قال مسؤولان أمريكيان كبيران لشبكة CNN إن روسيا يبدو أنها حولت عدة آلاف من قواتها من الأراضي المحتلة داخل أوكرانيا لمواجهة هجوم أوكراني ناجح بشكل مفاجئ داخل الحدود الروسية في خطوة من شأنها إضعاف جهود موسكو الحربية.
وقد لفت هذا التطور انتباه الولايات المتحدة، ويعمل المسؤولون الأميركيون الآن على تحديد العدد الدقيق للقوات التي تقوم روسيا بنقلها، لكن مصادر قالت إن عدة عناصر بحجم لواء يتألف كل منها من ألف جندي على الأقل يبدو أنها انتقلت إلى منطقة كورسك، حيث أطلقت أوكرانيا عملية الأسبوع الماضي.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي لشبكة CNN يوم الخميس: “من الواضح لنا أن السيد بوتن والجيش الروسي يحولان بعض الموارد، وبعض الوحدات، نحو منطقة كورسك لمواجهة ما يفعله الأوكرانيون”.
وقال كيربي إن تحركات القوات الروسية بعيدا عن أوكرانيا “لا تعني أن السيد بوتن تخلى عن العمليات العسكرية في الجزء الشمالي الشرقي من أوكرانيا أو حتى نحو الجنوب، نحو أماكن مثل زابوريزهيا”. “لا يزال هناك قتال نشط على طول تلك الجبهة”.
ولكن هذه التحركات أثارت احتمالاً مثيراً للاهتمام بأن ما بدا في الأصل وكأنه محاولة خيالية من جانب أوكرانيا لإذلال الرئيس الروسي فلاديمير بوتن قد يكون له تأثير استراتيجي أكثر أهمية على ساحة المعركة، وهذا يتوقف على المدة التي تتمكن فيها أوكرانيا من الاحتفاظ بالأراضي الروسية.
وقد أثارت العملية الأوكرانية إعجاب المسؤولين الأميركيين، وخاصة الطريقة التي تمكن بها الجيش الأوكراني من إبقاء تفاصيلها سرية للغاية ــ حتى أن التوغل فاجأ المسؤولين الأميركيين، كما قال المسؤولون.
ورغم أن العملية قد تؤدي إلى إضعاف بعض دفاعات أوكرانيا على طول خط المواجهة الذي يمتد 600 ميل، فإنها قد تؤدي أيضا إلى تحويل انتباه القوات الروسية التي كانت تحقق بعض المكاسب التدريجية داخل أوكرانيا خلال الصيف، حسبما أضافت المصادر. وتقول أوكرانيا إنها استولت على أكثر من 1000 كيلومتر مربع (386 ميلا مربعا) من الأراضي الروسية منذ بدء هجومها المفاجئ، مما أجبر عشرات الآلاف من الروس على النزوح من منازلهم.
وقال مسؤول أميركي كبير ومسؤول استخباراتي أوروبي كبير إن الهدف الرئيسي للعملية يبدو أنه خلق “معضلات استراتيجية” لبوتن، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمكان الذي ينبغي لروسيا أن تخصص فيه القوى العاملة.
ومع ذلك، يعتقد أن روسيا لديها مئات الآلاف من الجنود على الخطوط الأمامية في أوكرانيا، وبالتالي فإن تحويل بضعة آلاف منهم ربما لا يكون له تأثير كبير في الأمد القريب، حسبما قال مسؤولون.
كما لا يبدو أن روسيا تنقل وحداتها الأكبر حجماً والأفضل تدريباً بعيداً عن أوكرانيا إلى كورسك حتى الآن، وفقاً لمصدرين آخرين مطلعين على الاستخبارات الغربية. وقال أحد هذين المصدرين إن روسيا تعمل بدلاً من ذلك على تعزيز دفاعات كورسك في المقام الأول من خلال المجندين غير المدربين الذين يتم استقدامهم من أماكن أخرى في روسيا.
وقال أحد المصادر المطلعة على الاستخبارات الأميركية: “لم نشهد تحركا كبيرا (للقوات الروسية) حتى الآن، ولا يمكننا أن نقول ما إذا كان ذلك بسبب أنهم بدأوا للتو في تحريك القوات، أو أنهم ببساطة لا يملكون القوات اللازمة للتحرك”.
وبالإضافة إلى القوات التي تم نقلها من داخل أوكرانيا، أرسلت روسيا أيضا أفرادا من منطقة لينينغراد العسكرية وكالينينغراد في روسيا للمساعدة في الدفاع عن كورسك، وفقا لما ذكره أحد كبار المسؤولين الأميركيين.
ورغم اعترافهم بالنجاح المحدود الذي حققته عملية كورسك حتى الآن، فإن العديد من المسؤولين الأميركيين والغربيين المطلعين على أحدث المعلومات الاستخباراتية حذروا من أن أوكرانيا من غير المرجح للغاية أن تتمكن من الاحتفاظ بالمنطقة لفترة طويلة، وأكدوا أنه من السابق لأوانه الحكم على كيفية تأثير العملية على النتيجة الأوسع للحرب.
وقال مسؤولون متعددون إن الولايات المتحدة تظل مترددة في السماح لأوكرانيا باستخدام الأسلحة بعيدة المدى التي قدمتها لها الولايات المتحدة داخل كورسك، ليس بسبب خطر التصعيد، ولكن لأن الولايات المتحدة لديها إمدادات محدودة فقط من الصواريخ بعيدة المدى، المعروفة باسم ATACMS، لتزويد أوكرانيا بها، وتعتقد أنها قد تستخدم بشكل أفضل لمواصلة استهداف شبه جزيرة القرم المحتلة من روسيا.
وأثار بعض المسؤولين أيضا مخاوف من أن أوكرانيا، التي قال مسؤول غربي إنها أرسلت بعض قواتها الأكثر خبرة إلى كورسك، ربما تكون قد خلقت نقاط ضعف على طول خطوطها الأمامية ربما تتمكن روسيا من استغلالها لكسب المزيد من الأرض داخل أوكرانيا.
وقال المسؤول عن عملية كورسك “إنها عملية مثيرة للإعجاب من الناحية العسكرية”. لكن أوكرانيا “تلتزم بإرسال قوات تتمتع بخبرة كبيرة في هذا المجال ولا يمكنها أن تخسر هذه القوات”.
وأضاف هذا الشخص أن “تحويلهم عن خط المواجهة يخلق فرصا لروسيا للاستفادة من الميزة وتحقيق اختراق”.