Site icon السعودية برس

قبل لقاء ترمب وبوتين.. 6 محطات تكشف التحول الدرامي في علاقة الزعيمين

شهدت العلاقة الشخصية المثيرة للفضول بين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين سلسلة من المنعطفات الغريبة منذ آخر لقاء جمعهما على انفراد، بعيداً عن أعين الشهود. 

تنطلق أول قمة بينهما منذ سبعة أعوام بخيار مفاجئ ذي رمزية لافتة، باختيار ولاية ألاسكا مقراً للمحادثات بين الرئيسين الأميركي والروسي.

وفيما يجتمعان لبحث إنهاء الحرب في أوكرانيا، يكشف اقتراح الكرملين عقد القمة في ولاية أميركية كانت جزءاً من روسيا سابقاً عن استراتيجية ماكرة لبوتين، تستهدف ملامسة غريزة ترمب العقارية وإبرام صفقة كبرى تستبعد الأطراف الأخرى.

كيف تبدو علاقة بوتين وترمب؟

على مدى السنوات، ظل بوتين موضع افتتان لدى ترمب، الذي أشاد بذكائه واصفاً إياه بـ “العبقري” عند غزو روسيا لجارتها عام 2022.

ويبدو أن الرئيسين ينسجان علاقة ودية، بل وذات طابع مرح أحياناً، إذ دأب بوتين على مناداة نظيره الأميركي ببساطة باسمه الأول: “دونالد”.

خلال ولايته الأولى، لم يُخفِ ترمب إعجابه بالزعيم القوي، وتحدث معه منذ عودته إلى البيت الأبيض ما لا يقل عن ست مرات. 

قال ترمب للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال المواجهة الشهيرة في المكتب البيضاوي: “لقد خاض بوتين معي الكثير من التجارب العصيبة”. 

أما بوتين، فيُعرف بقدرته على الانتقال السريع من المزاح إلى التهديد. فبعد أن ضمّت قواته المعروفة بـ”الرجال الخضر الصغار” شبه جزيرة القرم عام 2014، سأله أحد المتقاعدين عما إذا كان سيستعيد ألاسكا، فجاء رده بأسلوبه الاستفزازي المألوف: “ولماذا تحتاجون إلى ألاسكا؟.. الجو هناك بارد أيضاً. لا داعي لتهويل الأمر”.

تغيّر العالم جذرياً منذ انعقاد القمة المثيرة للجدل والتي انتهت بانتكاسة في هلسنكي عام 2018، حين اصطفّ ترمب إلى جانب بوتين في مواجهة مسؤولي إدارته بشأن تدخل روسيا في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016.

وفي ولايته الثانية، بدا ترمب رئيساً أكثر ثقة بصورة جلية، وازدادت نقمته على أساليب المماطلة التي يتبعها بوتين. ورغم أن الرئيس الروسي يتربع على السلطة منذ أكثر من ربع قرن، لكن الصراع الطويل في أوكرانيا نال من هالته كزعيم لا يُقهر. 

إذا كانت اللحظات اللافتة من لقاءاتهما السابقة تصلح مقياساً، فإن قمة الجمعة تحمل وعوداً بمشهد سياسي مثير، مهما كانت نتيجتها. وفي ما يلي أبرز المحطات.

 هامبورغ، ألمانيا: قمة مجموعة العشرين، يوليو 2017

أبرز قضية ألقت بظلالها على أول لقاء كبير بين ترمب وبوتين كانت دور روسيا في التدخل بانتخابات 2016، التي أظهرت استطلاعات الرأي آنذاك أن هيلاري كلينتون كانت الأوفر حظاً للفوز بها.

رصدت وكالات الاستخبارات الأميركية أدلة على حملة تضليل إعلامي روسية استهدفت تعزيز فرص ترمب، الذي أبدى انزعاجه من التشكيك في شرعية فوزه. وفي المقابل، قال مسؤولون روس إن ترمب قبل نفي بوتين لأي دور روسي. 

أما التوغل الروسي في أوكرانيا، والذي كان حينها محصوراً في القرم وشرق البلاد، فلم يشغل سوى حيز ثانوي في اجتماع ثنائي استمر أكثر من ساعتين. 
غير أن الأحداث اتخذت منعطفاً غير مألوف خلال مأدبة العشاء التي جمعت ترمب وبوتين وزوجاتهم في قاعة “إلبفيلهارموني” للحفلات الموسيقية على ضفاف نهر إلبه.   

في ختام العشاء، اقترب ترمب من بوتين، وتبادلا الحديث بشكل غير رسمي لمدة ساعة كاملة، دون ملاحظات مكتوبة أو حضور أي مساعدين. 

وكانت التوثيقات الوحيدة لهذا الحوار من نص قدمه مترجم الكرملين الروسي. وقد انتقد ترمب لاحقاً التقارير التي وصفت هذا اللقاء الثاني بالسري، على الرغم من أنه لم يُكشف عنه إلا بعد أن سرد بعض الحاضرين العشاء ما شاهدوه. 

 دا نانغ، فيتنام: قمة أبيك في نوفمبر 2017

العامل الأساسي الذي دفع بوتين للسفر إلى فيتنام، بدلاً من إرسال مسؤول أدنى رتبة، كان الاجتماع شخصياً مع ترمب. لم يكتشف الكرملين إلا عند وصوله أن ترمب قرر إلغاء الاجتماع، لكنه وافق لاحقاً على عقد اللقاء “بشكل سريع”، ما أثار انزعاج بوتين بوضوح.

وعزا بوتين فشل عقد محادثات أعمق إلى تضارب في الجداول الزمنية، موجّهاً تحذيراً: ‘الأمر مرتبط بجدول السيد ترمب، وجدولي، وبعض الإجراءات البروتوكولية التي أخفقت فرقنا للأسف في تنسيقها، وسيُعاقبون على ذلك”. 

في موسكو، أشار البعض إلى فريق ترمب واتهموه بمحاولة التعويض عن التداعيات السياسية خلال العشاء المثير للجدل في هامبورغ. أدرك آخرون أن ترمب كان تحت ضغط لتجنب الظهور بمظهر المتساهل مع بوتين، في ظل استمرار أعضاء الكونغرس ووكالات الاستخبارات الأميركية في التحقيق بتأثير روسيا على انتخابات 2016. 

هلسنكي فنلندا: القمة الرئاسية، يوليو 2018

 بعد حديث استمر قرابة ساعتين مع بوتين، فاجأ ترمب حتى أعضاء حزبه حين صرح بأنه يصدق بوتين أكثر من وكالات الاستخبارات الأميركية في تقييمها لتأثير روسيا على الانتخابات.

وعند عودته، واجه انتقادات شبه إجماعية لأدائه. وقال السيناتور الجمهوري جون ماكين: “لم يسبق لأي رئيس أن أذل نفسه بهذا الشكل أمام طاغية”. كما تصاعد الضغط من الحزبين لتشديد العقوبات الأميركية على روسيا.

أما موسكو، فقد رحبت بنبرة المحادثات ونتائجها،  وقال بوتين “لقد شرع الزعيمان في الطريق نحو تحقيق تغييرات إيجابية”. وخلال الاجتماع، عرض بوتين سراً على ترمب مقترحاً لإجراء استفتاء في مناطق شرق أوكرانيا التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا.

 ورفض ترمب لاحقاً الفكرة علناً، لكن بوتين مضى في تنفيذها بعد غزوه الشامل لأوكرانيا عام 2022، عندما لم يكن ترمب في منصبه.  كما دعا ترمب بوتين في هلسنكي إلى زيارة واشنطن في خريف ذلك العام، لكن اللقاء لم يتم.

اقرأ أيضاً : زيلينسكي: أوكرانيا لن تتنازل عن أراض لروسيا من أجل السلام

 باريس، فرنسا: مراسم هدنة الحرب العالمية الأولى، نوفمبر 2018

سادت تكهنات واسعة حول ما إذا كان ترمب وبوتين سيعقدان اجتماعاً ذا مضمون حقيقي على هامش الاحتفال الدولي بهدنة عام 1918 التي أنهت الحرب العالمية الأولى.

قال جون بولتون، مستشار الأمن القومي لترمب آنذاك، إن الزعيمين كانا يخططان للقاء. في حين قلل الكرملين علناً من احتمال إجراء محادثات مع ترمب، رغم أن بوتين كان قد التقى بولتون قبل ذلك بعدة أسابيع.

شهدت عطلة نهاية الأسبوع هطول أمطار غزيرة، فاختار ترمب وبوتين استقلال موكبيهما، متجنبين السير تحت المطر مع بقية قادة العالم نحو قوس النصر.

عند وصول بوتين لالتقاط الصورة الجماعية، صافح أولاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ثم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، قبل أن يصافح ترمب مصحوبة بإيماءة إبهام سريعة. وفي روسيا، تم اعتبار رفض ترمب لعقد لقاء منفصل مع بوتين بمثابة إهانة، إلا أنها إهانة يمكن التسامح معها. 

 بوينس آيرس، الأرجنتين: قمة مجموعة العشرين، نوفمبر 2018

بعد إلغاء الزيارة إلى واشنطن وعدم عقد لقاء ثنائي في باريس، كان بوتين واثقاً من أنه سيجتمع مع ترمب في بوينس آيرس. أكد ترمب وجود خطة الاجتماع، لكنه ألغى الاجتماع عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي من الطائرة، مبرراً ذلك باحتجاز روسيا سفناً  وبحارة أوكرانيين قرب القرم.

تفاجأ المسؤولون الروس بإلغاء ترمب اللقاء، وهو الثاني من نوعه خلال أقل من شهر- واعتبر أحدهم الموقف “سيئاً للغاية”. أما علناً، فقد أكد يوري أوشاكوف، مستشار بوتين لشؤون السياسة الخارجية، أن الأمر “لم يُؤخذ على محمل الإهانة”، رغم أن الكرملين كان قد أبرز مسبقاً أهمية لقاء الأرجنتين.

 أوساكا، اليابان: قمة مجموعة العشرين، يونيو 2019

اضطر بوتين للانتظار حتى قمة مجموعة العشرين في اليابان في العام التالي لعقد لقائه مع ترمب، في اليوم نفسه الذي التقى خلاله  الرئيس الأميركي بأربعة رؤساء دول آخرين.  وقبل الاجتماع، أشار بوتين للصحفيين إلى أنهما لم يلتقيا منذ اللقاء في هلسنكي. وأشاد ترمب باللقاءات السابقة قائلاً: “لقد كانت لدينا علاقة جيدة جداً جداً”.

انعقد الاجتماع بعد مرور شهرين فقط على إصدار المحقق الخاص روبرت مولر تقريره المؤلف من 448 صفحة حول التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية.

وقد وجّه مولر اتهامات إلى نحو 24 روسياً تتعلق بأنشطة على وسائل التواصل الاجتماعي واختراق أنظمة الحزب الديمقراطي. وأوضح مولر أنه، وفقاً لسياسة وزارة العدل، لا يمكن توجيه تهم لرئيس شاغل لمنصب الرئاسة.

وعندما سُئل ترمب في أوساكا عما إذا كان سيطلب من بوتين عدم التدخل في انتخابات 2020، أجاب: “نعم، بالطبع سأفعل”. ثم ابتسم وأشار إلى الزعيم الروسي موجّهاً تحذيراً مرحاً: “لا تتدخل في الانتخابات”، فتجاوب بوتين مع المزحة.

كما تبادلا المزاح حول “الأخبار الزائفة”، حيث قال بوتين موجها حديثه مبتسما إلى ترمب بالإنجليزية: “نعم، لدينا ذلك أيضاً”. دعا بوتين ترمب إلى موسكو للمشاركة في إحياء الذكرى الـ75 لانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية عام 2020، لكن اللقاء لم يتم.

مع حلول عام 2020، كان العالم يواجه إجراءات الإغلاق نتيجة تفشي جائحة كورونا. خسر ترمب الانتخابات،  في حين دخل بوتين عزلة شديدة، وخرج منها وهو يحمل موقفاً أكثر عدائية تجاه الغرب. 

Exit mobile version