أعلن المجلس العسكري الحاكم في النيجر عن التعبئة العامة للبلاد، وذلك في إطار جهود مكثفة لمواجهة تصاعد الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة. يهدف هذا الإجراء إلى تعزيز الأمن القومي وحماية الأراضي والمواطنين من التهديدات الداخلية والخارجية المتزايدة، خاصةً مع استمرار التحديات الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي. وتأتي هذه الخطوة بعد فترة من التوتر وعدم الاستقرار السياسي في النيجر.
التعبئة العامة في النيجر: استجابة للتصعيد الأمني
جاء قرار التعبئة العامة بعد اجتماع لمجلس الوزراء، حيث أكدت الحكومة على “ضرورة الحفاظ على سلامة الأراضي الوطنية وحماية السكان ومؤسسات الدولة ومصالحها الحيوية من أي تهديد داخلي أو خارجي”. ووفقًا لبيان رسمي، قد يتم تسخير الأفراد والممتلكات والخدمات للمساهمة في الدفاع عن الوطن، وذلك بما يتوافق مع القوانين والتشريعات المعمول بها. هذا الإعلان يعكس قلقًا عميقًا بشأن الوضع الأمني المتدهور في النيجر.
تاريخ من الهجمات المتزايدة
تواجه النيجر منذ حوالي 10 سنوات هجمات دامية من قبل جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، مما أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح. تشير تقديرات “منظمة مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة” إلى أن هذه الهجمات أودت بحياة ما يقرب من ألفي شخص منذ بداية العام الحالي. وتتركز هذه الهجمات بشكل خاص في المناطق الحدودية والنائية.
بالإضافة إلى ذلك، تشهد مناطق جنوب شرق البلاد هجمات متكررة من جماعة بوكو حرام وتنظيم ولاية غرب أفريقيا. هذه الجماعات تستغل الفراغ الأمني والظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة لتوسيع نفوذها وتنفيذ عملياتها الإرهابية.
خلفية سياسية وأمنية معقدة
تأتي هذه التعبئة العامة في أعقاب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيًا محمد بازوم في يوليو/تموز 2023. ومنذ ذلك الحين، يواجه المجلس العسكري الحاكم ضغوطًا متزايدة من المجتمع الدولي والجماعات الإقليمية لإعادة السلطة إلى المدنيين.
في الوقت نفسه، طلب المجلس العسكري من القوات الفرنسية والأمريكية، التي كانت تعمل في النيجر لمكافحة الجماعات المسلحة، مغادرة البلاد. وقد أثر هذا القرار على التعاون الأمني مع هذه الدول، مما زاد من التحديات التي تواجهها النيجر في مواجهة التهديدات الإرهابية.
التعاون الإقليمي: بالإضافة إلى ذلك، أنشأت النيجر بالتعاون مع مالي وبوركينا فاسو – وكلها دول يحكمها مجالس عسكرية – قوة مشتركة قوامها 5 آلاف جندي بهدف مكافحة الجماعات المسلحة في المنطقة. يهدف هذا التحرك إلى تعزيز التنسيق وتبادل المعلومات والخبرات بين هذه الدول لمواجهة التحدي الأمني المشترك.
توسيع القدرات العسكرية
يذكر أن النيجر قامت بتوسيع جيشها قبل خمس سنوات، حيث ضاعف حجمه إلى 50 ألف جندي، كما رفعت سن التقاعد للضباط من 47 إلى 52 عامًا. هذه الخطوات تهدف إلى تعزيز القدرات العسكرية للبلاد وزيادة فعاليتها في مواجهة التهديدات الأمنية.
الدعم المالي: تسعى الحكومة أيضًا إلى حشد الدعم المالي من المواطنين من خلال صندوق تم إنشاؤه في عام 2023 لتمويل شراء المعدات العسكرية وتنفيذ مشاريع زراعية تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية وتقليل عوامل التجنيد في الجماعات المسلحة.
مستقبل الأمن في النيجر
من المتوقع أن يستمر المجلس العسكري في اتخاذ إجراءات إضافية لتعزيز الأمن القومي، بما في ذلك زيادة الدعم اللوجستي للقوات المسلحة وتكثيف العمليات العسكرية ضد الجماعات المسلحة. ومع ذلك، فإن الوضع الأمني في النيجر لا يزال هشًا وغير مؤكد، ويتأثر بعوامل إقليمية ودولية معقدة.
سيراقب المراقبون عن كثب تطورات الوضع في النيجر، وخاصةً فعالية التعبئة العامة وقدرة القوة المشتركة مع مالي وبوركينا فاسو على تحقيق الاستقرار الأمني في المنطقة. كما سيكون من المهم متابعة ردود فعل المجتمع الدولي على هذه التطورات، واحتمالية تقديم دعم إضافي للنيجر لمساعدتها في مواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها.






