تثير القرارات الاقتصادية والإدارية التي اتخذها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، جدلًا واسعًا حول تأثيرها المحتمل على الاقتصاد العالمي واستقرار الأسواق المالية. فسياساته التي تميل إلى الحمائية والانغلاق قد تؤدي إلى توترات تجارية، واضطرابات في سلاسل التوريد، وتغيرات في تدفقات الاستثمار، مما قد ينعكس على أسعار الدولار والوضع الاقتصادي العالمي بشكل عام.
وفي هذا السياق، تحدث الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي، عن تداعيات هذه القرارات، موضحًا تأثيراتها المحتملة على الأسواق العالمية والتجارة الدولية.
تأثير قرارات ترامب المتهورة على الاقتصاد العالمي
قال الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي، إن قرارات ترامب الأخيرة تكشف عن توجهه نحو سياسات أكثر حمائية وانعزالية، وهو ما قد تكون له تداعيات على الاقتصاد العالمي وأسعار الدولار. فمن بين أبرز هذه القرارات، التخطيط لتسريح آلاف الموظفين في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، مما قد يحدّ من النفوذ الأمريكي في الدول النامية ويؤثر على المشاريع التنموية التي تموّلها واشنطن, ورغم أن التأثير المباشر على الدولار قد يكون محدودًا، فإن تقليص دور أمريكا في هذه المناطق قد يفتح المجال أمام قوى أخرى مثل الصين لتعزيز وجودها الاقتصادي والسياسي.
وأضاف الإدريسي في تصريحات لـ “صدى البلد”، أنه فيما يخص فرض رسوم جمركية على البضائع الصينية وتأجيل فرضها على دول الجوار، فإن هذا القرار يعزز التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. من المتوقع أن ترد الصين بإجراءات مضادة قد تؤثر على التجارة والاستثمارات، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في الأسواق العالمية. وإذا تصاعدت هذه الحرب التجارية، فقد ترتفع أسعار بعض السلع في الولايات المتحدة، مما قد يزيد من معدلات التضخم ويؤثر على سياسات الفيدرالي الأمريكي، وهو ما قد يدفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الدولار كملاذ آمن، مما يعزز قيمته مؤقتًا. في المقابل، تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على اليابان قد يضر بالعلاقات التجارية بين البلدين، خاصة أن اليابان من أكبر المستثمرين في الولايات المتحدة. وإذا تراجعت هذه الاستثمارات بسبب التوترات التجارية، فقد يضغط ذلك على الدولار مقابل الين الياباني.
ولفت إلى أن ترامب يسعى إلى تقليص حجم العمالة الفيدرالية عبر تحفيز الموظفين على الاستقالة، وهو ما قد يحدّ من الإنفاق الحكومي على الرواتب والمزايا، لكنه قد يؤثر على الخدمات العامة والاقتصاد المحلي إذا لم يتم التعامل معه بحذر.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، جاء قراره بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية والانسحاب من بعض مؤسسات الأمم المتحدة ليؤكد على استراتيجيته القائمة على تقليل الالتزامات الأمريكية تجاه المنظمات الدولية. وبينما لا يبدو أن لهذه الخطوات تأثيرًا اقتصاديًا مباشرًا، فإنها قد تزيد من التوترات بين واشنطن وحلفائها، مما قد يخلق حالة من عدم الاستقرار في بعض الأسواق.
وتابع: “في خطوة أخرى تعكس السياسة الأمريكية تجاه الدول الحليفة، طالب ترامب أوكرانيا بتوفير المعادن النادرة للولايات المتحدة بنحو ٥٠٠ مليار دولار، وهي خطوة قد تؤثر على سلاسل التوريد العالمية، خاصة إذا ما نشأت خلافات بين كييف وواشنطن أو تأثرت صادرات أوكرانيا إلى الأسواق الأخرى. أما قراره بوقف المساعدات لجنوب إفريقيا، فقد يضر بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين، ويعزز التوجه الأمريكي نحو إعادة توجيه المساعدات الخارجية وفقًا لمصالحها الاستراتيجية”.
واختتم قائلًا: “بشكل عام، تعكس هذه القرارات توجهًا أمريكيًا نحو الحمائية وتقليل التدخلات الدولية، وهي سياسة قد تؤدي إلى اضطرابات في الأسواق، لكنها في الوقت ذاته قد تعزز قوة الدولار إذا أدت إلى تصاعد المخاطر العالمية ودفع المستثمرين إلى البحث عن الأمان في العملة الأمريكية”.