Site icon السعودية برس

ما حقيقة منع مسلمين بيع الكحول ولحم الخنزير للأميركيين في هيوستن؟

أشعلت مقاطع فيديو متداولة مؤخرا جدلا واسعا في الولايات المتحدة، بعد أن أظهرت مجموعة من المسلمين وهم يتجولون بين متاجر في مدينة هيوستن بولاية تكساس، وسط مزاعم بأنهم يحاولون منع بيع المشروبات الكحولية ولحم الخنزير وألعاب القمار للأميركيين.

وسرعان ما تحولت هذه المقاطع إلى وقود لحملة تحريض واسعة النطاق، غذتها حسابات يمينية متطرفة، بل شارك فيها مسؤولون رفيعو المستوى، على رأسهم حاكم الولاية غريغ أبوت.

اقرأ أيضا

list of 2 itemsend of list

ووسط هذا السيل من الادعاءات، التي وصفت الحملة بأنها محاولة لـ”أسلمة” أميركا وتطبيق “الشريعة الإسلامية”، انطلقت دعوات صريحة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد المسلمين، مما أثار تساؤلات عن حقيقة ما جرى، وما إذا كانت هذه الفيديوهات تعكس الصورة الكاملة؟

انتشار الادعاء

كانت البداية في السابع من سبتمبر/أيلول الجاري، حين نشر حساب “راديو جنوة” الموالي لليمين المتطرف على منصة “إكس” مقطع فيديو، يظهر داعية مسلم يحمل ميكروفونا ويوجه خطابا أمام محال تجارية، وعلق الحساب بشكل ساخر: “المسلمون في تكساس يريدون منع الأميركيين من شرب البيرة وأكل لحم الخنزير. الله يريد هذا”.

وقال الداعية في الفيديو الذي نشره “راديو جنوة”: “لا تنتهكوا شرائع الإسلام من خلال بيع منتجات تحرمها ديانة الإسلام.. هذا ما جئنا لأجله، رويدا رويدا، سنزور كل المتاجر في الحي، وبشكل خاص حيث يتم تجاهل الإسلام”، بينما وقف خلفه مجموعة من الأشخاص الذين حملوا لافتات تدعو لتجنب بيع الكحول وألعاب القمار ولحم الخنزير.

وسرعان ما التقط حاكم ولاية تكساس الجمهوري، غريغ أبوت، المقطع وأعاد نشره، متوعدا بتشديد الإجراءات، ومستذكرا قوانين وقعها سابقا “تحظر تطبيق الشريعة الإسلامية”، ودعا إلى الإبلاغ عن أي محاولات لفرضها.

لم يقتصر الأمر على ذلك، إذ شاركت الناشطة اليمينية المؤثرة لورا لومر في الحملة التحريضية، واصفة المسلمين بـ”الجهاديين”، ومطالبة بشن حرب عليهم، وهو ما كشف عن دوافع أيديولوجية عميقة خلف هذه الحملة.

توالت حسابات يمينية على منصات التواصل في إعادة نشر المشاهد مع عناوين مثل “المسلمون يهددون المتاجر” و”أسلمة أميركا”. فقد نشر حساب “شبكة أخبار زاوية اليمين” مقطعا آخر يزعم أن الداعية منح التجار 30 يوما لإزالة الكحول ولحم الخنزير وألعاب القمار من محالهم، وإلا ستنطلق “مظاهرات لتثقيفهم حول الشريعة الإسلامية”.

وترافقت هذه المنشورات مع موجة تحريض واسعة ضد المسلمين في الولايات المتحدة، رافقتها دعوات لاتخاذ إجراءات عقابية بحقهم.

التفنيد

بفحص دقيق أجراه فريق “الجزيرة تحقق” لمحتوى المقاطع المنتشرة، وتحليلها ضمن سياقها الكامل باستخدام أدوات المصادر المفتوحة، تبين أن الرواية التي قدمها اليمين المتطرف مجتزأة ومضللة بالكامل.

واتضح أن الشخص الظاهر في الفيديو هو الداعية الأميركي قاسم خان إمام مسجد التوحيد في هيوستن، وأن خطاباته كانت تستهدف حصرا التجار والباعة المسلمين في أحياء المدينة، ولم يكن هدفها منع بيع المنتجات المحرمة في عموم الولايات المتحدة.

وفي أحد مقاطعه التي تعود إلى مطلع يوليو/تموز الماضي، يقول خان بوضوح: “نحن هنا في هيوستن بتكساس، نقف أمام متاجر يديرها ويعمل فيها المسلمون”، مضيفا “نحن نطلب منهم، لكن لا نستطيع أن نمنعهم بالطبع، فهذه الولايات المتحدة، والناس أحرار في بيع ما يشاؤون، في حدود ما تسمح به حكومة الولايات المتحدة”.

@imam.qasim.khan

#CapCut #haram #trending haram in the search bar above

♬ original sound – MASJID AT-TAWHID HTX

وبمراجعة دقيقة لحواره مع التجار والباعة الذين يقابلهم، تبيّن أن بعض المقاطع تعود لشهري مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين، أي قبل أشهر من انتشارها الحالي، وفي جميعها كان خان يبدأ بسؤال التاجر إن كان مسلما قبل أن يقدم له نصائح دينية بأسلوب توعوي، دون فرض أو تهديد.

@imam.qasim.khan

#CapCut #haram #harampolice

♬ original sound – MASJID AT-TAWHID HTX

التحقق أظهر أن ما جرى ليس سوى حملة دعوية داخلية موجهة للمسلمين، اجتزأت منها حسابات اليمين المتطرف مقاطع لتصويرها كتهديد للأميركيين، في سياق خطاب تحريضي متكرر ضد الجاليات الإسلامية والمهاجرين.

ويعكس هذا النمط محاولة منظمة لـ”شيطنة” المسلمين في الولايات المتحدة، عبر ربط ممارسات دينية شخصية بمحاولة “أسلمة” البلاد، وهو خطاب يجد صداه بين قوى يمينية تستثمر في تأجيج الخوف والانقسام داخل المجتمع الأميركي.

Exit mobile version