Site icon السعودية برس

قيمة الرحمة في الإسلام.. لا تنزع من شخص إلا كُتب عليه الشقاء

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إنه قد دأب المحدثون في تبليغ حديث سيدنا رسول الله لطلبة العلم، على أن يستفتحوا بحديث الرحمة المسلسل بالأولية، هذا الحديث الذي انقطعت أوليته عند سفيان بن عُيينة، الذي يرويه عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو يبلُغ به النبي: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) [أحمد وأبو داود].

الرحمة في الإسلام

وورد عن رسول الله أحاديث كثيرة تحث المسلمين على التخلق بالرحمة فيما بينهم ومع جميع الخلق، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ أَبَا الْقَاسِمِ صَاحِبَ هَذِهِ الْحُجْرَةِ: (لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ شَقِيٍّ) [أحمد وابن أبي شيبة].

وعن سيدنا علي رضي الله عنه أن النبي قال: (اطْلُبُوا الْمَعْرُوفَ مِنْ رُحَمَاءِ أُمَّتِي تَعِيشُوا فِي أَكْنَافِهِمْ، وَلَا تَطْلُبُوهُ مِنَ الْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ فَإِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ. يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْمَعْرُوفَ وَخَلَقَ لَهُ أَهْلًا، فَحَبَّبَهُ إِلَيْهِمْ وَحَبَّبَ إِلَيْهِمْ فِعَالَهُ، وَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ طُلَّابَهُ، كَمَا وَجَّهَ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجَدْبَةِ لِيُحْيِيَ بِهِ أَهْلَهَا، وَإِنَّ أَهْلَ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ) [الحاكم في المستدرك والديلمي].

وأكد علي جمعة، أن الرحمة لا تُنزع إلا من شقي؛ لأن الرحمة في الخلق رِقَّةُ القلب، ورقته علامة الإيمان، ومن لا رقة له لا إيمان له، ومن لا إيمان له شقي، فمن لا يُرزق الرحمة فشقي، فاعلموا أن غِلظة القلب من علامات الشقاوة.

رحمة النبي

وقد فهم المسلمون هذه الرحمة فهمًا شاملًا، وأحسنوا تطبيق هذا الأدب النبوي الرفيع؛ فقاموا بعمل أوقاف لرعاية الحيوانات والرحمة بها، منها: وقف على مَساقِي الكلاب، ووقف الكلاب الضالة: وهو وقف في عدة جهات، يُنفَق من ريعه على إطعام الكلاب التي ليس لها صاحب؛ استنقاذًا لها من عذاب الجوع حتى تستريح بالموت أو الاقتناء.

ووقف لإطعام الخيل العاجزة عن العمل، وكان المرج الأخضر في دمشق وقفًا على الحيوانات المُسِنَّة؛ تأكل حتى تموت دون أن يضطر أصحابها لقتلها تخلُّصًا من نفقاتها. وكان هناك وقف على تمريض القطط والكلاب والحيوانات المريضة ورعايتها حال هَرَمِها.

وفي العصر المملوكي، وبالتحديد في تكية محمد بك أبو الذهب، بُنيت صوامع للغلال لتأكل منها الطير. وهكذا كان المسلمون يُحوِّلون إرشادات رسول الله ﷺ إلى واقع عملي يعيشون فيه، فحازوا الشرف والعز وخير الدنيا والآخرة.

Exit mobile version