قال مسؤولان إسرائيليان إن إسرائيل تريد إلحاق أذى بحزب الله اللبناني، لكنها لا تريد جر الشرق الأوسط إلى حرب شاملة، وذلك في ظل تأهب لبنان لرد إسرائيلي بعد حادثة سقوط صاروخ على مجدل شمس في الجولان السوري المحتل.
وذكر مسؤولان إسرائيليان آخران أن إسرائيل تستعد لاحتمال اندلاع قتال يستمر لبضعة أيام، في حين نقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن الرئيس مسعود بزشكيان قوله خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون -أمس الاثنين- إن أي هجوم إسرائيلي على لبنان ستكون له “عواقب وخيمة” على إسرائيل. ولم يخض بزشكيان في التفاصيل.
وتحدث المسؤولون الأربعة لرويترز، ومن بينهم مسؤول دفاعي كبير ومصدر دبلوماسي، لرويترز -شريطة عدم الكشف عن هوياتهم- ولم يقدموا مزيدا من المعلومات عن خطط إسرائيل للرد.
وقال المصدر الدبلوماسي إن “التقدير هو أن الرد لن يؤدي إلى حرب شاملة”. وأضاف “لن يكون ذلك في مصلحتنا في هذه المرحلة”.
نتنياهو يواصل التهديد
من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -في بيان أصدره مكتبه أمس الاثنين بعد زيارته لمجدل شمس- إن “دولة إسرائيل لن تسمح، ولا يمكنها السماح، بمرور هذا. ردنا قادم، وسيكون قاسيا”.
وكرر نتنياهو، خلال زيارته لموقع سقوط الصاروخ في البلدة، اتهامه حزب الله بإطلاق الصاروخ.
وأعرب المئات من أهالي بلدة مجدل شمس عن رفضهم زيارة نتنياهو لموقع سقوط الصاروخ في البلدة. كما رفضت عائلات الضحايا استقبال نتنياهو. وقالت مراسلة الجزيرة إن نشطاء في مجدل شمس رفعوا لافتات كُتب عليها “مجرم حرب” خلال زيارة نتنياهو للمكان.
والسبت، قُتل 12 درزيا، معظمهم أطفال، وأُصيب نحو 40 آخرين، جراء سقوط صاروخ على ملعب لكرة القدم بمجدل شمس في هضبة الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل منذ حرب 1967.
وبينما اتهم الجيش الإسرائيلي حزب الله بالوقوف خلف الحادثة وتوعد بتوجيه “ضربة قوية” له، نفى الحزب أي مسؤولية عنها، رغم القصف المتبادل بينهما منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
حملة دبلوماسية أميركية
وقالت 5 مصادر مطلعة لرويترز إن الولايات المتحدة تقود حملة دبلوماسية لردع إسرائيل عن ضرب العاصمة اللبنانية بيروت أو البنى الأساسية المدنية الرئيسية.
وقالت المصادر لرويترز إن تركيز الجهود الدبلوماسية الحثيثة على تقييد رد إسرائيل من خلال حثها على عدم استهداف بيروت المكتظة بالسكان أو الضاحية الجنوبية للمدينة التي تشكل معقل حزب الله أو البنى الأساسية الرئيسية، مثل المطارات والجسور.
وفي حين ألقت واشنطن أيضا باللوم على حزب الله في الهجوم الصاروخي ودافعت عن حق إسرائيل في الرد، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن شدد على أهمية تجنب تصعيد الصراع خلال اتصال هاتفي يوم الاثنين مع رئيس إسرائيل إسحاق هرتسوغ.
وبحث الجانبان جهود التوصل إلى حل دبلوماسي يسمح للمواطنين على جانبي الحدود بالعودة إلى ديارهم.
من جهته، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إن الهجوم على الجولان يجب ألا يؤثر على المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح المحتجزين في القطاع.
وبدورها، قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) إنها كثفت اتصالاتها مع إسرائيل والسلطات اللبنانية لتهدئة التوتر. وقال أندريا تيننتي المتحدث باسم اليونيفيل “لا أحد يريد نشوب صراع أوسع نطاقا، لكن سوء تقدير قد يؤدي إلى ذلك، وما زال هناك مجال للتوصل إلى حل دبلوماسي”.
وشدد وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب على ضرورة ضبط النفس لتجنب حرب إقليمية، وذلك خلال محادثاته مع منسِّقة الأمم المتحدة الخاصة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت.
وأُلغيت أو أُرجئت رحلات جوية في مطار بيروت الدولي، وسط مخاوف شركات الطيران من رد إسرائيل.
وفاقم الهجوم المخاوف من تحول الأعمال القتالية المستمرة منذ شهور بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب أوسع نطاقا وأكثر تدميرا.
وقالت مصادر إن غارة إسرائيلية بطائرة مسيرة قتلت اثنين من مسلحي حزب الله في جنوب لبنان يوم الاثنين، بالإضافة إلى 3 آخرين، بينهم طفل رضيع. وكانت هذه أول وفيات في لبنان منذ هجوم السبت، بينما قال الجيش الإسرائيلي إن الدفاعات الجوية أسقطت طائرة مسيرة عبرت من لبنان إلى منطقة الجليل الغربي يوم الاثنين.
رد محدود ذو مغزى
وقد فوض مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت بتحديد طريقة وتوقيت الرد على هجوم السبت.
وأكد غالانت، في تعليقات لنظيره الأميركي لويد أوستن يوم الاثنين، أن “حزب الله وكيل إيران” سيتحمل المسؤولية عن الضربة الصاروخية.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤولين لم تكشف عن هوياتهم القول إن الرد سيكون “محدودا لكنه ذو مغزى”.
وأشار التقرير إلى أن خيارات الرد تتراوح بين هجوم محدود على البنية التحتية، مثل الجسور ومحطات الكهرباء والموانئ، وضرب مستودعات أسلحة حزب الله أو استهداف قادة كبار بالجماعة.
ولكن وزير المالية الإسرائيلي وزعيم حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش طالب باحتلال جنوب لبنان ونقل المنطقة العازلة من شمالي إسرائيل إلى الأراضي اللبنانية.
ورأى سموتريتش -خلال خطاب خصصه للوضع في الجبهة الشمالية- أن الحل الوحيد من أجل إعادة الأمن لسكان الشمال هو الحرب وتدمير حزب الله.
ومنذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها حزب الله، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر الخط الأزرق الفاصل أسفر عن مئات القتلى والجرحى، معظمهم بالجانب اللبناني.
وترهن الفصائل وقف القصف بإنهاء إسرائيل حربا تشنها بدعم أميركي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خلّفت أكثر من 130 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.
وتواصل تل أبيب الحرب على غزة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.