حذرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان من تصاعد العنف والترهيب في ميانمار مع اقتراب موعد الانتخابات المقرر إجراؤها في 28 ديسمبر/كانون الأول. وتثير هذه التطورات مخاوف جدية بشأن نزاهة وسلامة العملية الانتخابية، خاصةً في ظل سيطرة الجيش على السلطة. وتشير التقارير إلى أن المدنيين يتعرضون لضغوط من مختلف الأطراف للمشاركة في التصويت، مما يهدد حريتهم في الاختيار.

وتأتي هذه التحذيرات في وقت تشهد فيه ميانمار حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي منذ الانقلاب العسكري في عام 2021. وقد أدى ذلك إلى صراع مسلح واسع النطاق بين الجيش وقوات المعارضة، مما أثر بشكل كبير على حياة المدنيين وحقوقهم. وتعتبر الانتخابات في ميانمار خطوة هامة، لكنها محاطة بالجدل والشكوك.

تصاعد العنف والتهديدات قبيل الانتخابات في ميانمار

أفادت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بأن السلطات العسكرية في ميانمار تستخدم العنف والترهيب لإجبار المدنيين على التصويت، بينما تقوم جماعات مسلحة معارضة بتهديد أولئك الذين يرفضون المشاركة. وقال المفوض السامي فولكر تورك، إن على السلطات العسكرية “التوقف عن استخدام العنف الوحشي لإجبار الناس على التصويت، ووقف اعتقالهم بسبب آرائهم المعارضة”.

وتشمل أساليب القمع الاعتقالات التعسفية، والأحكام بالسجن المشددة على المعارضين، والتهديدات بالهجوم على النازحين الذين يرفضون العودة إلى مناطقهم للمشاركة في التصويت. وتلقى النازحون في إقليم ماندالاي تقارير تفيد بتهديدهم بالقصف إذا لم يعودوا للتصويت، وهو ما يعتبر انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.

اعتقالات تستهدف المعارضين السياسيين

وفقًا للمفوضية، فقد اعتُقل العشرات بموجب “قانون حماية الانتخابات” بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير. وتضمنت هذه الاعتقالات شخصيات بارزة في مجال الفن والإعلام، مثل المخرج مايك تيه والممثل كياو وين هت والممثل الكوميدي أون داينغ، الذين حُكم عليهم بالسجن سبع سنوات بتهمة تقويض الثقة العامة بعد انتقادهم فيلما دعائيا مؤيدا للانتخابات.

بالإضافة إلى ذلك، حُكم على ثلاثة شبان في منطقة هلاينغثايا بإقليم يانغون بالسجن لفترات تتراوح بين 42 و49 عامًا بسبب رفعهم لافتات مناهضة للانتخابات. وتظهر هذه الأحكام القاسية مدى التضييق على الحريات الأساسية في ميانمار.

تهديدات من الجماعات المسلحة

في المقابل، تشير التقارير إلى أن الجماعات المسلحة المعارضة للجيش تقوم أيضًا بتهديد المدنيين لمنعهم من المشاركة في الانتخابات. ففي 16 نوفمبر/تشرين الثاني، اختُطفت تسع معلمات من كيايكتو أثناء توجههن لحضور تدريب انتخابي، وأُفرج عنهن لاحقًا مع تحذيرات من الخاطفين.

وفي 18 و19 نوفمبر/تشرين الثاني، فجرت جماعة تطلق على نفسها “جيش يانغون” مكاتب إدارية في هليغو ونورث أوكالابا بمدينة يانغون، مما أدى إلى إصابة عدد من موظفي الانتخابات. وأعلنت الجماعة عزمها مواصلة استهداف منظمي الانتخابات، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني.

تأثير الأزمة على العملية الديمقراطية

يؤكد المفوض السامي تورك أن هذه الانتخابات تجري في مناخ من العنف والقمع، مما يثير تساؤلات حول مدى تمثيلها الحقيقي لإرادة الشعب. ويشير إلى أنه لا توجد ظروف تضمن ممارسة حرية التعبير أو التجمع السلمي أو تكوين الجمعيات، وبالتالي لا يمكن اعتبار المشاركة في هذه الانتخابات حرة وفاعلة.

وتعتبر هذه التطورات بمثابة نكسة للجهود المبذولة لإعادة الاستقرار الديمقراطي في ميانمار. وتشير التقديرات إلى أن ملايين الأشخاص قد اضطروا إلى النزوح بسبب الصراع، مما يجعل من الصعب عليهم المشاركة في العملية الانتخابية. كما أن القيود المفروضة على وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية تعيق عملية المراقبة المستقلة للانتخابات.

تتزايد المخاوف الدولية بشأن الوضع في ميانمار، وتدعو العديد من الدول والمنظمات إلى إجراء تحقيق مستقل في مزاعم العنف والقمع وانتهاكات حقوق الإنسان. وتشمل القضايا الرئيسية التي تتطلب اهتمامًا خاصًا حماية المدنيين، وضمان حرية التعبير، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.

من المتوقع أن تعلن المفوضية الانتخابية في ميانمار عن النتائج الرسمية للانتخابات في الأيام القليلة القادمة. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت هذه النتائج ستكون مقبولة على نطاق واسع من قبل المجتمع الدولي، نظرًا للشكوك المحيطة بنزاهة العملية الانتخابية. وما زال مستقبل ميانمار السياسي غير مؤكدًا، ويتوقف على كيفية تعامل الجيش مع ردود الفعل على نتائج الانتخابات.

الوضع الإنساني في ميانمار يظل هشًا، مع استمرار الحاجة إلى المساعدات الإنسانية والدعم الدولي. وتشير التقارير إلى أن هناك نقصًا حادًا في الغذاء والدواء والمأوى، مما يزيد من معاناة المدنيين.

شاركها.