لا يتبقى سوى بضع ساعات وتبدأ ليلة النصف من شعبان ليلة الغفران والبراء ويترقب غالبية المسلمين ليلة النصف من شعبان، للتقرب إلى الله عز وجل، حيث يحرصون كل عام على إحياء يوم وليلة النصف من شعبان بالطاعات والعبادات من صيام ودعاء وصلاة وصدقة، طمعًا في نيل المغفرة والرحمة.
وتحمل هذه الليلة المباركة أهمية خاصة، إذ إنها الليلة التي تحولت فيها قبلة المسلمين من المسجد الأقصى إلى الكعبة المشرفة، مما جعلها من الليالي العظيمة التي ورد في فضلها العديد من الأحاديث.
ماذا يحدث في ليلة النصف من شعبان؟
ومن ذلك ما ورد عن دار الإفتاء المصرية أن الله عز وجل ينزل فيها ويغفر لعباده، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: “يطلع ربنا ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين، ويترك أهل الحقد.” وقد رواه البيهقي في “شعب الإيمان” مع اختلاف يسير في نهايته، حيث جاء في رواية أخرى: “ويؤخر أهل الحقد كما هم.”
إلا أن بعض العلماء مثل الإمام ابن الجوزي في كتابه “العلل المتناهية” حكموا على هذا الحديث بالضعف، وأقره الحافظ ابن حجر. بينما جاءت رواية أخرى عن معاذ رضي الله عنه، أوردها الطبراني وابن حبان، حيث قال المنذري في “الترغيب والترهيب” إن إسنادها لا بأس به: “يطلع الله في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن.” ولهذا السبب، استحب بعض الفقهاء قيام هذه الليلة، آملين في نيل الرحمة والمغفرة.
حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
أما عن الاحتفال بهذه الليلة المباركة، فقد أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الاحتفال بها مشروع ومستحب شرعًا، وأن الشريعة الإسلامية رغَّبت في إحيائها واستثمار نفحاتها من خلال قيام الليل وصيام النهار، سعياً لنيل فضلها وثوابها العظيم.
وكان السلف الصالح يحرصون على قيام ليل هذه الليلة وصيام نهارها، كما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: “يُعْجِبُنِي أَنْ يُفَرِّغَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِي أَرْبَعِ لَيَالٍ: لَيْلَةِ الْفِطْرِ، وَلَيْلَةِ الأَضْحَى، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ.”
دعاء ليلة النصف من شعبان 2025
ومن الأدعية التي يستحب للمؤمن أن يرددها في هذه الليلة المباركة، دعاء ليلة النصف من شعبان 2025، والذي جاء فيه:
“اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمَنِّ وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، يَا ذَا الطَّوْلِ وَالإِنْعَامِ. لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ظَهْرَ اللَّاجِئينَ، وَجَارَ الْمُسْتَجِيرِينَ، وَأَمَانَ الْخَائِفِينَ. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ شَقِيًّا أَوْ مَحْرُومًا أَوْ مَطْرُودًا أَوْ مُقَتَّرًا عَلَيَّ فِي الرِّزْقِ، فَامْحُ اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ شَقَاوَتِي وَحِرْمَانِي وَطَرْدِي وَإِقْتَارَ رِزْقِي، وَأَثْبِتْنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ سَعِيدًا مَرْزُوقًا مُوَفَّقًا لِلْخَيْرَاتِ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ فِي كِتَابِكَ الْمُنَزَّلِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ: ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾، إِلَهِي بِالتَّجَلِّي الْأَعْظَمِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ الْمُكَرَّمِ، الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَيُبْرَمُ، أَنْ تَكْشِفَ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا نَعْلَمُ وَمَا لَا نَعْلَمُ وَمَا أَنْتَ بِهِ أَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.”
ويحرص المسلمون في مختلف أنحاء العالم على استقبال هذه الليلة المباركة بأجواء إيمانية، فيسعون للتقرب إلى الله بالدعاء والطاعات، آملين في نيل المغفرة والرحمة، وتجديد العهد مع الله سبحانه وتعالى في أجواء تغمرها السكينة والروحانية.