Site icon السعودية برس

هذا الجهاز يستخدم الذكاء الاصطناعي لفك شيفرة إيقاعات القلب السرية

نشأ رولاند ديكورتي في دار رعاية مسنين في بلجيكا، تعلم كيف يرصد العلامات المبكرة الدقيقة للتدهور العقلي من خلال تغييرات صغيرة في طريقة مشي أو حديث النزلاء. عندما كان ديكورتي في الحادية عشرة من عمره، بدأ والده، الذي كان يمتلك ويدير دار الرعاية، في الاستيقاظ في منتصف الليل بسبب آلام في الصدر وإحساس ساحق بالهلاك الوشيك.

ذهب إلى طبيبين، استمعا لفترة وجيزة إلى دقات قلبه من خلال سماعة الطبيب وشخّصا حالته بأنها قلق. لكن الأعراض استمرت، ولم يكتشف طبيب ثالث مصدر المشكلة إلا عندما خضع لمجموعة كاملة من الفحوصات في مستشفى خاص ـ ثقب صغير بين حجرتي القلب اليمنى واليسرى. ولو لم يُلاحَظ هذا الثقب لكان قد قتله ـ كان عمره 39 عاماً.

وبعد أن تجنب الكارثة، تمكن ديكورتي الشاب من التركيز على دراسته، وفي سن السابعة عشرة التحق بجامعة كامبريدج ـ وهو أصغر بلجيكي على الإطلاق يلتحق بالكلية المرموقة. (وقد تسبب هذا في بعض المشاكل اللوجستية: إذ كان لزاماً على معلمه أن يصبح الوصي القانوني عليه، وكان لزاماً وضع نظام دفع جديد في نقابة المحامين بالكلية لمنعه من شراء الكحول مثل أقرانه).

أمضى السنوات السبع التالية في التخصص في فك الشفرات القديمة، وكانت مهنة مريحة في الأوساط الأكاديمية (أو مهنة أكثر إثارة كصائد آثار على غرار إنديانا جونز) تلوح في الأفق. لكن ديكورتي لم تتوقف أبدًا عن التفكير فيما حدث لوالده وكيف كان من الممكن تشخيص حالته في وقت أقرب بكثير إذا أمضى طبيب، أي طبيب، أكثر من 30 ثانية في الاستماع إلى قلبه. لذلك في عام 2019، وفي ظل افتقاره إلى التدريب الطبي ولكن بثقة لا يمكن أن توفرها إلا تعليم أكسفورد وكامبريدج، أسس ديكورتي البالغ من العمر 27 عامًا آنذاك شركة ووجه انتباهه إلى فك شفرة قديمة مختلفة: الإيقاع السري للقلب.

هناك طفرة في مجال الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، والشيء الوحيد الذي يبطئ هذا التقدم هو نقص البيانات. وفي الوقت نفسه، لا يستطيع الأطباء الذين يعانون من ضغوط الوقت جمع المعلومات إلا بشكل متقطع. قد تكون الأجهزة القابلة للارتداء مثل الساعات الذكية قادرة على قياس النبض، لكنها سيئة في التشخيصات الأكثر دقة (جزئيًا لأن المعصم بعيد عن الأعضاء الحيوية حقًا).

كان ديكورتي يرغب في تطوير قطعة من التكنولوجيا يمكنها مراقبة الجسم بشكل مستمر ودقيق، حتى يتمكن الأشخاص مثل والده من الحصول على العلاج الذي يحتاجون إليه بسرعة أكبر. بدأ بمحاولة بناء أجهزة استشعار في الملابس حتى يتمكن الناس من تتبع علاماتهم الحيوية دون زيارة الطبيب. ثم صمم هيكلًا خارجيًا متقنًا مزودًا بأجهزة استشعار لقياس جميع أنواع الأمراض. وقد جذب هذا بعض الاهتمام العسكري ولكنه لم يكن ليساعد شخصًا مثل والد ديكورتي حقًا. قال عندما التقينا مؤخرًا في قبو خشبي في مقهى صغير في مايفير بلندن: “كنت ساذجًا للغاية. كان هناك حوالي عامين بدوام كامل حيث كنت أعمل فقط من الغرفة الإضافية في منزلي دون القيام بأي شيء آخر”. لكن المشكلة التي ظل يواجهها كانت الضوضاء: ما لم تتمكن من بناء جهاز يضغط على كل جهاز استشعار مباشرة على الجلد، كان هناك الكثير من التداخل العشوائي من الأشخاص الذين يتحركون في جميع أنحاء العالم للحصول على إحساس جيد بما يحدث بالفعل في الجسم.

Exit mobile version