Site icon السعودية برس

“S&P” تعيد تصنيف المغرب إلى الدرجة الاستثمارية بنظرة مستقرة

استعاد المغرب تصنيف الدرجة الاستثمارية من وكالة “إس آند بي غلوبال ريتنغز” (S&P Global Ratings) بعدما فقدها قبل أربع سنوات، ويمثل الرفع دفعةً قويةً للمملكة بينما تنفذ مشاريع بنية تحتية ضخمة استعداداً لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030.

رفعت الوكالة تصنيف المغرب الائتماني يوم الجمعة من “BB+” إلى “BBB-” مع توقعات مستقرة. كانت المملكة فقدت تصنيف الدرجة الاستثمارية عام 2021 عندما أثّرت جائحة كوفيد والجفاف سلباً على اقتصاد المملكة.

سعت البلاد خلال السنوات الأخيرة لاستعادة الدرجة الاستثمارية بالعمل على ضبط الميزانية بشكل أكبر رغم التزامات الإنفاق الضخمة الناجمة عن زلزال الحوز المدمر عام 2023 ومتطلبات تأهيل البلاد لاستضافة “المونديال” بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال.

سجل عجز ميزانية المغرب العام الماضي نحو 3.9% من الناتج المحلي، ويتوقع أن يستقر هذا العام قبل أن ينخفض إلى 3.4% العام المقبل، وفقاً لبيانات صدرت عن بنك المغرب المركزي الأسبوع الماضي.

قالت وكالة التصنيف الائتماني في بيان لها أن “إن الأداء الاقتصادي الأخير للمغرب وتوقعاته المستقبلية مدعومان بمزيج السياسات والزخم القوي للإصلاحات الهيكلية الاجتماعية والاقتصادية والمالية، والذي يتوقع أن يُسهم في زيادة تنويع الاقتصاد”.

إنفاق ضخم قبل كأس العالم 2030

يُعد هذا الرفع أمراً بالغ الأهمية للمغرب في سعيه لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر لتحفيز النمو الاقتصادي، إذ تقدر الاستثمارات المتوقعة حتى نهاية العقد الجاري بأكثر من 170 مليار دولار بحسب تقديرات سابقة لوحدة الأبحاث “التجاري غلوبال ريسرش”، التابعة لمصرف “التجاري وفا”، أكبر مُقرض في المملكة. ويشمل ذلك بناء وتأهيل الملاعب وتوسعة الموانئ وتمديد السكك الحديدية ورفع الطاقة الاستيعابية لشركة “الخطوط الملكية المغربية” الحكومية، إضافة إلى محطات تحلية مياه البحر لمواجهة الإجهاد المائي المتنامي.

قالت وكالة “إس آند بي” إن عجز الميزانية قد يتقلص إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2026، بدعم من ارتفاع الإيرادات الحكومية، مما يُؤدي إلى انخفاض بطيء في نسبة الدين العام للحكومة إلى الناتج المحلي الإجمالي.

اقرأ أيضاً: المغرب يضخ 4.2 مليار دولار لتأهيل مطارات رئيسية قبل كأس العالم 2030

في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، سجلت الإيرادات الحكومية، وأغلبها من الضرائب، نمواً بنسبة 13.2% على أساس سنوي لتصل إلى 257 مليار درهم، لكن يزال الإنفاق الحكومي ينمو بوتيرة أكبر.

ترى وكالة التصنيف أن “اقتصاد المغرب أثبت صموده في وجه الصدمات الاقتصادية المتتالية، والتي كان آخرها عدم استقرار التجارة العالمية نتيجةً للرسوم الجمركية الأميركية”.

سجل الناتج المحلي للمملكة العام الماضي نمو بنسبة 3.8% ويتوقع أن يرتفع إل 4.6% هذا العام. قالت “إس آند بي” إن “آفاق النمو الاقتصادي تبدو قوية، إذ يُتوقع أن يبلغ متوسط ​​نمو الناتج المحلي 4% خلال الفترة 2025-2028″، لكنها حذرت من أن “آفاق النمو لا تزال هشةً بسبب الآثار السلبية لتغير المناخ على الإنتاج الزراعي”.

إصدارات المغرب في السوق الدولية

لا تزال شركتا التصنيف الائتماني الرئيسيتان الأخريان، “موديز” و”فيتش”، تُصنفان المغرب ضمن الشريحة العليا من الدرجة غير الاستثمارية، مع نظرة مستقبلية مستقرة في كلا التصنيفين.

لم يمنع التصنيف ضمن فئة السندات غير الاستثمارية المغرب من إصدار ديون خارجية. حيث جمع ملياري يورو في مارس الماضي من أول إصدار لسندات سيادية له منذ عام 2023، مستقطباً أكثر من ثلاثة أضعاف هذا المبلغ من طلبات الاكتتاب. وقد حقق هذا الإصدار أداءً قوياً، حيث انخفض العائد بنحو 40 نقطة أساس منذ ذلك الحين.

اقرأ أيضاً: المغرب يبيع سندات لجمع ملياري يورو لتمويل الإنفاق على كأس العالم

قد يفقد المغرب من جديد التصنيف الاستثماري في حال “انحراف الأداء المالي للحكومة سلباً وبشكل كبير عن توقعاتنا الحالية” بحسب وكالة التصنيف، كما أشارت أيضاً إلى سيناريو “سوء الوضع الخارجي بشكل كبير، على سبيل المثال بسبب التوترات التجارية أو انخفاض الطلب من شركائه التجاريين”.

في المقابل، قد تستفيد البلاد من رفع التصنيف مستقبلاً شرط “تحسن النمو الاقتصادي والوضع المالي بما يتجاوز التوقعات الحالية، أو تم اتخاذ خطوات كبيرة أخرى نحو نظام سعر صرف أكثر مرونة”.

كان والي بنك المغرب المركزي أشار الثلاثاء الماضي إلى استعداد البلاد لمرحلة جديدة لسعر صرف عملته الدرهم في عام 2027 بعد سنة تجريبية العام المقبل. تتحرك العملة المحلية بنطاق حدود 5% صعوداً هبوطاً، مع الاستمرار في ربطها بسلّة عملات تضم اليورو بنسبة 60% والدولار بنسبة 40%.

اقرأ أيضاً: المغرب يدرس الوقت المناسب لفك ارتباط الدرهم باليورو والدولار

بين النمو الاقتصادي وارتفاع البطالة

أشارت وكالة التصنيف إلى توزان النظرة المستقرة للمغرب “بين الزخم القوي للإصلاح الهيكلي الذي يدعم النمو الاقتصادي والتنويع وتعزيز الميزانية، في مقابل انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي، وارتفاع معدلات البطالة، والتعرض للأحداث المرتبطة بالمناخ، والتوترات الجيوسياسية العالمية”.

يتوقع أن يرتفع يرتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى أكثر من 5700 دولار في عام 2028 مقارنةً بـ4700 دولار هذا العام، وهو مستوى تعتبر الوكالة منخفضاً.

ولا يزال معدل البطالة في المملكة عند أعلى مستوياته حيث سجل في نهاية الربع الثاني 12.8% في نهاية الربع الثاني حين لم يُحدث الاقتصاد إلا 5000 وظيفة صافية، مقابل 282 ألف منصب شغل في الربع الأول.

يأتي ارتفاع البطالة على الرغم من أداء النمو الاقتصادي في المملكة بداية العام حيث سجلت الأشهر الثلاثة الأولى نمواً بنسبة 4.8%، في أفضل أداء فصلي منذ الربع الأخير من عام 2021.

Exit mobile version