Site icon السعودية برس

قانونيون: خطة ترامب جريمة حرب ويمكن ملاحقة الدعاة لتهجير الفلسطينيين

وصف خبراء في القانون الدولي خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه بأنها “جريمة حرب”، وقد يلاحق بسببها المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون.

وقال الخبراء إن هذه الخطة تمثل استمرارا لسياسة التهجير والتطهير العرقي الإسرائيلية المستمرة منذ 1948، في انتهاك لاتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية.

وفي السابع من فبراير/شباط الجاري، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن “السعودية لديها مساحات شاسعة وبإمكانها إقامة دولة فلسطينية عليها”.

وجاء تصريح نتنياهو ردا على سؤال لمذيع القناة “14” العبرية الخاصة بشأن تمسك الرياض بإقامة دولة فلسطينية مقابل تطبيع العلاقات مع تل أبيب.

وكشف ترامب، في مؤتمر صحفي مع نتنياهو بالبيت الأبيض في الرابع من فبراير/شباط الجاري، عن عزم بلاده الاستيلاء على غزة بعد تهجير الفلسطينيين منها.

ومنذ 25 يناير/كانون الثاني الماضي يروج ترامب لمخطط تهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة، مثل الأردن ومصر، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.

وقال أستاذ القانون الدولي بجامعة ولاية أوهايو الأميركية جون كويغلي للأناضول إن “سكان غزة في وضع غريب للغاية من الناحية القانونية”، مشيرا إلى أن الغالبية العظمى من سكان غزة أبعدوا قسرا عام 1948 من أجزاء أخرى من فلسطين، “وهذه المناطق تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ ذلك التاريخ”.

وفي ذلك العام أُقيمت إسرائيل على أراضٍ احتلتها عصابات صهيونية مسلحة بعد ارتكابها مجازر بحق الفلسطينيين وتهجير نحو 700 ألف فلسطيني من أراضيهم.

وأكد كويغلي أن “لهؤلاء الناس الحق في العودة إلى ديارهم، لذا فإنهم في الواقع لديهم الحق في الذهاب إلى مكان ما، لكنه ليس مصر أو الأردن، بل الأراضي التي تحتلها إسرائيل”.

وحوّلت إسرائيل غزة إلى أكبر سجن بالعالم، إذ تحاصرها للعام الـ18، وأجبرت حرب الإبادة نحو مليونين من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع مأساوية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء.

وبشأن خطة ترامب، أكد كويغلي أنها تنتهك القانون الدولي بشكل واضح قائلا “من الواضح أنه من غير القانوني للولايات المتحدة الاستيطان في غزة دون موافقة الشعب الفلسطيني”.

وشدد على أنه “لا يمكن لأي قوة خارجية الاستيلاء على أراضي أي دولة أوروبية دون موافقتها، ولذلك لا يمكن أيضا القيام بذلك في غزة”.

وتابع مستنكرا “من الغريب جدا أن نقول إن الطريقة للتعامل مع شعب بعد تعرضه لإبادة جماعية هي تهجيره، وحتى لو لم يقر ترامب بارتكاب إبادة جماعية (إسرائيلية)، فهذا حدث بالفعل”.

وأضاف أنه “عندما يتم ارتكاب إبادة جماعية، فإن الشيء الرئيسي الذي يجب القيام به هو تعويض الضحايا قدر الإمكان”، مؤكدا أن “إخراج الناس من أراضيهم ليس بالتأكيد الطريقة الصحيحة للقيام بذلك (التعويض)، إنه انتهاك آخر لهذه الحقوق”.

من ناحيتها، أشارت مديرة قسم حقوق الإنسان الدولية في كلية الحقوق بجامعة بوسطن، سوزان أكرم، إلى أن “خطة ترامب تعادل أكثر من جريمة واحدة”.

وأوضحت أن “النزوح القسري وحده يشكل جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف الرابعة ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.

ولفتت إلى أن “المادتين 45 و49 من اتفاقية جنيف تحظران النقل القسري للأفراد أو الجماعات وطردهم من الأراضي المحتلة”.

وأردفت “تحدد المادة 147 الطرد أو النقل غير القانوني للأشخاص المحميين، أي المدنيين ومَن لا يشاركون في أعمال عدائية والسكان المحتلين، باعتباره انتهاكات جسيمة”.

وشددت سوزان أكرم على أن “هذه الانتهاكات لا تشكل جرائم حرب فحسب، بل أيضا عناصر من الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية”.

واستطردت أن “المادة الثامنة من نظام روما الأساسي تحدد بوضوح عناصر جريمة الحرب المتمثلة في تهجير المدنيين، في حين تحدد المادة السابعة بوضوح الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في النقل القسري أو الترحيل”.

ولفتت الانتباه إلى مسؤولية الدولة في الخطة الأميركية في القانون الدولي، قائلة إن “المشاركة في الإبادة الجماعية تشكل جريمة منفصلة وانتهاكا لمسؤولية الدولة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية”.

وأشارت إلى أن “قضية نيكاراغوا ضد ألمانيا أمام محكمة العدل الدولية تتناول هذه المسألة تحديدا، إذ يمكن إدراج دول أخرى والأشخاص الذين يأمرون بارتكاب أعمال الإبادة الجماعية في القضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية”.

وفي الأول من مارس/آذار 2024، رفعت نيكاراغوا قضية أمام محكمة العدل الدولية تُطالب فيها بإلزام ألمانيا بوقف دعمها العسكري لإسرائيل الذي “يُسهل ارتكاب إبادة” بحق الفلسطينيين في غزة.

وشددت أكرم على أنه “يمكن محاكمة جرائم التحريض على ارتكاب الإبادة الجماعية، والتي تشمل الدعوة إلى النقل القسري للسكان، أمام المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية على حد سواء”.

وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

تهجير ممنهج 

أما الدكتورة نجمة علي من جامعة أوتاغو، فقالت إن سياسة التهجير القسري “قد يكون لها عواقب قانونية خطيرة” على المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين.

وأوضحت أنه “يمكن تحميل المسؤولين الأميركيين المسؤولية عن المساعدة والتحريض على هذه الجرائم بموجب المادة 25 والفقرات 3 ج من نظام روما الأساسي، بسبب تقديم المساعدة العسكرية أو الحماية الدبلوماسية”.

ولفتت إلى أن “دولا مثل بلجيكا وإسبانيا وجنوب أفريقيا تسمح (لمحاكمها الوطنية) بمحاكمة المتهمين بجرائم حرب بغض النظر عن مكان ارتكابها، وهذا يعني أن المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين قد يواجهون أوامر اعتقال في محاكم أجنبية”.

Exit mobile version