Site icon السعودية برس

موجة جدل في أمريكا بعد دعم إنساني من اتحاد يهودي لسكان غزة.. وخبير: اجتياح بدعم أمريكي

في خطوة غير مسبوقة، أثار إعلان “الاتحاد اليهودي في نيويورك” (UJA)، الذي يعد أكبر وأغنى اتحاد يهودي في أمريكا الشمالية، عاصفة من الجدل بعد قراره التبرع بمبلغ مليون دولار لصالح سكان قطاع غزة.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إنه مايصدر من حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، يتضح جليا أن إسرائيل لا تبدي أي استعداد حقيقي للانخراط في تهدئة، حتى وإن كانت جزئية أو مؤقتة. 

وأضاف الرقب- خلال تصريحات لـ “صدى البلد”، إلى أن هذا الموقف يعكس رغبة واضحة في استمرار العمليات العسكرية، ويتجاهل كليا الجهود المكثفة التي بذلتها كل من القاهرة والدوحة في سبيل احتواء التصعيد وإيجاد مخرج سياسي أو إنساني للأزمة الراهنة.

وأشار الرقب، إلى أن تظهر التحركات الميدانية على الأرض أن جيش الاحتلال يستعد لشن عملية اجتياح بري موسعة تستهدف مدينة غزة، مع احتمالية تمدد هذه العمليات لاحقا إلى مناطق معسكرات وسط القطاع، وأوضح أن هذا التصعيد يأتي في وقت تتعرض فيه الكتلة السكانية الفلسطينية لضغط شديد، نتيجة الحصار والدمار المستمرين، مما ينذر بكارثة إنسانية قد تكون الأسوأ منذ عقود.

وتابع: “وعلى الجانب الإنساني، لا يزال الفلسطينيون يواجهون أوضاعا مأساوية، فقد نزحت أعداد كبيرة من سكان شمال القطاع باتجاه مناطق وادي غزة والجنوب، إلا أن مراكز الإيواء المؤقتة والمخيمات لم تعد قادرة على استيعاب المزيد من العائلات النازحة”. 

وأردف: “نتيجة لذلك، اضطر الآلاف إلى افتراش الأرض في ظروف قاسية، تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الإنسانية، في ظل غياب الإمدادات الكافية من الغذاء والدواء والمياه”.

والتبرع، الذي يتم عبر منظمة الإغاثة الإنسانية الإسرائيلية “إسرائيل إيد”، يهدف إلى تقديم مساعدات إنسانية تشمل الغذاء، الدواء، وأنظمة تنقية المياه للعائلات الفلسطينية النازحة، في ظل ظروف إنسانية متدهورة نتيجة الحرب المستمرة.

وهذه المبادرة، رغم طابعها الإنساني، قوبلت بردود فعل متباينة بل وصادمة داخل الأوساط اليهودية الأمريكية، فقد رآها البعض خطوة تحمل بعدا إنسانية  عميقا وتجسد القيم العالمية للرحمة والمساعدة، بينما اعتبرها آخرون خيانة واضحة “للقضية اليهودية” ولدولة إسرائيل.

في مواقع التواصل الاجتماعي، تصاعدت حدة الانتقادات، حيث شبّه البعض هذا الدعم بما وصفوه بـ “تأييد اليهود للألمان خلال الحرب العالمية الثانية”، فيما اتهم آخرون إدارة الاتحاد بـ”الانحراف عن تقاليده”، التي لطالما حصرت الدعم في إسرائيل والمجتمع اليهودي فقط.

وإحدى المتبرعات من مانهاتن عبرت عن استيائها الشديد، قائلة: “عائلتي تتبرع لهذا الاتحاد منذ أجيال، وكنا نعتقد أن الأموال تخصص لرعاية أطفال إسرائيل وكبار السن من اليهود.. لم يخطر ببالنا يوما أن ترسل إلى غزة.”

أما في وسائل الإعلام اليهودية، فقد انتقلت الأزمة من صفحات التواصل إلى الصحف والمدونات، حيث شن كتاب ومحللون هجوما على القرار.. ومن أبرزهم الصحفي دانيال مول، الذي وصف ما جرى بأنه “عمل مربك أخلاقيا”، متهما قيادة الاتحاد بمحاولة تجميل صورتها الإنسانية على حساب “مصالح اليهود وبقائهم”، بحسب تعبيره.

من جانبها، نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية تقريرا مفصلا حول الجدل، مؤكدة أن القضية تجاوزت مجرد نقاش حول مبادرة خيرية، لتكشف عن انقسام أعمق داخل المجتمع اليهودي الأمريكي: هل يقتصر دوره على دعم إسرائيل والمجتمعات اليهودية حول العالم فقط؟ أم يمتد ليشمل تضامنًا إنسانيًا مع معاناة الفلسطينيين، حتى وسط الحرب؟

في النهاية، يظهر هذا الحدث كيف أن المساعدات الإنسانية، حتى وإن جاءت بنوايا خير، يمكن أن تتحول إلى ساحة صراع أيديولوجي، تعكس التوترات الكامنة داخل المجتمعات المتأثرة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة حين تصطدم القيم الأخلاقية بالاعتبارات السياسية والدينية.

Exit mobile version