Site icon السعودية برس

مختصون: مرض باركنسون يتطلب تشخيصًا مبكرًا ودعمًا مجتمعيًا شاملًا

أكدت وزارة الصحة أن مرض باركنسون يُعد من الأمراض العصبية المزمنة التي تتطلب مزيجًا من العلاج الدوائي والدعم النفسي والعلمي، إضافة إلى العلاج الطبيعي، مشيرة إلى أهمية برامج إعادة التأهيل في تحسين الأداء ونوعية حياة المصابين.
وأوضحت الوزارة أن المرض ينتج عن نقص في مادة “الدوبامين” الكيميائية، نتيجة تضرر بعض الخلايا العصبية المسؤولة عن إنتاجها، ما يؤدي إلى ضعف في نقل السيالات العصبية داخل الدماغ.
وأضافت أن أعراض المرض تبدأ في الظهور عندما يعجز الدماغ عن إنتاج كميات كافية من الدوبامين، وهو ما ينعكس على قدرة المريض في التحكم بالحركة بشكل طبيعي.
وبيّنت أن هناك ثلاثة أعراض رئيسة لمرض باركنسون، تشمل: الرعاش، وبطء الحركة، والتصلب، مشيرة إلى أن حالات الإعاقة والوفاة المرتبطة بالمرض تشهد تزايدًا عالميًا بوتيرة متسارعة.

وفي سياق متصل أكد عدد من الأطباء والاستشاريين في تخصص طب المخ والأعصاب بمناسبة اليوم العالمي للشلل الرعاش أن مرض باركنسون يُعد من الأمراض العصبية التنكسية المعقدة التي تتجاوز فكرة “الرعشة” الشائعة لدى عامة الناس، مشيرين إلى أن المرض يتطور ببطء ويؤثر على حياة المرضى من مختلف الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية.

اضطراب عصبي

وقالت الدكتورة نور محمد المحيش، طبيبة مخ وأعصاب في مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر، إن مرض باركنسون هو اضطراب عصبي مزمن يؤثر على الحركة بشكل تدريجي، ويُصيب جزءًا من الدماغ مسؤولًا عن تنسيق الحركات، ويحدث غالبًا نتيجة نقص مادة الدوبامين الكيميائية المهمة في الدماغ.
وأضافت أن الكثيرين يعتقدون أن باركنسون هو مجرد رجفة في اليد، في حين أن الحقيقة أكثر تعقيدًا؛ حيث تبدأ الأعراض تدريجيًا وقد لا يلاحظها المريض أو المحيطون به في المراحل المبكرة، وتشمل أعراضه الأساسية: رجفة خفيفة في اليد أو الأصابع أثناء الراحة، بطء في المشي أو أداء الحركات اليومية، تيبس في العضلات، تغير في نمط المشي كتقاصر الخطوات أو شعور المريض بأن قدميه تلتصقان بالأرض، بالإضافة إلى صعوبة في التوازن.
وأشارت إلى أن مرض باركنسون لا يقتصر على كبار السن رغم أنه غالبًا ما يظهر بعد سن الستين، إذ يمكن أن تلعب العوامل الوراثية والتعرض طويل الأمد لبعض السموم البيئية دورًا في زيادة احتمالية الإصابة به.

233

د. نور محمد المحيش

وأكدت أن الأعراض لا تظهر فجأة بل تتطور ببطء، وقد تمر سنوات قبل أن يُدرك الشخص أنه يعاني من مشكلة صحية.
وأضافت الدكتورة المحيش أن هناك أعراضًا غير حركية قد تصاحب المرض مثل الاكتئاب، اضطرابات النوم، أو تغير نبرة الصوت، وأن التوعية بباركنسون أمر بالغ الأهمية لأن التشخيص المبكر يُمكن أن يُحدث فارقًا كبيرًا في تحسين جودة حياة المريض من خلال التدخل العلاجي المناسب والدعم النفسي.

أعراض أولية

فيما أوضحت الدكتورة موضي سعد الخالدي، استشارية وأستاذ مساعد في قسم طب المخ والأعصاب بالمستشفى، أن العالم يحتفل سنويًا باليوم العالمي لمرض باركنسون في 11 أبريل، وذلك بهدف تسليط الضوء على هذا المرض العصبي التدريجي الذي يؤثر على الدماغ، ويتسبب في العديد من المشكلات مثل اضطرابات الحركة، التوازن، الصحة النفسية، النوم، والألم، بالإضافة إلى المضاعفات التي تؤثر على حياة المرضى وأسرهم.
وأشارت إلى أن التحدي الأكبر يكمن في أن الأعراض المبكرة لمرض باركنسون قد تكون خفية، ما يجعل الاكتشاف المبكر للمرض أمرًا صعبًا.
وتتمثل أبرز العلامات الأولية في رعشة خفيفة باليدين أو الأصابع أثناء الراحة، بطء الحركة (براديكينيسيا)، تيبس العضلات، وفقدان التوازن.

د. موضي الخالدي

كما يمكن أن تظهر علامات غير حركية مثل اضطرابات النوم، فقدان حاسة الشم، أو الشعور بالاكتئاب.
وأوضحت الدكتورة الخالدي أن التشخيص يعتمد في العادة على الفحص السريري المفصل والتاريخ المرضي، ويمكن للطبيب استخدام اختبار دوائي مثل “ليفودوبا” لتقييم الاستجابة وتحسين الأعراض خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ما يعزز من احتمالية الإصابة بمرض باركنسون مقارنة باضطرابات أخرى كالرعاش الأساسي أو الشلل فوق النووي التدريجي.

علاجات متاحة

كما أشارت إلى أهمية العلاجات التكميلية كالعلاج الطبيعي، اليوغا، والتاي تشي، لما لها من دور في تعزيز المرونة الجسدية والاتزان، في حين يساعد العلاج النفسي في تخفيف التحديات النفسية والعاطفية المصاحبة للمرض.
وحول المستجدات الطبية، أكدت الخالدي أن الأبحاث الجارية في عام 2025 تشهد تطورًا واعدًا، حيث يتم العمل على تقنيات جينية تهدف إلى تحفيز الخلايا العصبية، وتجارب على الخلايا الجذعية لإصلاح الضرر الدماغي، إضافة إلى تطوير أجهزة ذكية مثل القفازات المثبتة للرعشة، وأنظمة مراقبة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتخصيص العلاج حسب حالة كل مريض.
وشددت على أن دور المجتمع لا يقل أهمية عن العلاجات الطبية، إذ أن الدعم العاطفي والمجتمعي يُعد ركيزة أساسية في تحسين جودة حياة المريض، خاصة من خلال المبادرات المجتمعية، حملات التوعية، تقديم الدعم النفسي، وتوفير خدمات الرعاية الشاملة.
وأضافت أن العلاجات المتاحة حاليًا تُساهم بشكل كبير في تحسين الأعراض والسيطرة عليها، حتى وإن لم يكن هناك علاج شافٍ حتى الآن.
ومن أبرز هذه العلاجات: أدوية “ليفودوبا/كاربيدوبا” التي تعوض نقص الدوبامين، والمضخات الدوائية للحالات المتقدمة، بالإضافة إلى التحفيز العميق للدماغ (DBS) كخيار جراحي فعال يُساعد في الحد من الرعشة وتحسين قدرة الحركة.

د. زينب العرفج

تطور علاجي

وفي السياق ذاته، قالت الدكتورة زينب العرفج، استشارية الأعصاب واضطرابات الحركة في مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر، إن مرض باركنسون يُصنف كاضطراب تنكسي يؤثر تدريجيًا على القدرة الحركية، وتبدأ أعراضه المبكرة بالرعاش، التصلب، بطء الحركة، وقد تتضمن فقدان حاسة الشم واضطرابات النوم.
وأضافت أن تطور المرض يشمل لاحقًا مشكلات في التوازن، الإصابة بالإمساك، الاكتئاب، وأحيانًا تدهور في الذاكرة.
وأشارت إلى أن العلاجات الحديثة تضم عقار “ليفودوبا تحت الجلد” (ABBV-951)، والتحفيز الدماغي العميق المتكيف، وبعض الأدوية الجديدة التي ما تزال قيد الدراسة مثل Lixisenatide.
وأكدت أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تلعب دورًا متصاعدًا في دعم التشخيص المبكر، مما يفتح المجال لتدخلات علاجية في المراحل الأولية، وبالتالي تحسين فرص التحكم في المرض.
كما شددت الدكتورة العرفج على أهمية الدور المجتمعي، سواء من الأفراد أو الجهات، في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لمرضى باركنسون.
وأشادت بجهود الجمعية السعودية لمرضى باركنسون التي توفر التثقيف، الأجهزة المساندة، العيادات المجانية، وخدمات الدعم المتنوعة للمصابين وأسرهم.
وأبرزت أهمية مساهمة المؤسسات الحكومية، لا سيما في تفعيل التحويل للطب المنزلي، والذي يُعد أحد أركان الرعاية المتكاملة لمرضى باركنسون، حيث يوفر للمريض احتياجاته اليومية، الدعم الغذائي، العلاج الطبيعي، والعلاج الوظيفي داخل منزله، مما يسهم في الحد من تدهور الحالة وتحسين جودة الحياة.

Exit mobile version