Site icon السعودية برس

كيف صنع غيديميناس زيميليس ثروته من أزمات صناعة الطيران العالمية؟

عندما كانت شركة ”بوينغ“ تمر بواحدة من أصعب فتراتها العام الماضي، منحها مشتري طائرات غير معروف نسبياً دفعة من الراحة كانت في أمسّ الحاجة إليها.

جاءتها صفقة لشراء ما يصل إلى 80 طائرة ضيقة البدن بعد فترة وجيزة من إضراب مطول في أحد المصانع الرئيسية للشركة الأميركية. قبل أشهر فقط من ذلك، أعاد انسلاخ باب مخرج الطوارئ من طائرة تابعة لشركة ”ألاسكا إيرلاينز“ (Alaska Airlines) خلال طيرانها التدقيق في ممارسات التصنيع في الشركة بعد حوادث مميتة.

اتهام طيار سابق في “بوينغ” بخداع المنظمين حيال طراز “ماكس”

رأى غيديميناس زيميليس فرصة سانحة. كان رجل الأعمال المقيم في دبي قد أمضى أكثر من عام في إقناع الشركة المصنعة الأميركية بالعمل مع شركته التي تتخذ في ايرلندا مقراً لها، وتعمل في تأجير الطائرات “أفيا سوليوشنز“ (Avia Solutions)، وهي شركةٌ صغيرةٌ تقتحم المنافسة الحادة في قطاع الطيران العالمي. قال إن ”بوينغ“ فضلت التعامل مباشرة مع شركات النقل الجوي.

قال زيميليس، في إشارة إلى وزير الخارجية الأميركي السابق: “لقد وظفنا مايكل بومبيو جزئياً لتمثيل مصالحنا، وفي النهاية حظينا باهتمام الإدارة العليا لشركة ”بوينغ”. أكد أن طلب شركته، الذي كان من أوائل الطلبات التي تلقتها الشركة الأميركية بعد الإضراب، كان “صفقة بالغة الأهمية” لشركة ”بوينغ“.

دور وسيط أثبت نجاحه وربحيته

صنع زيميليس، 48 عاماً، لنفسه مهنةً من إقناع الآخرين بمزايا ما يُسمى بالتأجير الشامل، وهو تجارة طيران محفوفة بالمخاطر تتضمن تأجير طائرات لشركات طيران كاملة مع الطيارين وطاقم الضيافة وخدمات الصيانة.

لقد أثبتت هذه التجارة أنها مربحة، فقد كوّن ثروة قدرها 1.5 مليار دولار، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات، الذي قيّم صافي ثروته لأول مرة. لم تستجب ”بوينغ“ لطلبات التعليق فوراً.

يحقق رجل الأعمال الليتواني أرباحاً فيما تجد شركات الطيران العالمية نفسها بين مطرقة الطلب المتزايد على السفر وسندان تأمين ما يكفي من الطائرات للحفاظ على استمرارية رحلاتها.

“الاتحاد للطيران” تلجأ لسوق المستعمل وسط نقص عالمي في الطائرات

يتدخل زيميليس لتقديم حلول شاملة خلال فترات ذروة الطلب غير المتوقعة، أو عند الحاجة إلى صيانة غير مخطط لها. وقد كوّن إمبراطورية تضم 187 طائرة، حيث يؤجر الطائرات لفترات قصيرة لشركات مثل ”يورو وينغز“ (Eurowings) الألمانية ومجموعة “فيفا أيروباص” (Viva Aerobus) المكسيكية. وتخدم ”أفيا“ حالياً 60 شركة طيران.

يتحدث عن جدول سفر مرهق من مقره في جزيرة نخلة جميرا بدبي، وهو يجوب العالم، ويعرض نموذج أعماله على شركات الطيران. عادة ما يكون التأجير الشامل (الذي يُسمى لأنه يتضمن مكونات تشغيلية وليس مجرد طائرات “جافة”) أعلى تكلفة من التأجير الشامل التقليدي، ما يجعل تسويقه أصعب لدى شركات الطيران التي تهتم بالتكلفة والميزانية.

مقر جديد إقليمي في دبي لأهميتها لقطاع الطيران

يقضي زيميليس نصف عامه في دبي، حيث تبني شركته مقراً إقليمياً لشركة “أفيا” بمساحة 9000 متر مربع في ”دبي ساوث“، وهو مركز جوي إقليمي جديد تبنيه المدينة بين دبي وأبوظبي، ويُعدّ محوراً أساسياً في خططها التنموية.

قال في مقابلة من مكاتب شركته في دبي، الواقعة على بعد خطوات من منطقة ”دبي مارينا“ المتألقة: “هذه المنطقة نابضة بالحياة بفضل قطاع الطيران. لذا، فهو موقع مثالي بالنسبة لي”.

“طيران الإمارات”: تحديث أسطول الطائرات سيكلف 5 مليارات دولار

يرتكز عرضه على وعده بالسرعة والمرونة. فشركات الطيران التي تواجه تأخيرات في التسليم أو تكافح مع نقص الموظفين والصيانة، غالباً ما لا تستطيع الانتظار لأشهر قبل تشغيل طائرات جديدة.

يوفر التأجير الشامل، المعروف سابقاً باسم (ACMI)، وهي الأحرف الأولى من أربع كلمات إنجليزية تعني الطائرات والطاقم والصيانة والتأمين، حلاً مؤقتاً فورياً، وإن كان مكلفاً.

وفقاً لشركة الاستشارات ”آي بي إيه غروب“ (IBA Group)، فإن حوالي 28% من شركات الطيران في الأسواق الناشئة تلجأ إلى التأجير الشامل لتجنب الاضطرار إلى شراء أساطيل برأس مال كبير.

يجادل بأن من مزايا هذا النموذج الأخرى السماح لشركات الطيران بالتخلص من فائض الطاقة الاستيعابية في مواسم الذروة، وتجنب رفع الأسعار خلال فترات الذروة لتعويض الخسائر في الأشهر التي تشهد تباطؤاً في الطلب.

“نقص عالمي”

قال بيوتر غروبيلني، المحلل لدى ”آي بي إيه“: “في السنوات الأخيرة، ازدهر قطاع (ACMI) بسبب النقص العالمي في الطائرات الجديدة… ما كان يُعتبر في السابق حلاً مؤقتاً لذروة الصيف، تطور إلى ضرورة استراتيجية على مدى العام لكثير من شركات الطيران”.

نتيجة لذلك، أصبح عام 2024 عاماً قياسياً في استخدام خدمات (ACMI)، إذ تجاوز عدد ساعات الطيران المتراكمة التي نفذها مقدمو الخدمات 920 ألف ساعة، حسب بيانات ”آي بي إيه“.

كما أن هذا العمل ينطوي على مخاطر، كما اتضح خلال الجائحة عندما انهار الطلب واضطرت ”أفيا“ إلى إيقاف جزء كبير من أسطولها عن العمل. ونظراً لأن مشغلي (ACMI) يتحملون المسؤولية التشغيلية الكاملة، فغالباً ما يواجهون تكاليف ثابتة مرتفعة وطائرات معطلة عند انخفاض الطلب.

نقص الإمدادات قد يعيق “إيرباص” عن تسليم الطائرات المستهدفة العام الجاري

إذا عاد عرض الطائرات إلى وضعه الطبيعي وارتفع الإنتاج، فقد تنخفض أسعار الإيجار والطلب على التأجير الشامل، وفقاً لرابطة شركات الطيران الدولية.

للمساعدة في تخفيف هذه التحديات، يسعى الملياردير إلى إنشاء عمليات في كل قارة، ما يمكن أسطوله من التناوب بين شركات الطيران والاستفادة من دورات الطلب المختلفة. على سبيل المثال: عادة ما تحدث ذروة العطلات في أوروبا وآسيا في مواسم متبادلة.

استثمر زيميليس، خريج كلية الحقوق، في مجالات تتراوح من الزراعة إلى العقارات. بدأ مسيرته في مجال الطيران في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث ساعد في خصخصة وإعادة هيكلة شركة الطيران التي تملكها الدولة في وطنه ليتوانيا.

عمل على كافة الجبهات ووصفة نجاح غريبة

على مدى العقدين التاليين، بنى إمبراطورية تشمل مدارس تدريب الطيارين وحظائر صيانة الطائرات إلى مشغلي رحلات التأجير الكاملة. تضم مجموعة شركات “أفيا” أكثر من 200 شركة، يدعمها حوالي 14000 عامل طيران. وبحلول عام 2030، تخطط الشركة لضم 700 طائرة إلى أسطولها.

تعمل مجموعة الطيران مع شركاء أميركيين منذ عدة سنوات. في سبتمبر 2021، استثمرت شركتا الاستثمار الأميركيتان “سيرتاريس مانجمنت” (Certares Management) و”نايتهيد كابيتال مانجمنت” (Knighthead Capital Management) 300 مليون يورو في “أفيا” مقابل حصة قدرها 20% من أسهمها.

سلمت ”بوينغ“ 160 طائرة خلال الربع الثالث، وهو أكبر عدد منذ عام 2018، ويشير إلى تعافي شركة صناعة الطائرات من الاضطرابات التي أضرت بتمويلها وسمعتها.

زيميليس، الذي حضر حفل تنصيب الرئيس دونالد ترمب هذا العام، واضح تماماً بشأن ما كان يتطلبه بلوغ ما بلغه. قال: “كل ما عليك فعله هو أن تساهم بكل حياتك في العمل، احصل على الطلاق، وأعد استثمار كل ما كسبته، وكن مستعداً لأن تقترض 10 أضعاف ذلك“.

Exit mobile version