ألغت شركات صينية مملوكة للدولة، من بينها شركة “سينوبك” (Sinopec)، جزءاً من مشترياتها من النفط الخام الروسي المنقول بحراً، بعدما أدرجت الولايات المتحدة شركتي “روسنفت” (Rosneft PJSC) و”لوك أويل” (Lukoil PJSC) على قائمتها السوداء، في خطوة تزيد من مؤشرات الاضطراب داخل سوق النفط.
بدأت شركات النفط الكبرى في تقييم القيود الأميركية، إلى جانب إجراءات مماثلة اتخذها الاتحاد الأوروبي، بحسب أشخاص مطلعين على الوضع طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لحساسية المسألة. وأوضحوا أن الشركات أوقفت شراء بعض الشحنات الفورية، معظمها من خام “إسبو” (ESPO) القادم من أقصى شرق روسيا.
اضطراب سوق النفط العالمية
شهدت سوق النفط العالمية تقلبات حادة هذا الأسبوع جراء موجة العقوبات الأميركية التي استهدفت أكبر منتجي النفط في روسيا، بهدف زيادة الضغط على موسكو لإنهاء حربها في أوكرانيا. وقفزت الأسعار يوم الخميس عقب إعلان إدارة الرئيس دونالد ترمب عن الحزمة العقابية الجديدة، لتتجه عقود خام برنت المستقبلية نحو تحقيق مكاسب أسبوعية تتجاوز 7%.
امتنعت كل من شركة “تشاينا بتروليوم آند كيميكال” (China Petroleum & Chemical)، المعروفة رسمياً باسم “سينوبك”، وشركة “تشاينا تشنهوا أويل” (China Zhenhua Oil)، و”سينوكيم غروب” (Sinochem Group) عن الرد على طلبات التعليق فوراً.
روسيا تسعى للتحايل على العقوبات النفطية لتخفيف التأثير على موازنتها
ردت بكين على الخطوة الأميركية يوم الخميس، إذ قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن “الصين تعارض دائماً العقوبات الأحادية الجانب التي لا تستند إلى أساس في القانون الدولي”.
ويعتزم ترمب إثارة مسألة مشتريات الصين من النفط الروسي مع نظيره شي جين بينغ خلال اجتماع مرتقب في كوريا الجنوبية الأسبوع المقبل. هذه القمة ستمنح قادة أكبر اقتصادين في العالم فرصة لإحراز تقدم نحو اتفاق تجاري أوسع بعد فترة من التوتر في العلاقات الثنائية.
شحنات النفط الروسي إلى الصين
تستحوذ الشركات الصينية المملوكة للدولة على أكثر من 400 ألف برميل يومياً من شحنات النفط الروسي المنقولة بحراً، أي ما يعادل نحو 40% من إجمالي الكميات التي تصل عبر السفن، وفقاً لشركة “كبلر” (Kpler). كما تواصل روسيا ضخ النفط الخام إلى الصين براً عبر خطوط الأنابيب.
قالت ميشال ميدان، مديرة برنامج أبحاث الطاقة الصينية في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، إن “تدفقات النفط إلى الصين مرشحة للتراجع”. لكنها أضافت أن تدفقات خطوط الأنابيب ستستمر على الأرجح، نظراً لأن عمليات الدفع تتم ضمن آلية قروض لا يبدو أنها تمر عبر المصارف الغربية.
إلى جانب الصين، يُتوقع أن تتراجع شحنات النفط الروسي إلى الهند، وهي مشترٍ رئيسي آخر، عقب العقوبات الأميركية الأخيرة. وتمثل هذه العقوبات تحولاً كبيراً في نهج الغرب، الذي كان يهدف سابقاً إلى تقليص عائدات الكرملين عبر تحديد سقف للأسعار لتفادي اضطرابات الإمدادات وارتفاع الأسعار.
بدائل النفط الروسي
قد تتجه الشركات الصينية المملوكة للدولة إلى إيجاد بدائل أخرص، أو تقليص معدلات التشغيل، أو تنفيذ أعمال صيانة غير مجدولة، مع ارتفاع أسعار الخامات القادمة من الشرق الأوسط وغرب أفريقيا. ويأتي ذلك في وقت يسعى فيه المشترون الهنود أيضاً إلى إيجاد بدائل للنفط الروسي، وفقاً لأشخاص مطلعين.
طالع أيضاً: كماشة الغرب تحاصر بوتين بين العقوبات والمساومات.. وأسعار النفط تقفز 5%
تداولت عقود خام برنت المستقبلية، المعيار العالمي، يوم الجمعة قرب 66 دولاراً للبرميل. ورغم ارتفاع الأسعار هذا الأسبوع، إلا أنها لا تزال منخفضة بنحو 12% هذا العام وسط مخاوف من أن تؤدي زيادة الإمدادات من “أوبك+”، وهو تحالف واسع يضم روسيا، إلى فائض في المعروض العالمي.
من جهتها، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على شركتي النفط الروسيتين العملاقتين بعد اتهام موسكو بـ”عدم إبداء التزام جاد بعملية السلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا”. وتُعد هذه أولى العقوبات الأميركية الكبيرة على روسيا منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض في يناير.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للصحفيين يوم الخميس إن هذه العقوبات “ستكون لها عواقب وخيمة علينا، لكنها لن تؤثر بشكل كبير على رفاهنا الاقتصادي”. أمام موسكو نحو شهر واحد للاستعداد قبل أن تدخل القيود حيز التنفيذ الكامل.

