Site icon السعودية برس

قمة الدوحة.. إجماع عربي وإسلامي على مواجهة شاملة لإسرائيل بين المسارات القانونية والسياسية والاقتصادية

استضافت الدوحة القمة العربية في ظرف إقليمي تتصاعد فيه الاعتداءات الإسرائيلية على أكثر من جبهة عربية، من غزة وسوريا والعراق واليمن وصولًا إلى العدوان الأخير على قطر، في مشهد يضع الأمن القومي العربي أمام تحديات غير مسبوقة. 

وقد شكلت القمة محطة محورية لتوحيد الموقف العربي، حيث أجمع القادة على إدانة الانتهاكات الإسرائيلية واعتبارها تهديدًا مباشرًا لسيادة الدول العربية، مؤكدين ضرورة الانتقال من بيانات الشجب والإدانة إلى خطوات عملية تشمل تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وفرض عقوبات سياسية واقتصادية ودبلوماسية، مع الدعوة إلى تحرك جماعي يعيد الاعتبار للأمن القومي العربي ويضع حدًا للتمادي الإسرائيلي المتواصل.

أستاذ قانون دولي: قمة الدوحة تؤسس لمرحلة جديدة من المواجهة القانونية والسياسية مع إسرائيل

كشف الدكتور محمد محمود مهران المتخصص في القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي في تصريحات خاصة لـموقع “صدى البلد” أن القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة شكلت نقطة تحول حاسمة في الموقف العربي والإسلامي تجاه الممارسات الإسرائيلية المتصاعدة مؤكدا أن ما شهدته القمة من إجماع على توصيف إسرائيل كعدو ومطالبات صريحة بفرض عقوبات شاملة يؤسس لمرحلة جديدة من المواجهة القانونية والسياسية.

ولفت الدكتور مهران إلي إن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي أكدت ضرورة تغيير نظرة العدو نحو الأمة العربية لترى أن أي دولة عربية مساحتها ممتدة من المحيط إلى الخليج تعكس فهما عميقا لمفهوم الأمن الجماعي العربي الذي طالما دعت إليه القيادة المصرية الحكيمة منذ سنوات.

وأضاف أن هذا التوجه يتطلب قرارات وتوصيات قوية كما ذكر الرئيس السيسي وهو ما يستدعي تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي ظلت حبرا على ورق لعقود طويلة.

وأشار الخبير إلى أن إعلان الرئيس التركي أردوغان إيقاف المعاملات التجارية مع الكيان الصهيوني يمثل خطوة عملية مهمة يجب أن تحتذي بها جميع الدول العربية والإسلامية مؤكدا أن المقاطعة الاقتصادية الشاملة تبقى الأداة الأكثر فعالية لإجبار إسرائيل على احترام القانون الدولي.

كما لفت إلى أن تساؤل أمير قطر الشيخ تميم حول منطقية تفاوض إسرائيل مع حماس بينما تسعى لاغتيال قيادتها يكشف التناقض الفاضح في السلوك الإسرائيلي ويؤكد عدم جديتها في أي عملية سلام حقيقية.

وحول السيناريوهات المتوقعة في الفترة القادمة أكد الدكتور مهران أن هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية قد تشهدها المنطقة، مشيرا إلي أن السيناريو الأول هو تطبيق قرارات القمة بشكل جدي من خلال فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية شاملة على إسرائيل وتعليق جميع الاتفاقيات معها بما في ذلك اتفاقيات التطبيع والاتفاقيات الإبراهيمية وهو ما سيضع ضغطا حقيقيا على الكيان الصهيوني ويجبره على إعادة النظر في سياساته العدوانية.

وأوضح أن السيناريو الثاني يتمثل في استمرار الوضع الراهن مع اكتفاء الدول العربية بالإدانات والاستنكارات دون اتخاذ خطوات عملية حاسمة وهو ما سيشجع إسرائيل على المزيد من التمادي والعدوان على الدول العربية.

أما السيناريو الثالث فهو التصعيد العسكري في حالة تكرار الاعتداءات الإسرائيلية على الدول العربية وهو سيناريو خطير قد يؤدي لتوسيع دائرة الصراع إقليميا.

وحذر الدكتور مهران من مخاطر السيناريو الثاني مؤكدا أن التخاذل العربي في هذه اللحظة الحاسمة سيعني المزيد من الإذلال والعدوان الإسرائيلي على السيادة العربية، مؤكدا أن الوقت قد حان للانتقال من مرحلة الكلام إلى مرحلة الفعل والتطبيق العملي لما تم الاتفاق عليه في قمة الدوحة.

وأشاد بالإجماع العربي والإسلامي الذي شهدته القمة على إدانة العدوان الإسرائيلي على قطر مؤكدا أن مواقف قادة الدول تؤكد أن العالم العربي والإسلامي بات متفقا على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي ومحاسبة الكيان الصهيوني على جرائمه.

و أشار إلى أن اعتذار الرئيس اللبناني عن تكرار مفردات الإدانة التي باتت تثير نفوس الشعوب يعكس الإحباط الشعبي من عدم تطبيق القرارات العربية وضرورة الانتقال لمرحلة جديدة من الأفعال لا الأقوال، مؤكدا أن دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني لتحرك عربي وإسلامي جاد يعيد الأمور لنصابها الصحيح تلخص ما تنتظره الشعوب العربية من قادتها.

وحول الدور المصري المتوقع أكد الدكتور مهران أن مصر بحكم موقعها الجغرافي ووزنها السياسي والعسكري مطالبة بقيادة الجهود العربية لتطبيق قرارات القمة وتفعيل آليات الضغط على إسرائيل، مشيراً إلى أن الرؤية المصرية للأمن الجماعي العربي التي طرحها الرئيس السيسي منذ سنوات تجد اليوم آذانا صاغية وأرضية خصبة للتطبيق.

هذا وشدد على أن الفترة القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير المنطقة ومستقبل العلاقات العربية الإسرائيلية مؤكدا أن الشعوب العربية والإسلامية لن تقبل بالمزيد من التخاذل أو التأجيل في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتصاعد على الأمة ومقدساتها وحقوقها المشروعة في الحرية والكرامة والاستقلال.
 

Exit mobile version