Site icon السعودية برس

كيف يُعاد تشكيل الخريطة العقارية على الساحل الشمالي في مصر؟

تزايد تهافت المستثمرين على منطقة الساحل الشمالي في مصر بعد إطلاق الإمارات لمشروع “رأس الحكمة” الشهير” بقيمة 35 مليار دولار في فبراير 2024. وترافق ذلك مع إقبال قوي من المشترين على المشاريع التي أُعلن عنها تباعاً. لكن السوق العقارية في المنطقة شهدت جملة تطورات شكّل رأس جبل الجليد فيها قفزة الأسعار بوتيرة غير مسبوقة.  

هذا الغلاء المرشح للتفاقم، والخوف من فقاعة عقارية، دفع الحكومة المصرية إلى اتخاذ سلسلة إجراءات، بما في ذلك فرض رسوم إضافية على المطورين، ووقف بيع أراضٍ جديدة في الساحل الشمالي الغربي (غرب رأس الحكمة)، فضلاً عن تجميد التعامل مع 50 شركة لعدم التزامها بمخططات المشاريع العقارية. فما هي الحصيلة المترقبة لهذه الإجراءات.. ومحاذيرها؟

استيعاب المطورين للرسوم الجديدة

يرى هشام شكري، العضو المنتدب لشركة “رؤيه القابضة للاستثمارات” ورئيس المجلس التصديري للعقار، أن “قرار فرض الرسوم إيجابي، لاسيما بالنسبة للذين حصلوا على أراضٍ ولم يطوروها بل خزّنوها”. مقترحاً أن يدفع هذه الرسوم صاحب الأرض وليس المطور.

فرضت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التابعة لوزارة الإسكان المصرية، رسوماً قدرها 20 دولاراً للمتر الواحد، تُسدّد دفعة واحدة، على المشاريع العقارية التي تطوها شركات أجنبية بمنطقة الساحل الشمالي. كما فرضت رسوماً على مشاريع المطورين المحليين، تصل إلى 1000 جنيه للمتر الواحد، وفقاً لوثيقة رسمية اطلعت عليها “الشرق” قبل يومين.

شكري أوضح بمقابلة مع “الشرق” أن القرار يطال المشاريع العقارية التي يتولى تطويرها شركات بخلاف المالك الأصلي للأرض، باعتبار أنه نوع من التنازل عنها لصالح المطور. مُستبعداً أن يؤثر ذلك بشكل كبير على السوق العقارية والأسعار، لأن الرسوم تمثل ما يتراوح بين 1% إلى 2% من سعر الوحدة المبيعة؛ “ويمكن استيعاب هذه الزيادة في دراسات المشاريع دون نقلها إلى المشتري عبر رفع الأسعار”.

لكن رئيس المجلس التصديري للعقار أبدى تحفظه على كلام متداول بشأن تطبيق القرار بأثر رجعي على المشاريع القائمة وليس الجديدة فحسب؛ “فالخطورة تكمن هنا، ويجب إعادة النظر بهذا التوجُّه إن صحّ الكلام المتداول، لأنه سيؤثر حكماً على السوق”.

طرح الأراضي بين العطش والتخمة

التطور الآخر الذي تضمنته الوثيقة الحكومية، تمثل في قرار هيئة المجتمعات العمرانية وقف بيع أراضٍ جديدة في الساحل الشمالي الغربي (غرب رأس الحكمة) لحين إعادة التسعير من خلال لجنة مختصة، وذلك في “ضوء مستجدات مشروع “رأس الحكمة” ومشاريع تطوير الطرق الرئيسية”، بحسب الوثيقة.

ويوافق شكري على جوهر هذا القرار إذا كان يستهدف “تهدئة السوق لفترة معينة”. مضيفاً: “على مدى العامين الأخيرين طُرحت الكثير من المشاريع والوحدات في السوق خلال فترة قصيرة جداً، وأخشى أننا بدأنا نشهد تخمة عقارية. وبالتالي، كان لا بد من تهدئة الوتيرة عبر إيقاف طرح أراضٍ إضافية حتى تستوعب السوق المشاريع الجديدة وتبدأ تحقيق مبيعات جيدة”.غير 

غير أنه ركّز على أهمية “التوازن” بموضوع طرح الأراضي؛ “فلو أوقفت طرحها لفترة طويلة ستعطش السوق وترتفع الأسعار، ولو طرحتها بزخم بما يفوق استيعاب السوق سيصبح هناك تخمة”.

ارتفاع الأسعار الصحي.. والتصحيح

حول القرار الأخير أيضاً لهيئة المجتمعات العمرانية بوقف التعامل مع 50 شركة عقارية بالساحل الشمالي حتى تدفع المستحقات عليها، اعتبر شكري أنه “لو كانت هذه شركات جديدة لم تطرح مشاريعها بعد، أو في المراحل الأولى من التطوير، فلن يكون هناك تأثير على السوق. أمّا لو كانت هذه الشركات قائمة ولديها مشاريع جارية ويتم طلب هذه المستحقات منها بأثر رجعي، فبالطبع سيكون هناك تأثير على السوق العقارية بالمنطقة”.

تمّ وقف التعامل مع 50 شركة وجهة لقيامها بإحلال مطور آخر لتطوير جزئي أو كلّي للأراضي المخصصة لها في الساحل الشمالي، وذلك لحين توفيق أوضاعها وسداد الرسوم المستحقة، بحسب الوثيقة التي اطلعت عليها “الشرق”. كما شمل القرار قطع الخدمات الحكومية (الكهرباء، المياه) عن هذه المشاريع إلى حين تسديد المبالغ خلال شهر من تاريخ الاستحقاق.

اقرأ أيضاً: مصر تشترط عدم “نحر” الشاطئ لأي مشروع جديد على الساحل الشمالي

يمتد الساحل الشمالي الغربي من العلمين وحتى السلوم بطول 500 كيلومتر على البحر المتوسط، ويشمل ظهيراً صحراوياً يتجاوز عمقه 280 كيلومتراً، بمساحة إجمالية تُقدَّر بنحو 160 ألف كيلومتر مربع. وتضم المنطقة 6 تجمعات تنموية رئيسية هي سيدي حنيش ورأس الحكمة والضبعة وغزالة باي وسيدي عبد الرحمن والعلمين.

ينبّه شكري إلى أن “الغلاء المتسارع بأسعار العقار في الساحل الشمالي، وبما يسبق القدرة الشرائية للمستهلك النهائي، غير صحي، لأنه سيؤدي إلى تصحيح”. مُعتبراً أن ارتفاعاً سنوياً في الأسعار بمعدل 20% إلى 30% صحي لأنه يراعي معدل التضخم”.

Exit mobile version