6/8/2025–|آخر تحديث: 17:45 (توقيت مكة)
“لن أعطي الروس أو الأميركيين المناقصات، بل سأعطيها للأتراك”، بهذه العبارة التي وُصفت بـ”المتفجرة”، نسب تصريح إلى رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، وسرعان ما انتشر على نطاق واسع عبر منصات التواصل، مثيرا موجة من الغضب والاستغراب، خاصة بين المتابعين للشأن الأرميني والعلاقات الإقليمية.
لكن خلف هذه الجملة التي أثارت الجدل، تختبئ رواية مختلفة، أكثر من مجرد “تصريح صادم”، وأقرب إلى نموذج مألوف من التضليل الرقمي عبر الاجتزاء والتحريف؛ حيث تنتزع الكلمات من سياقها، ويعاد توظيفها لتأجيج مشاعر سياسية أو قومية.
وراجع فريق “الجزيرة تحقق” مصدر الادعاء، والمقطع الأصلي كاملا، لفحص دقة التصريح المقتبس، ومقارنته بالسياق الرسمي الذي ورد فيه.
وتتبع الفريق مسار انتشار التصريح المنسوب إلى رئيس الوزراء الأرميني، وتبين أن أول من نشر الفيديو المقتطع كان حسابا تركيا على منصة “إكس” يدعى @m3vzu، معروف بمحتواه التفاعلي الواسع الانتشار.
نشر الحساب مقطعا لا تتجاوز مدته 9 ثوانٍ، وادّعى أنه يُظهر باشينيان داخل البرلمان وهو يصرخ قائلا: “لن أُعطي المناقصات للروس أو الأميركيين، بل سأُعطيها للأتراك”.
🔴Ermenistan Başbakanı Nikol Paşinyan Ermeni Meclisinde:
İhaleleri Ruslara, Amerikalılara peşkeş çekmeyeceğim, Türklere vereceğim! pic.twitter.com/3jiXoXvUCM
— Mevzu (@m3vzu) August 5, 2025
وسرعان ما تجاوز المقطع مليون مشاهدة على ذلك الحساب وحده، في ظرف ساعات، وعقب ذلك، تداولت الفيديو حسابات محلية وإقليمية أخرى، أرفقته بتعليقات تتهم باشينيان بـ”خيانة الحلفاء” و”الانحياز لعدو تاريخي”، مما ساهم في تضخيم الجدل وتحويل المقطع إلى مادة تعبئة سياسية عابرة للحدود.
İhaleleri Ruslara, Amerikalılara vermeyeceğim, TÜRKLERE vereceğim dedi mecliste kavga çıktı.
Paşinyan doğru yolu bulmuş. Ermenistanin geleceği Türkiye’ye bağlı. pic.twitter.com/fMgh7brrJh
— Ottoman-1299🇹🇷🇩🇪 (@polll_can_tr) August 4, 2025
ماذا قال باشينيان فعلا؟
مع تسارع انتشار الفيديو المقتطع، تتبع فريق “الجزيرة تحقق” التسجيل الكامل للجلسة البرلمانية التي زُعم أن التصريح ورد فيها، وراجع بدقة المصدر الأصلي.
تبين أن الجلسة عقدت بتاريخ السابع من مايو/أيار الماضي، واستمرت أكثر من 3 ساعات، وبالعودة إلى الدقيقة 02:39:00 -وهي اللحظة التي استُقطع منها الفيديو المنتشر- لم يسجّل أي قول لرئيس الوزراء الأرميني يشير إلى مناقصات أو إلى روسيا أو الولايات المتحدة أو تركيا.
في الواقع، كان باشينيان يرد بنبرة حادة على أحد الصحفيين أثناء خروجه من القاعة، منتقدا أسلوب تناول بعض القضايا المحلية، دون أن يأتي على ذكر أي جهات دولية أو مناقصات.
وعند مراجعة اللقطات من زوايا مختلفة، يتضح أن التصريح المنسوب إليه لم يصدر إطلاقا، بل تم تركيب الرواية على مشهد غاضب واقتطاعه من سياقه الأصلي، في نموذج واضح للتضليل عبر الاجتزاء.
Armenian PM Nikol Pashinyan lost his temper during the government hour in parliament after opposition MP’s question and called opposition foreign agents.
“If we had focused on the press reports, you would be swinging from the gallows right now.”-Pashinyan said . pic.twitter.com/tPzQpnsxN3
— Könül Şahin 𓃠 (@KonulikShahin) May 7, 2025
ما حدث يشكل نموذجا كلاسيكيا للتضليل عبر الاجتزاء المُوجه، حيث تقتطع لحظة معزولة من سياقها وتعاد صياغتها داخل سردية سياسية مشحونة.
يستخدم هذا الأسلوب بشكل متكرر في الحملات الإعلامية التي تهدف إلى إثارة الرأي العام، أو تشويه صورة شخصية سياسية، أو تحويل الانتباه عن قضايا أكثر جوهرية.