لجأت سالي كيم لأخصائية تجميل في أورانج كاونتي بولاية كاليفورنيا لتنقذ محيّاها من غزو بثور الشباب الهرمونية في الخريف الماضي، فاقترحت عليها حلاً غريباً هو علاج الوجه بسائل منوي من سمك السلمون.
اسمه جعل كيم تحجم، لكن بعدما قرأت عبر الإنترنت عن فوائده المزعومة في تنظيف البشرة من خلال “التحفيز الحيوي” قررت تجربته، وبدأت الإبر تفعل مفاعيلها.
قالت كيم في مقطع مصور نشرته عبر منصة “تيك توك” في سبتمبر: “تحقنين كل واحدة يدوياً”، مشيرة إلى وخزات حُقن الحمض النووي السمكي التي تلقّتها على وجهها بالكامل. تصنّع ”ريجوران“ (Rejuran)، العلامة التجارية التي أصبحت مرادفة لهذا العلاج، المصل القابل للحقن، وهو يحوي بولينيوكليوتيدات مستخرجة من خصيتي سمك السلمون وحيواناته المنوية.
ازدهار جراحة التجميل يسلب كوريا الجنوبية أطباءها
يمكن أن يشمل التطبيق الكامل ما يصل إلى 700 وخزة باستخدام حقنة أو اثنتين، وتتراوح تكلفته بين 500 و1000 دولار في الولايات المتحدة. في المقطع المصور، بدا قلق زوج كيم واضحاً عندما عادت إلى المنزل وبشرتها مرقطة ببثور صغيرة وخدوش دامية في موقع كل وخزة. سألها مذهولًا: “لماذا؟” فأجابت كيم: ”من أجل بشرة حسنة”.
مكاسب كبيرة
يغص فضاء ”تيك توك“ بصور وجوه مدماة بفعل رواج ”ريجوران“ الهائل. ما بدأ كعلاج تجميلي متخصص في كوريا الجنوبية، حيث تتقاضى العيادات ما بين 300 و600 دولار للجلسة، أصبح ظاهرة شائعة في الولايات المتحدة، بفضل دعم المشاهير والضجة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
خلال 12 شهراً بين يوليو 2024 ويونيو 2025، زادت عمليات البحث عن “ريجوران” على جوجل بنسبة 153%، بينما ارتفعت عمليات البحث عن “وجه السائل المنوي بالسلمون” بنسبة تقارب 5000%.
مستحضرات مكافحة شيخوخة البشرة من منظور الأطباء
لقد جلبت هذه الطفرة مكاسب كبيرة لشركة ”فارما ريسرتش“ (PharmaResearch)، مالكة ”ريجوران“، إذ ارتفع سعر سهمها المتداول في كوريا الجنوبية بأكثر من ثلاثة أضعاف خلال نفس الفترة.
تبذل مصانع الشركة في كوريا الجنوبية جهوداً حثيثة لمواكبة الطلب المتزايد. قال كبير المسؤولين الطبيين في ”فارما ريسيرتش“ مايكل كيم (لا قرابة تجمعه مع سالي رغم تشابه اسم العائلة): “لقد كان النمو شديد السرعة”. تؤكد الشركة أنها باعت أكثر من 15 مليون حقنة من المصل عالمياً خلال العقد الماضي، وتشهد توسعاً سريعاً في أوروبا والشرق الأوسط والولايات المتحدة.
في فبراير، أعلنت سلسلة “ليزر أواي”، وهي سلسلة منتجعات طبية أمريكية كبرى، عن توفير هذا العلاج في مئات المواقع في جميع أنحاء البلاد.
تزعم ”فارما ريسيرتش“ أن ”ريجوران“ يُحسّن ترطيب البشرة ومرونتها ويُقلصّ قطر المسام. يستغرق شفاء النتوءات والخدوش عادةً عدة أيام، وتتفاوت النتائج بشكل كبير. يلاحظ بعض المرضى فوائد ملحوظة، بينما لا يلاحظ آخرون أي تغيير؛ ويلاحظ معظمهم نتائج متوسطة.
رواج رغم الألم
رغم أن كريم التخدير الموضعي عادةً ما يُستخدم مسبقاً، إلا أن وخز مئات الإبر في الوجه مؤلمٌ جداً كما يبدو. قالت كيم، صانعة المحتوى التي بلغت من العمر 28 عاماً، في مقابلة: “كنت أحاول أن أنفصل عن جسدي من شدة الألم، الذي لم أحسّ بأشد منه إطلاقاً”.
لكنها تقول إن بشرتها بدت أكثر صحة وإشراقاً لأشهر بعد ذلك، وهي نتائج تُروّج لها بحماس بين أصدقائها. بعد أن حصد المقطع المصور الذي أعدته عشرات آلاف المشاهدات، أصبحت كيم ”شريكة (ريجوران)“ (#Rejuranpartner)، أي أنها عضو في شراكة ترويجية مع العلامة التجارية. ونشرت مجدداً في يونيو عن بعض منتجاتها الأخرى.
“تيك توك” يجعل من لصقات للبثور صيحة تجميل
ساهمت بعض الوجوه الشهيرة في إذكاء هذه الضجة. في أغسطس 2023، صرحت جينيفر أنيستون لصحيفة ”وول ستريت جورنال“ أنها جربت علاجاً للوجه باستخدام سائل منوي من سمك السلمون بناءً على توصية أخصائية تجميلها، على الرغم من أنها شككت في مصدر المصل وفعاليته. في يوليو 2024، كشفت كيم كارداشيان في برنامجها على ”هولو“ أنها جربته أيضاً.
كيف يُستخرج الحمض النووي من سائل منوي سمك السلمون بالضبط؟ وفقًا لشركة ”فارما ريسيرتش“، تُعتبر هذه العملية شكلاً من أشكال إعادة التدوير.
يعود سمك السلمون الكوري سنوياً إلى الأنهار الساحلية للتكاثر ويموت كجزء من دورة حياته الطبيعية. تجمع الحكومة بعض الأسماك لبرامج تكاثر اصطناعية بغرض الحفاظ على الأنواع البرية. أما الحيوانات المنوية والخصيتان اللتان كان يمكن التخلص منهما، فتُصبحان المادة الخام لدى ”ريجوران“. قال كيم من شركة ”فارما ريسيرتش“: “يتم اصطيادها على أي حال، وستموت على أي حال”.
أميرات من الفضاء
تكمن شعبية هذا العلاج في اسمه ذي الوقع الغريب، بالإضافة إلى عامل الصدمة البصرية الذي يُصيب المرضى الذين يغادرون المنتجعات الطبية وهم يبدون كأميرات فضائيات (وهو تعبير استعرناه من أحد مقاطع الفيديو المنتشرة) لتنقشع آثار الوخز بعد بضعة أسابيع فتكشف عن بشرة متألقة بعد أسابيع. تجعله تكلفته رفاهيةً أقرب لمتناول اليد مقارنةً بالبدائل الأخرى، مثل علاجات الوجه بالخلايا الجذعية أو الحشوات باهظة الثمن، والتي تتراوح أسعارها بين 1000 و5000 دولار.
لقد جلب نجاح المنتج بعض التعقيدات. بينما تسمح كوريا الجنوبية وسنغافورة بالحقن المباشر للمادة المشتقة من سمك السلمون، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على استخدامه موضعياً فقط.
توفر بعض المنتجعات الطبية الأميركية الحقن رغم ذلك، بينما تلجأ أخرى إلى طرق بديلة للالتفاف على القيود. على سبيل المثال، تقدم شركة ”ليزر أوي“ (LaserAway) تقنية الوخز بالإبر الدقيقة بالتزامن مع استخدام ”ريجوران“ موضعياً، فتحدث بذلك قنوات دقيقة في البشرة تساعد على امتصاص التركيبة.
الماريجوانا ومستحضرات التجميل ينعشان الزراعة الرأسية في كوريا الجنوبية
كما تبيع ”ريجوران“ سيرومات على موقعها الإلكتروني لمن يرغبن في خيار بلا إبر. شركات أدوية أخرى، منها ”ماستيلي“ (Mastelli) ومجموعة “بروموتاليا“ (Promoitalia) الإيطاليتان، تصنع منتجات حقن مشابهة تواجه قيود إدارة الغذاء والدواء الأميركية نفسها.
لقد استقطبت الجوانب التنظيمية الضبابية الاهتمام. سلّط الكوميدي جون أوليفر الضوء على علاجات الوجه بسائل منوي السلمون في فقرة حديثة من برنامج “لاست ويك تونايت”، واصفاً المنتجعات الصحية بأن حالها أشبه “بالغرب المنفلت” في مجال الرعاية الصحية بسبب الرقابة غير المتسقة.
وخلصت مراجعة أكاديمية أُعدّت في عام 2024، وتناولت البولينيوكليوتيدات في الطب التجميلي، إلى أنه بعض الدراسات بيّنت “تحسناً كبيراً في مرونة الجلد وترطيبه”، أظهرت أخرى “فوائد محدودة أو معدومة”.
قال غابرييل تشيو، جراح التجميل في بيفرلي هيلز، إنه يرفض تقديم هذا العلاج، على الرغم من طلب المرضى. أضاف أن هناك بدائل طبية راسخة لتنعيم البشرة وتفتيحها، مثل حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية، والمعروفة أيضاَ باسم علاجات مصاصي الدماء، حيث يُضخ دم المريض نفسه إلى جلده.
قال عن ظاهرة حيوانات منوية السلمون: “إنها مؤقتة وتجميلية أكثر منها تصحيحاً حقيقياً طويل الأمد”، ووصفها بضجة على الإنترنت طغت على الأحكام الطبية، وقال: ”إن الفضول يحقق مبيعات”.