Site icon السعودية برس

هل تتخلى الصين عن حيادها ولماذا تخشى هزيمة روسيا؟

|

بينما تواصل الإدارة الأميركية تحركاتها لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أطلق وزير الخارجية الصيني وانغ يي تصريحا يتعارض مع موقف بلاده المُعلن بالحياد في هذه الحرب.

وهو ما أثار تساؤلات فيما إذا كانت الصين بصدد تغيير موقفها وإعادة حساباتها الإستراتيجية على ضوء ما يشهده العالم من تطورات وتحولات ليست ببعيدة عنها.

فقد نقلت وسائل إعلام صينية وغربية عن وزير الخارجية الصيني قوله إن بلاده “لا تريد أن ترى روسيا تخسر الحرب في أوكرانيا”، لأن ذلك قد يثير مخاوف من أن تحول الولايات المتحدة تركيزها الكامل باتجاهها.

التصريح المفاجئ جاء خلال لقاء الوزير الصيني مع مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الثلاثاء الماضي على هامش مباحثات الجانبين في بروكسل والتي طالبت بكين بالتوقف عن تقويض أمن أوروبا.

ومنذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، ظلت الصين تدعو بانتظام إلى محادثات السلام واحترام وحدة أراضي جميع الدول، بما فيها أوكرانيا.

بكين لم تتبنَّ رسميا تصريحات وزير خارجيتها الأخيرة، ويظهر ذلك من خلال تصريحات أدلت بها المتحدثة باسم وزارة الخارجية بعد 4 أيام من تصريحات الوزير، حرصت خلالها على التأكيد أن “الصين لا تتدخل في القضية الأوكرانية، وأن موقفها موضوعي وثابت: التفاوض، ووقف إطلاق النار، والسلام”، معتبرة أن استمرار الأزمة الأوكرانية لا يخدم مصالح أحد.

الرأي نفسه، تبناه العديد من المحللين السياسيين في الصين، الذين استبعدوا أن تغير بلادهم مواقفها المعلنة تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، ومن ضمن هؤلاء البروفيسور فيكتور غاو، نائب رئيس مركز الصين والعولمة، الذي قال في تصريحات لبرنامج “ما وراء الخبر” إن استمرارية هذه الحرب لا تخدم أي طرف.

الكثيرون في الصين يرون أن تصريح الوزير الصيني تم تأويله بشكل خاطئ أو “أن هناك من يحاول التضليل بشأن الموقف الصيني”، بل اتهم غاو قوى في الغرب بتصيد الفرص وتقديم تفسير خاطئ لموقف الصين.

توتر مع أوروبا

ورغم إعادة بكين تكرار موقفها تجاه الحرب، فإنها على ما يبدو على أعتاب أزمة سياسية ليست بالبسيطة مع أوروبا، ويظهر هذا جليا من تصريحات كالاس، التي دعت بكين للتوقف عما أسمته تقويض أمن أوروبا.

وقالت كالاس إن “الشركات الصينية توفر طوق نجاة لموسكو للمحافظة على مجهودها الحربي ضد أوكرانيا، وتنفّذ بكين هجمات إلكترونية وتتدخل بديمقراطياتنا.. وهذه الأفعال تضر بأمن أوروبا”.

المخاوف الأوروبية يفسرها أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف، الدكتور حسني عبيدي، بأنها تنبع من إدراك الأوروبيين بأنه لولا الدعم الصيني لروسيا لَما استطاعت أن تستمر في حربها على أوكرانيا.

لكن الأوروبيين لا يستطيعون التخلي عن الصين بسبب العلاقات الاقتصادية والسياسية التي تجمعهم بها.

وعلى ما يبدو فإن الأوروبيين ليسوا وحدهم الذين يشككون في مواقف الصين تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، فمن وجهة نظر جيمس روبنز، نائب وزير الدفاع الأميركي السابق فإن الصين تستفيد من مواصلة الحرب في أوكرانيا وتخشى فعلا من استدارة واشنطن تجاهها فيما لو وضعت الحرب أوزارها.

وما يقلق واشنطن هو أن الصين أظهرت تطلعها لتوسيع نطاق نفوذها في المنطقة وتوسيع أسطولها البحري، وهو ما من شأنه أن يضر بالمصالح الأميركية، بحسب ما صرح به روبنز لـ”ما وراء الخبر”.

ومن وجهة نظر مؤيدي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإنه حاول منذ عودته للبيت الأبيض قبل 6 أشهر أن يحسّن علاقات بلاده مع الصين، وألا يجعل قضية الحرب الروسية الأوكرانية تقف عقبة أمام ذلك، رغم إدراكه بأن هذه العلاقات معقدة تجاريا وأمنيا.

لكن الأوروبيين لا يثقون بأن أي تسويات سيتوصل لها ترامب مع الصين بالضرورة أن تأخذ بعين الاعتبار مصالح القارة العجوز، لذلك هم يتطلعون لمقاربة توفيقية مع الصين خاصة بهم وحدهم، كما يقول عبيدي.

Exit mobile version