يشهد قطاع السياحة في بولندا نموًا ملحوظًا، حيث أظهرت البيانات ارتفاعًا كبيرًا في حجوزات السفر خلال العام الحالي، خاصة مع اقتراب موسم الأعياد. وتبرز السياحة في بولندا كوجهة مفضلة بشكل متزايد للسياح الأوروبيين، مدفوعةً بأسعارها التنافسية، وأجوائها الاحتفالية، وتراثها الثقافي الغني.

ووفقًا لموقع Kiwi.com، زادت حجوزات السفر إلى بولندا بأكثر من 55% خلال العام الماضي. ويشير هذا النمو إلى تحول في تفضيلات المسافرين، الذين يبحثون عن بدائل ذات قيمة مقابل المال في ظل ارتفاع تكاليف السفر في أنحاء أخرى من أوروبا. وتعتبر المدن البولندية، مثل كراكوف ووارسو، من بين الوجهات الأكثر طلبًا.

لماذا تشهد السياحة في بولندا ازدهارًا؟

هناك عدة عوامل تساهم في هذا الازدهار. أولاً، الأسعار المعقولة للإقامة والطعام والأنشطة الترفيهية تجعل بولندا جذابة للمسافرين ذوي الميزانيات المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع بولندا بتقاليد عيد الميلاد المتجذرة بعمق، والتي تتجلى في أسواق عيد الميلاد المزينة بشكل جميل، والأطعمة الموسمية اللذيذة، والفعاليات الثقافية المتنوعة.

كما أن المطبخ البولندي التقليدي يلعب دورًا هامًا في جذب السياح. فالعديد من الزوار يرغبون في تجربة أطباق مثل البيروجي (زلابية)، وحساء بارشز مع أوزكي (زلابية صغيرة)، وكعكة ماكوفيتس (بذور الخشخاش). ويشجع المرشدون السياحيون ومواقع الطهي الزوار على استكشاف هذه النكهات المحلية.

زيادة الإقبال من دول أوروبا الشرقية

من المثير للاهتمام أن بولندا أصبحت وجهة رئيسية للسياح الرومانيين خلال فترة الأعياد، حيث ارتفعت الحجوزات بمقدار ثلاثة أضعاف مقارنة بالعام السابق. وتوفر شركة Wizz Air رحلات جوية مباشرة من بوخارست إلى مدن بولندية رئيسية مثل غدانسك ووارسو وفروتسواف وكراكوف، مما يسهل الوصول إلى البلاد. كما تساهم رحلات طيران رايان إير وLOT في زيادة الاتصال الجوي.

بالإضافة إلى رومانيا، لوحظ أيضًا زيادة في عدد السياح القادمين من السويد وألمانيا واليونان وفرنسا والدنمارك وجمهورية التشيك والبرتغال وهولندا وليتوانيا. وهذا يدل على أن جاذبية بولندا كوجهة سياحية تتجاوز حدود أوروبا الشرقية.

كراكوف ووارسو: محوران للسياحة

وفقًا لتقارير Travel and Tour World (TTW)، فإن كراكوف ووارسو هما المدينتان اللتان تتمتعان بأكبر قدر من الشعبية بين الزوار الأجانب. ويعزى ذلك إلى أسعار التذاكر المعقولة وأسواق عيد الميلاد الرائعة التي تشتهر بها المدينتان. ويصف خبراء TTW كراكوف بأنها تتمتع بأجواء فريدة وتعتبر من أجمل مدن عيد الميلاد في أوروبا.

تتميز كراكوف بمركزها التاريخي الذي تم الحفاظ عليه جيدًا، وقلاعها القديمة، ومتاحفها المتنوعة. بينما تقدم وارسو مزيجًا من التاريخ والثقافة الحديثة، مع مبانيها التي أعيد بناؤها بعد الحرب العالمية الثانية، ومراكزها التجارية النابضة بالحياة.

تكاليف السفر والاتجاهات المستقبلية

يساهم انخفاض متوسط ​​تكلفة تذكرة الطيران إلى بولندا في زيادة الإقبال السياحي. فقد بلغ متوسط ​​التكلفة خلال فترة الأعياد 123 يورو هذا العام، وهو أقل بمقدار 10 يورو عن العام السابق. كما سجلت الرحلات الجوية الطويلة تخفيضات أكبر، تصل إلى 23%. ويشير هذا إلى أن شركات الطيران تقدم عروضًا تنافسية لجذب المسافرين إلى بولندا.

بالإضافة إلى ذلك، يميل السياح إلى التخطيط لرحلاتهم مسبقًا، حيث يحجزون التذاكر قبل 54 يومًا من السفر في المتوسط. ومع ذلك، من المتوقع أن تكون مدة الإقامة في بولندا أقصر، حيث ستستمر بمتوسط ​​ستة أيام، أي أقل بيومين عما كانت عليه في عام 2024. قد يعكس هذا الاتجاه رغبة المسافرين في استكشاف المزيد من الوجهات في فترة زمنية محدودة.

تشير التوقعات إلى أن السياحة في بولندا ستستمر في النمو في السنوات القادمة. إذا استمر هذا الاتجاه، فقد تصبح بولندا منافسًا قويًا للوجهات السياحية الأوروبية التقليدية مثل النمسا وألمانيا. ويعتبر هذا تطورًا إيجابيًا لقطاع الفنادق والمطاعم، حيث من المتوقع أن يشهدوا موسمًا مزدهرًا وناجحًا. ومع ذلك، من المهم مراقبة التطورات الجيوسياسية والاقتصادية التي قد تؤثر على حركة السياحة العالمية.

شاركها.