سحبت شركة تجارة السلع “غنفور غروب” (Gunvor Group) عرضها لشراء الأصول الدولية لشركة “لوك أويل” الروسية الخاضعة للعقوبات، بعدما وصفتها وزارة الخزانة الأميركية بأنها “دمية الكرملين”، وأكدت أنها لن تحصل أبداً على ترخيص.
وردّت “غنفور” على هذا الوصف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة إن بيان وزارة الخزانة “مضلّل تماماً وغير صحيح”، وأشارت إلى أنها ستسعى لتصحيح “سوء الفهم الواضح”، لكنها قررت سحب عرضها في الوقت الحالي.
تحول حاد بعد مفاوضات مع واشنطن
يمثّل هذا التصريح تراجعاً مفاجئاً بعد أسبوع من محادثات أجرتها “غنفور” مع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة، وجهات أخرى معنية بالعقوبات، للدفاع عن صفقة كان يُتوقع أن تحوّلها إلى عملاق متكامل في إنتاج وتكرير النفط.
وكانت الشركة قد قدمت عرضها للاستحواذ على أصول “لوك أويل” الدولية في نهاية الشهر الماضي، عقب إدراج واشنطن “لوك أويل” و”روسنفت” على القائمة السوداء. ويُرجّح أن انسحاب “غنفور” يفتح الباب أمام مشترين آخرين محتملين.
وفي اليوم نفسه، أعلنت الشركة أنها جمعت تمويلاً بقيمة 2.81 مليار دولار من خلال تسهيلات ائتمانية ممولة من فروع مصرفية أميركية، في خطوة تؤكد اعتمادها الكبير على التمويل البنكي لتجارة النفط والغاز والمعادن حول العالم.
تساؤلات جديدة حول علاقات الشركة بروسيا
من شأن تصريحات الخزانة الأميركية أن تعيد فتح ملف علاقات “غنفور” بموسكو، في وقتٍ يتجنب فيه كثير من اللاعبين في قطاع الطاقة أي ارتباط بروسيا.
فمؤسس الشركة المشارك غينادي تيمشينكو هو صديق مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعندما فرضت واشنطن عقوبات عليه في عام 2014، زعمت أن بوتين يملك استثمارات في “غنفور”.
اقرأ أيضاً: العقوبات الأميركية الأخيرة ضد النفط الروسي: ما الجديد؟
لكن الشركة نفت هذه الادعاءات التي لم تُقدَّم بشأنها أدلة، وقام الرئيس التنفيذي توربيورن تورنكفيست بشراء حصة شريكه الروسي بالكامل.
وقال تورنكفيست في مقابلة مع “بلومبرغ” إن الصفقة كانت ستمثل “قطيعة كاملة للوك أويل مع أي نفوذ روسي”، مؤكداً أنه لن يبيع أي أصول مجدداً إلى ثاني أكبر منتج للنفط في روسيا حتى في حال رفع العقوبات.
وقالت الشركة في بيانها: “كانت (غنفور) ولا تزال شركة منفتحة وشفافة بشأن ملكيتها وأنشطتها، ومنذ أكثر من عقد ابتعدت بنشاط عن روسيا، وأوقفت التعاملات بما يتماشى مع العقوبات، وباعت أصولها الروسية، وأدانت علناً الحرب في أوكرانيا”.
ولم تُصدر الوزارة أي تفسير إضافي لمنشورها على “إكس”، كما لم تردّ على طلبات التعليق بشأن التصريحات.
صفقة ضخمة بحجم غير مسبوق
كانت “لوك أويل إنترناشونال” قد فاجأت الأسواق عندما أعلنت عن الصفقة يوم الخميس الماضي.
ووفق بيانات عام 2023، بلغت قيمة حقوق الملكية لـ”لوك أويل إنترناشونال” نحو 21 مليار دولار، أي أكثر من ثلاثة أضعاف قيمة أسهم “غنفور” نفسها.
وتشمل الأصول المعروضة للبيع عمليات إنتاج نفط عالمية تعادل الإنتاج اليومي لدولة الإكوادور، إضافة إلى مصافٍ ساحلية رئيسية في أوروبا، وشبكة محطات وقود تمتد من نيويورك إلى إسطنبول.
ولو اكتملت الصفقة، كانت “غنفور” ستتحول من مجرد متداول عالمي للنفط والغاز المسال إلى منتج متكامل بطاقة تقترب من 440 ألف برميل يومياً من النفط والمكثفات، أي تقريباً بحجم إنتاج شركة “دايموندباك إنرجي” (Diamondback Energy Inc)، إحدى أكبر المنتجين المستقلين في حوض برميان.
سيراقب المحللون في أسواق النفط كيف سيؤثر انسحاب “غنفور” على الإمدادات، خاصة إذا لم تمنح السلطات الأميركية والبريطانية والأوروبية تمديداً لترخيص “لوك أويل” لتصفية تعاملاتها.

