى أن الحركة تتمتع الآن بحرية حركة كاملة في الجزء الغربي من قطاع غزة، مما يسمح لها بتوسيع نفوذها وتجنيد المزيد من المقاتلين.
استغلال الهدنة لتعزيز القدرات العسكرية
تشير التقارير إلى أن حماس تعمل على إعادة بناء شبكة الأنفاق الخاصة بها، وتعيين حكام جدد للمناطق المختلفة في غزة، وإعادة تشكيل مخزونها العسكري. ويعتبر هذا الاستغلال للهدنة بمثابة تحدٍ كبير للجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
تجنيد المراهقين: حافز الانتقام والوضع الاقتصادي
أحد التطورات الأكثر إثارة للقلق هو نجاح حماس المتزايد في تجنيد المراهقين خلال فترة الهدنة. ويُعزى ذلك إلى أن الحركة أصبحت “أكثر جهة توظيف موثوقية في قطاع غزة”، حيث تقدم دخلًا صغيرًا للشباب الذين تبلغ أعمارهم 16 أو 17 عامًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن فقدان بعض هؤلاء الشباب لأقاربهم في الصراع يوفر حافزًا إضافيًا للانتقام والتحاق بصفوف حماس.
الوضع القيادي في حماس: سباق نحو الخلافة
تستعد حماس لانتخاب قيادة سياسية جديدة بعد وفاة إسماعيل هنية ويحيى السنوار، الذي يُعتبر العقل المدبر لهجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل. ويظهر كل من خليل الحية وخالد مشعل كمرشحين رئيسيين، مع ترجيح كفة الحية نظرًا لشعبيته في غزة ودوره في الضفة الغربية.
ومع ذلك، يرى المحللون أن سباق الخلافة القيادية من غير المرجح أن يغير المسار الخطير الذي تسلكه حماس. فقد صرح البروفيسور مايكل بأن كلا المرشحين “إشكاليان”، وأن كل منهما يعتبر أكثر تطرفًا في توجهه نحو غزة ودعمه للمقاومة المسلحة. حتى مشعل، الذي يوصف غالبًا بأنه أكثر توجهًا سياسيًا، “لا يزال يؤيد استمرار المقاومة المسلحة”.
تداعيات سياسية وأمنية
تأتي هذه التطورات في وقت حرج، حيث يواجه قطاع غزة تحديات إنسانية واقتصادية كبيرة. ويؤكد المحللون أن استمرار سيطرة حماس على غرب غزة سيؤدي إلى تفاقم هذه التحديات، وإعاقة أي جهود لتحقيق السلام والاستقرار. كما أن إعادة بناء القدرات العسكرية للحركة يثير مخاوف بشأن احتمال تجدد العنف في المنطقة.
وتشير التقارير إلى أن حماس تعمل بنشاط على إعادة بناء نظامها الإرهابي في ما يقرب من نصف الأراضي التي تسيطر عليها. ويعتبر هذا الأمر بمثابة انتهاك للهدنة، وتهديد للأمن الإقليمي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تجنيد المراهقين يمثل جريمة حرب، ويقوض أي فرصة لمستقبل أفضل للأطفال في غزة.
تعتبر قضية الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس من القضايا الرئيسية التي تعيق تحقيق السلام. وقد حذر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من أن حماس “سيتم اصطيادها وقتلها” ما لم يتم إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين بحلول يوم الأحد.
في سياق متصل، تشهد المنطقة جهودًا دبلوماسية مكثفة للتوصل إلى حل دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتشمل هذه الجهود مبادرات من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة والدول العربية. ومع ذلك، فإن استمرار سيطرة حماس على غزة، وإعادة بناء قدراتها العسكرية، يمثل عقبة كبيرة أمام تحقيق هذه الغاية.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية خلال الأسابيع القادمة، مع التركيز على إطلاق سراح الأسرى، وتوفير المساعدات الإنسانية لغزة، وإيجاد حل سياسي للصراع. ومع ذلك، فإن مستقبل الوضع في غزة لا يزال غير مؤكد، ويتوقف على العديد من العوامل، بما في ذلك نتائج الانتخابات القيادية في حماس، وتطورات الأوضاع الأمنية، والتقدم المحرز في المفاوضات الدبلوماسية.






