Site icon السعودية برس

55 عامًا على رحيل زعيم الأمة| رفع شعار «ما أخذ بالقوة يسترد بالقوة» ونضاله ضد الاحتلال ممتد إلى الآن.. محطات في حياة جمال عبدالناصر

تحل اليوم، 28 سبتمبر، الذكرى الخامسة والخمسون لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر، ثاني رؤساء مصر وأحد أبرز القادة العرب في القرن العشرين.

فقد ارتبط اسمه بمشروع التحرر الوطني والقومية العربية، وبات رمزًا للكرامة والسيادة الوطنية في مواجهة الاستعمار والقوى العظمى. 
وبرغم مرور أكثر من نصف قرن على رحيله، ما زال حضوره حاضرًا في الذاكرة الشعبية العربية، ليتجدد النقاش حول إنجازاته وإخفاقاته، وتبقى تجربته علامة فارقة في التاريخ الحديث لمصر والمنطقة.

النشأة والبدايات:

ولد جمال عبد الناصر في 15 يناير 1918 بحي باكوس بالإسكندرية، لأسرة تنتمي إلى صعيد مصر (قرية بني مر بمحافظة أسيوط). 
تنقل بين الإسكندرية والقاهرة في طفولته، والتحق بالكلية الحربية وتخرج عام 1938 كضابطًا في الجيش المصري.
منذ شبابه المبكر، برزت لديه نزعة قومية واضحة، خاصة بعد أن شهد بعينيه تظاهرات الطلبة ضد الاحتلال البريطاني، وأحداث 1935 التي تركت أثرًا عميقًا في وعيه السياسي.

ثورة يوليو 1952:

قاد عبد الناصر مجموعة “الضباط الأحرار” الذين أنهوا حكم الملك فاروق في 23 يوليو 1952، واضعين نهاية لعهد الملكية وبداية عهد الجمهورية.
حتى برز سريعًا كقائد للثورة وصاحب الكلمة العليا، حتى أصبح ثاني رئيس لمصر عام 1954 بعد اللواء محمد نجيب.

إنجازاته الداخلية

الزعيم الوطني

قاد ثورة 23 يوليو 1952 مع الضباط الأحرار، وأنهى الحكم الملكي في مصر، ليؤسس الجمهورية ويضع حدًا لحقبة الاستعمار البريطاني والهيمنة الأجنبية.

الإصلاح الزراعي

أصدر قوانين لتوزيع الأراضي على الفلاحين، وحدد الملكية الزراعية، مما أعاد التوازن الاجتماعي وأنصف الطبقات الفقيرة.

التعليم للجميع

جعل التعليم مجانيًا في جميع مراحله، وفتح الجامعات أمام أبناء البسطاء، فساهم في خلق جيل جديد من الكوادر العلمية والمهنية.

الصناعة والمشروعات القومية

أطلق خططًا للتصنيع الوطني، وأسس مصانع كبرى مثل الحديد والصلب، إلى جانب مشروع السد العالي الذي وفر الكهرباء وحمى مصر من مخاطر الفيضان والجفاف.

قائد العدالة الاجتماعية

تبنى سياسات تهدف لتقليل الفجوة بين الطبقات، مثل تحديد الأجور وتوفير الدعم للسلع الأساسية، ليجعل العدالة الاجتماعية ركنًا أساسيًا في حكمه.

رمز الوحدة العربية

رفع شعار القومية العربية، وأعلن الوحدة مع سوريا (1958–1961)، ودعم حركات التحرر في الجزائر واليمن وفلسطين، معتبرًا أن فلسطين قضية العرب المركزية.

مواجهة الاستعمار

أمّم قناة السويس عام 1956 متحديًا بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وانتصر سياسيًا في العدوان الثلاثي، ليصبح رمزًا عالميًا للتحرر الوطني.

نكسة 1967

تحمل مسؤولية الهزيمة أمام إسرائيل وخسارة سيناء، وأعلن استقالته، لكن الملايين خرجت ترفض رحيله، فعاد ليستكمل قيادة مصر حتى وفاته.

حرب الاستنزاف (1968 – 1970)
 

أطلق حرب الاستنزاف ضد إسرائيل لإعادة الثقة للجيش والشعب، حيث مهدت هذه الحرب لانتصار أكتوبر 1973 بعد رحيله.

الدور العربي لجمال عبد الناصر

الوحدة العربية

رفع جمال عبد الناصر شعار الوحدة العربية باعتبارها السبيل لاستعادة القوة والكرامة، وأعلن في فبراير 1958 قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا، كأول تجربة للوحدة في التاريخ العربي الحديث، ورغم أنها انتهت في عام 1961، إلا أنها تركت أثرًا كبيرًا ورسخت فكرة الوحدة كحلم قومي للأمة.

دعم حركات التحرر

كان عبد الناصر من أبرز الداعمين لحركات التحرر العربي ضد الاستعمار. 

فقد دعم الثورة الجزائرية بالسلاح والمال والإعلام حتى تحقق الاستقلال عام 1962، كما وقف إلى جانب الثورة اليمنية ضد حكم الإمامة، وقدم دعمًا مباشرًا للمقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

منظمة التحرير الفلسطينية

لعب دورًا محوريًا في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 خلال مؤتمر القمة العربي بالقاهرة، لتكون كيانًا رسميًا يمثل الشعب الفلسطيني ويقود نضاله على الساحة الدولية.

القضية الفلسطينية

اعتبر عبد الناصر أن فلسطين هي القضية المركزية للعرب، وربط مصير الأمة بمصيرها، وكانت مواقفه في هذا الملف سببًا رئيسيًا في صدامه المستمر مع إسرائيل وحلفائها، حيث أكد مرارًا أن “ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة”

ما قبل وفاة جمال عبد الناصر

قبل وفاته بأيام قليلة، كان عبد الناصر يعيش ضغوطًا سياسية ونفسية كبيرة، خصوصًا مع استمرار الصراع العربي الإسرائيلي بعد هزيمة 1967، ومحاولاته المستمرة لتوحيد الصف العربي.

آخر معركة سياسية قادها كانت قمة القاهرة 1970 لإنهاء الحرب الأهلية في الأردن (أحداث أيلول الأسود) بين الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية.

بذل جهدًا كبيرًا في التوسط بين الملك حسين ومنظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، ونجح في التوصل إلى وقف إطلاق النار.

عاد إلى منزله بعد انتهاء القمة وهو مرهق جدًا، وبعد ساعات قليلة أصيب بأزمة قلبية مفاجئة يوم 28 سبتمبر 1970، وفارق الحياة عن عمر 52 عامًا.

الرحيل والإرث

رحل في 28 سبتمبر 1970 وسط جنازة مليونية تاريخية، حيث جنازته كانت واحدة من أكبر الجنازات في العالم، شارك فيها ملايين المصريين والعرب، وحضرها قادة دولية وعربية بارزة.

وفي النهاية، ما زال ينظر إلي الزعيم جمال عبد الناصر كرمز للكرامة الوطنية والتحرر العربي، رغم الجدل حول بعض سياساته وإخفاقاته.

Exit mobile version