Site icon السعودية برس

هل يجوز الكذب لإخفاء الصدقة؟.. اعرف الموقف الشرعي

الصدقة من صور الإنفاق التي حث عليها الإسلام، وجعلها من الأعمال التي يُثاب الإنسان عليها، وهي مقبولة شرعًا سواء كان على المتصدق دَيْنًا أم لا، بشرط أن تؤدى بإخلاص، وتستوفي شروط القبول.

 وقد ورد في السُّنَّة أن الإنسان يكون “في ظِلّ صَدَقَتِه يوم القيامة”، دلالةً على فضلها العظيم.

وفي سياقٍ متصل، ورد سؤال حول مشروعية الكذب لإخفاء الصدقة، فأكد العلماء أنه لا يجوز شرعًا الكذب لأي سبب كان، إلا في حالات استثنائية ضيقها الشرع، مثل إنقاذ نفس من الهلاك، أو خداع العدو، أو الإصلاح بين الزوجين، أما في غير هذه الحالات، فالكذب محرم.

وجاء هذا التوضيح، ردًّا على سؤال أحد الأشخاص، قال فيه: “تصدقت بمبلغ صغير، وأردت إخفاء ذلك على من يجمع التبرعات لعدم وجود صندوق بالمسجد، فادعيت أني عثرت على المال، وطلبت منه وضعه في مصاريف المسجد إن لم يُعرف صاحبه، فهل هذا جائز؟”.

وقد قال العلماء إن هذا التصرف يُعد كذبة شرعية لا تجوز، حتى وإن كانت النية طيبة، مشيرين إلى أن فضل الصدقة لا يُقاس بكبر المبلغ، بل بصدق النية، فقد قال النبي ﷺ: “اتقوا النار ولو بشق تمرة”، ونصحوا السائل بالتوبة والاستغفار، مؤكدين أن صدقته مقبولة بإذن الله.

المال المشتبه في مصدره هل تُقبل منه الصدقة؟

من جانب آخر، أجاب الدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الفقه المقارن بجامعة القاهرة، عن سؤال بشأن قبول الصدقة من مال يُشتبه في كونه غير حلال، موضحًا أن الشبهة لا تعني الجزم بالتحريم، فقد يكون مصدر المال غير مؤكد أو يثير الريبة دون يقين.

وقال إن مثل هذه المسائل مردّها إلى الله- تعالى-، وهو وحده من يُحاسب على النيات، مستشهدًا بحالات واقعية مثل موائد الرحمن التي يُقيمها بعض التجار، والتي يجوز للناس الأكل منها، حتى وإن كانت تحوم شبهات حول مصادر أموالهم، لأن الحكم في الظاهر والله يتولى السرائر.

هل يشترط أن تكون خالصة دون أهداف دنيوية؟

وفي إطار الحديث عن النية، أوضح الدكتور مجدي عاشور، المستشار السابق لمفتي الجمهورية، أن الأصل في الصدقة أن تكون سرًّا وخالصة لوجه الله- تعالى-، لكن قد يُستحب الإعلان عنها في حالة واحدة، وهي إذا كان الغرض منها تشجيع الآخرين على التصدق ونشر الخير، لا التفاخر أو طلب السمعة.

وأضاف أن الصدقة الجارية من أعظم القُربات التي تبقى آثارها بعد موت الإنسان، موضحًا أنها من الأعمال التي لا ينقطع بها الأجر، وفقًا لحديث النبي ﷺ: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.

الصدقة عن الميت وأولويتها للأقارب

أكدت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية، أن الصدقة عن المتوفى مشروعة ويصل ثوابها إليه، ويجوز إخراجها لأي مستحق، سواء كان من الأقارب أو غيرهم، بشرط ألا يكون من تجب نفقته على المتصدق.

وضربت اللجنة مثالًا بسائل أراد التصدق عن والده المتوفى لصالح أخته المتزوجة وذات الحاجة، فأجابت بأنه لا مانع شرعي من ذلك، بل هي صدقة وصلة رحم في آنٍ واحد.

Exit mobile version