أثار إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن “ممرات إنسانية” ووقف مؤقت لإطلاق النار في مناطق محددة بقطاع غزة جدلا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، وسط تحذيرات من التماهي مع ما وصفه نشطاء بـ”اللعبة السياسية القذرة” لتجميل صورة الاحتلال وتنفيس الضغط الدولي المتزايد بسبب المجاعة المتفشية.
وبدأت شاحنات مساعدات إنسانية بالتحرك من مصر نحو قطاع غزة صباح اليوم الأحد، وفق ما أفادت به قناة “القاهرة الإخبارية”، وذلك في ظل تزايد الضغوط الدولية والتحذيرات المتصاعدة من منظمات إغاثة من تفشي المجاعة في القطاع المحاصر.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن وقف مؤقت للعمليات العسكرية في 3 مناطق محددة بقطاع غزة: المواصي ودير البلح ومدينة غزة، وذلك يوميا من الساعة العاشرة صباحا إلى الثامنة مساء بالتوقيت المحلي، وحتى إشعار آخر.
كما أشار إلى أن “المسارات الآمنة” ستُفعّل يوميا من الساعة السادسة صباحا حتى الـ11 ليلا.
لكن هذه الإجراءات قوبلت بتشكيك واسع من قبل النشطاء والمغردين، الذين اعتبروا أن الخطوة لا تنبع من أي مراجعة أخلاقية أو إنسانية، بل جاءت نتيجة لضغوط أميركية غير مسبوقة، وتراكم الإدانات الدولية في تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، التي بدأت تتحدث بصراحة عن استخدام المجاعة كأداة حرب وانتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني.
🧵 لم يكن مفاجئًا ما يحدث..
1️⃣ ما نراه اليوم هو محاولة صهيونية يائسة، بدعم منظومة دولية أكثر إجرامًا، لترميم صورة “إسرائيل” المتهاوية بعد أن انقلب عليها الرأي العام العالمي.
2️⃣ ما يجري ليس مفاجئًا، بل هو نتيجة مئات الشهداء جوعًا وقتلًا، وصبر بطون خاوية، وثبات مقاومة عظيمة واجهت… pic.twitter.com/UbmLYaDT9h
— أدهم إبراهيم #غزة 🇵🇸 (@AdhamIbrahimPal) July 27, 2025
وأشار مغردون إلى أن الاحتلال يحاول من خلال هذه الخطوة تحسين صورته المشوهة، عبر الترويج لإنزال جوي للمساعدات وحديث عن دخول مئات الشاحنات من معبر العريش المصري، ووقف مؤقت لإطلاق النار دون أن يمس ذلك جوهر سياسة العقاب الجماعي أو يضع حدا لحالة الإبادة المتواصلة.
ورأى آخرون أن إدخال المساعدات لا يعدو كونه محاولة لامتصاص غضب الرأي العام العالمي وتهدئته مؤقتا، تمهيدا لاستئناف الحرب بوتيرة أشد.
وأشاروا إلى أن صور الأطفال الهزلى، والعائلات التي تبحث عن الطعام بين النفايات، والتي تسربت مؤخرا، شكّلت صدمة حتى في أكثر الدوائر الغربية دعما لإسرائيل، مما استدعى هذه المناورة الإعلامية والسياسية.
لا شيء يحدث صدفة.
في الأيام الأخيرة، ورغم المجاعة الكارثية، رفضت الأمم المتحدة توزيع المساعدات على نطاق واسع دون تأمين طرق الشاحنات وضمان سلامة عملية النقل والتوزيع. بعد فشل محاولات توزيع المساعدات عبر المرتزقة الأميركيين، كما طالبت “إسرائيل” بعض الدول العربية بتنفيذ إنزالات… pic.twitter.com/GtO7H0tYAR
— Tamer | تامر (@tamerqdh) July 27, 2025
وأكد النشطاء أن ما جرى لا يمثل تحولا إنسانيا، بل هو مجرد “إدارة للأزمة”، مشددين على أن فتح المعابر جزئيا، وتوزيع المساعدات وسط الدمار دون خطة متكاملة لوقف العدوان أو رفع الحصار، لا يعالج المأساة بل يطيل أمدها.
كما لفتوا إلى أن المساعدات لا تزال محدودة كما ونوعا، والمسارات المعلنة ليست آمنة بما يكفي، في حين يبقى القرار الإسرائيلي هشا، قابلا للتراجع في أية لحظة تبعا لحسابات الميدان أو التقلبات السياسية داخل تل أبيب.
واعتبر مغردون أن الرسالة التي تحاول إسرائيل إيصالها للعالم ليست رسالة رحمة أو تغيير في النية، بل رسالة مفادها: “نحن ندير الأزمة ولا نغير سياساتنا”.
لا تخدعكم المظاهر التي يتم تجهيزها الآن لدخول “قوافل المساعدات” في الصباح،
بعض الشاحنات لا تكسر المجاعة، ولا توقف الإبادة.
الحل الجذري يبدأ من فتح معبر رفح، ووقف المجازر، ودخول 600 شاحنة يوميًا لأربع شهور..
استمروا في الضغط، فصوت الشعوب أقوى مما يظنّون.— Khaled Safi 🇵🇸 خالد صافي (@KhaledSafi) July 27, 2025
ولفتوا إلى أن سكان غزة لا يزالون في عين الكارثة، يتلقون الفتات تحت القصف ويعيشون بين سؤالين مؤلمين: هل تكفي هذه المساعدات لمنع المجاعة؟ وهل تدفع هذه المعاناة الأطراف نحو حل سياسي حقيقي؟
كما أن وقوع المجاعة فضحته بطون غزة الخاوية، بما أخرجته ووثقته كاميرا المجوّعين، حتى بات التجويع الإسرائيلي أحد مُسلّمات الرأي العام العالمي.
كذلك؛ لا يمكن الركون إلى الحديث الإسرائيلي عن الممرات الإنسانية وإدخال المساعدات، قبل أن يؤكد أهالي غزة ذلك، وأن حملة التجويع قد كُسِرت.
— صالح أبو عزة (@salehabuizzah) July 27, 2025
في السياق ذاته، شدد ناشطون على ضرورة عدم الانخداع بهذه الإجراءات المؤقتة، أو اعتبارها مؤشرا على نهاية الأزمة، مطالبين بمواصلة تسليط الضوء على المجاعة المتفشية في غزة، وعلى سياسة التجويع المتعمد حتى تصل المساعدات إلى كل بيت وخيمة بالقدر الكافي من الغذاء والدواء، وبالتوازي مع مواصلة الضغط الدولي لرفع الحصار وإنهاء الإبادة الجماعية.