Site icon السعودية برس

موجة الاعترافات الدولية بفلسطين .. بين تقويض الهدنة وتصعيد إسرائيلي مُتوقع

تشهد القضية الفلسطينية في الآونة الأخيرة تحولًا نوعيًا على الساحة الدولية، مع اتساع رقعة الاعترافات الرسمية بدولة فلسطين من قبل عدد متزايد من الدول في أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا، الأمر الذي يعكس تغيرًا ملموسًا في مواقف المجتمع الدولي تجاه الحق الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة.

وتكتسب هذه الخطوة أهمية استثنائية كونها تأتي في وقت تتصاعد فيه التوترات في المنطقة، وتزداد فيه الضغوط على إسرائيل التي تجد نفسها أمام موجة دبلوماسية غير مسبوقة تهدد بعزلتها السياسية.

كما أن هذه الاعترافات تمثل رسالة واضحة برفض استمرار الاحتلال، وتعكس في الوقت ذاته إدراكًا عالميًا بضرورة التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.

أستاذ قانون دولي: الاعترافات بفلسطين تقوض الهدنة وتدفع إسرائيل لتصعيد عدواني جديد

قال الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، إن موجة الاعترافات الدولية المتسارعة بالدولة الفلسطينية تضع مستقبل الهدنة الحالية في غزة في مهب الريح، وتدفع إسرائيل نحو المزيد من التصعيد العدواني للهروب من الضغوط الدولية المتزايدة.

وفي تصريحات خاصة لموقع “صدى البلد”، أكد الدكتور مهران أن الاعترافات المتتالية من دول أوروبية وأمريكا اللاتينية وآسيوية تضع إسرائيل في موقف دفاعي صعب، حيث تجد نفسها محاصرة دوليًا ومضطرة لتبرير احتلالها لأراضي دولة معترف بها من أكثر من 160 دولة.

وأوضح أن هذا الضغط الدولي المتنامي يقوض استراتيجية إسرائيل في كسب الوقت من خلال المفاوضات المطولة، ويضعها أمام خيارات صعبة.

وحول مصير الهدنة الحالية، حذّر الخبير الدولي من أن إسرائيل قد تلجأ لكسرها والعودة إلى التصعيد العسكري كوسيلة لصرف الانتباه الدولي عن موجة الاعترافات بفلسطين، وخلق أزمة جديدة تعيد ترتيب أولويات المجتمع الدولي.

وأكد أن التاريخ الإسرائيلي مليء بمثل هذه التكتيكات التي تستخدم العنف والتصعيد لتجاوز الضغوط الدبلوماسية.

وأشار إلى أن قوة الاعترافات الحالية تكمن في تنوعها الجغرافي والسياسي، حيث شملت دولًا من قارات مختلفة وأنظمة سياسية متباينة، مما يعكس إجماعًا دوليًا حقيقيًا على شرعية الحقوق الفلسطينية.

ولفت إلى أن اعتراف دول أوروبية مؤثرة مثل بريطانيا وفرنسا يحمل وزنًا خاصًا، كونهما عضوتين دائمتين في مجلس الأمن وقوتين استعماريتين سابقتين لهما تأثير على العديد من الدول.

وحول رد الفعل الإسرائيلي المتوقع، أكد الدكتور مهران أن إسرائيل ستتبع استراتيجية متعددة المحاور تشمل تكثيف الضغوط على الولايات المتحدة لاستخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد أي قرارات تدعم فلسطين.

كما أشار إلى أنها ستحاول أيضًا استخدام نفوذها الاقتصادي والتكنولوجي للضغط على الدول المعترفة بفلسطين للتراجع عن قراراتها أو عدم المضي قدمًا في خطوات إضافية.

وحذّر من أن إسرائيل قد تلجأ لتصعيد عسكري في مناطق أخرى مثل لبنان أو سوريا لخلق بؤر توتر جديدة تُشتّت الانتباه الدولي عن القضية الفلسطينية، كما حدث مع إيران.

وأكد أن الكيان الصهيوني يتقن لعبة خلق الأزمات المتعاقبة لتجنب المحاسبة على جرائمه السابقة، والعمل على تشويش المشهد ونقل الصورة إلى أماكن أخرى.

وأشار إلى احتمالية قيام إسرائيل بتكثيف عمليات الاغتيال والاستهداف للقيادات الفلسطينية، كما حدث مع قيادة حركة حماس في قطر، في محاولة منها لتقويض أي جهود للوصول إلى حلول سياسية دائمة للقضية الفلسطينية.

وفي ختام تصريحاته، رأى الدكتور مهران أن الاعترافات الدولية بفلسطين، رغم أهميتها التاريخية، تحتاج إلى ترجمة عملية من خلال فرض عقوبات حقيقية على إسرائيل وقطع العلاقات التجارية والعسكرية معها لإجبارها على احترام الشرعية الدولية، مؤكدًا أن الكلمات وحدها لن توقف المجازر الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.

Exit mobile version