Site icon السعودية برس

غارديان: تصاعد الضغوط على الاتحاد الأوروبي لتعليق اتفاقية المعادن مع رواندا

أفادت صحيفة الغارديان البريطانية أن الاتحاد الأوروبي يتعرض لضغوط متزايدة لتجميد اتفاقية المعادن المثيرة للجدل مع رواندا، وسط اتهامات بأن هذه الصفقة تسهم في تأجيج النزاع المستمر في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.

ووفقًا لما ذكرته الصحيفة، فقد تصاعدت الدعوات لتعليق الاتفاقية بعد أن تمكن متمردو حركة إم 23، المدعومين من رواندا، من السيطرة على مدينة غوما في إقليم شمال كيفو، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وزيادة المخاوف من اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق.

مدنيون فروا من غوما شرق الكونغو الديمقراطية بسبب القتال بين متمردي إم 23 والقوات الحكومية (رويترز)

وأشارت الصحيفة إلى أن الأوضاع في غوما تتدهور بسرعة، حيث يعاني السكان من الجوع، في حين تعطلت عمليات الإغاثة الإنسانية.

في ظل هذه الظروف، تتزعم بلجيكا، التي كانت سابقًا القوة الاستعمارية للكونغو الديمقراطية، الجهود للضغط على الاتحاد الأوروبي لتعليق اتفاقية عام 2024، والتي تهدف إلى تأمين تدفق المواد الخام الضرورية لصناعة الرقائق الإلكترونية وبطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا.

وحسب الصحيفة، فقد صرح وزير الخارجية البلجيكي برنارد كوينتين خلال زيارته للمغرب، قائلا “يجب على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات حقيقية، لأن التصريحات وحدها لم تعد كافية. لدينا وسائل ضغط، وعلينا أن نقرر كيفية استخدامها”.

ضغوط دبلوماسية

وكشفت مصادر دبلوماسية لصحيفة الغارديان أن بلجيكا تمارس ضغوطًا على عدة مستويات داخل أروقة الاتحاد الأوروبي لتعليق الاتفاقية، حيث طرحت هذه القضية خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي.

عمال في منجم كولتان بمقاطعة شمال كيفو في جمهورية الكونغو (رويترز)

وتعود جذور الاتفاقية إلى توقيع بروكسل وكيغالي مذكرة تفاهم في فبراير/شباط 2024، والتي تمنح الاتحاد الأوروبي وصولًا مباشرًا إلى موارد خام حيوية مثل القصدير والتنغستن والذهب والنيوبيوم والليثيوم وعدة مواد طبيعية نادرة. كما تعد رواندا أكبر منتج عالمي لمعدن التنتالوم، الذي يستخدم في الصناعات الإلكترونية والمعدات الكيميائية.

وفي إطار هذه الاتفاقية، يقوم الاتحاد الأوروبي في المقابل بضخ استثمارات بقيمة 900 مليون يورو لدعم البنية التحتية في رواندا في مجالات التعدين، الصحة، والتكيف المناخي، وذلك بتمويل من مبادرة “البوابة العالمية” التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لمنافسة مشروع “الحزام والطريق” الصيني.

لكن صحيفة الغارديان أفادت بأن هذه الصفقة أثارت غضب رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، الذي وصفها بأنها “استفزاز غير مقبول”، متهمًا رواندا باستغلال موارد بلاده ونهب ثرواتها الطبيعية.

اتهام رواندا بالتورط

ونقلت الغارديان عن تقارير للأمم المتحدة أن رواندا تدعم حركة “إم 23” بهدف استخراج المعادن الكونغولية وبيعها في الأسواق الدولية، وهو ما تنفيه كيغالي، التي تزعم أن تدخلها في شرق الكونغو الديمقراطية يهدف فقط إلى القضاء على المقاتلين المتورطين في الإبادة الجماعية التي عرفتها رواندا عام 1994.

العاصمة الرواندية كيغالي (شترستوك)

كما كشفت السفارة الأميركية في الكونغو الديمقراطية، وفقًا لما أوردته الصحيفة، أن “كميات كبيرة” من المعادن الكونغولية، بما في ذلك الذهب والتنتالوم، يتم تهريبها عبر تجار مدعومين من الجماعات المسلحة إلى رواندا وأوغندا، حيث تُباع لمشترين دوليين. وأكدت الأمم المتحدة في تقرير لها أن رواندا تمارس “سيطرة فعلية” على متمردي “إم 23″، الذين يتمتعون بتسليح متقدم وتدريب عالي المستوى.

دعوات أوروبية لتجميد الاتفاق

وفي السياق ذاته، نقلت الغارديان عن هيلدي فوتمانس، عضو البرلمان الأوروبي عن بلجيكا، دعوتها إلى فرض عقوبات، وتجميد مساعدات التنمية، وتعليق الاتفاقية فورًا بسبب الأدلة المتزايدة على دعم رواندا للمتمردين. كما طالب 15 عضوًا آخر في البرلمان الأوروبي، يمثلون أحزابًا مختلفة، بتعليق الاتفاقية، مشيرين في رسالة إلى أن الصفقة تمنح “شرعية غير مبررة” للنظام الرواندي رغم دوره في النزاع. وجاء في الرسالة “لا يجب أن يكون الاتحاد الأوروبي متواطئًا في الكارثة الإنسانية التي تتكشف في شمال كيفو”.

ونقلت الصحيفة عن إميلي ستيوارت، الباحثة في منظمة “غلوبال ويتنس” المختصة بقطاع المعادن، تأكيدها على وجود “ضرورة أخلاقية واضحة” لتعليق الاتفاقية، محذرة من أن “التوسع العالمي في التعدين قد يؤدي إلى تفاقم النزاعات وتشجيع الفاعلين العنيفين”.

البرلمان الأوروبي (الجزيرة)

تباين المواقف الدولية

وأوضحت الغارديان أن المواقف الدولية إزاء الأزمة تتفاوت، حيث اقترحت المملكة المتحدة تعليق مساعداتها المالية لرواندا، في حين ألغت ألمانيا اجتماعاتها مع المسؤولين الروانديين، مشيرة إلى أنها تبحث مع شركائها اتخاذ “تدابير إضافية”.

وعلى الرغم من تصاعد الضغوط، فلا تزال المفوضية الأوروبية تدافع عن الاتفاقية، حيث صرح متحدث رسمي باسمها أن “المواد الخام ضرورية للتحول الأخضر والرقمي في أوروبا والعالم”، مشددًا على أن “الاتحاد الأوروبي يهدف إلى تعزيز الشفافية وتتبع المصادر بشكل أكثر صرامة”.

وبحسب الغارديان، فإن الجدل حول الاتفاقية لا يزال مستمرًا، في ظل انقسام المواقف بين المطالبين بتجميدها والداعمين لاستمرارها بدعوى الحاجة إلى المعادن في تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي الطموحة في مجالي الطاقة والتكنولوجيا.

Exit mobile version