بعد أكثر من 19 شهرا من الإبادة المستمرة في غزة يعيش الفلسطينيون وسط أكوام من النفايات المتراكمة بين الخيام ومراكز الإيواء وعلى الشواطئ وفي الشوارع، مما يفاقم مأساتهم المستمرة.
وتعد هذه الأزمة أحد أبرز التحديات التي تهدد حياة المواطنين، حيث تشكل خطرا بيئيا وصحيا مباشرا، في ظل غياب البنية التحتية وتعطل عمل البلديات وآلياتها.
ورصدت وكالة سند للتحقق الإخباري التابعة لشبكة الجزيرة الإعلامية عبر تحليل صور الأقمار الصناعية عشرات النقاط العشوائية للنفايات قرب مخيمات النازحين والأحياء السكنية والشواطئ، مما يعكس الوضع الخطير في غزة.
غزة تختنق بالنفايات
ويُظهر تحليل صور الأقمار الصناعية حتى 15 أبريل/نيسان 2025 وجود 42 نقطة نفايات كبيرة ومتوسطة في مختلف محافظات قطاع غزة، ومن اللافت أن النقاط الصغيرة يصعب حصرها بدقة، مما يعني أن العدد الفعلي قد يكون أعلى.
وأظهر التحليل أن مدينة غزة (شمال) هي الأكثر تضررا، حيث تحتوي على 13 نقطة تجمع نفايات، تليها محافظة خان يونس (جنوب) بـ12 نقطة، في حين توزعت النقاط المتبقية على باقي محافظات القطاع.
ويكشف التحليل عن وجود نقاط نفايات مباشرة على شاطئ البحر، مما أدى إلى تلوث واضح للمياه الساحلية، كما تنتشر نقاط أخرى بالقرب من خيام النازحين.

وقبل العدوان، كان قطاع غزة يعتمد على 3 محطات رئيسية للنفايات، لكن الحرب أدت إلى خروج هذه المحطات من الخدمة، حيث تحولت محطة اليرموك إلى مخيم للنازحين، في حين أصبحت محطتا خان يونس ورفح في مناطق تحت سيطرة الاحتلال.
أما عن المكبات الرئيسية فتقع جميعها في مناطق مغلقة عسكريا من قبل الاحتلال، مما فاقم أزمة النفايات وآثارها البيئية والصحية.
كارثة بيئية وصحية
من جهته، قال المتحدث باسم بلدية مدينة غزة عاصم النبيه إن المدينة تعاني من كارثة بيئية وصحية، بسبب تراكم أكثر من 175 ألف طن من النفايات في مختلف أنحاء المدينة، مما يشكل تهديدا لحياة المواطنين ويؤدي إلى انتشار الأوبئة والأمراض.
وأضاف النبيه في مقابلة خاصة مع “سند” أن البلدية عاجزة عن جمع وترحيل النفايات بسبب تدمير الاحتلال أكثر من 85% من الآليات ومنع وصول الطواقم إلى مكب النفايات الرئيسي في جحر الديك وسط القطاع.
وحذر النبيه من استمرار انتشار النفايات، مؤكدا أنها تسهم في تفشي الأوبئة والأمراض والقوارض والحشرات، قائلا إن المواطن الذي لا يُقتل بالقصف يُقتل بالأمراض.
وعند سؤاله عن قدرة البلدية على التعامل مع الأزمة، أوضح أن البلدية تتخذ إجراءات إسعافية لتخفيف الأزمة، لكن الخيارات والمقدرات محدودة جدا.
وأكد النبيه أن البلدية طالبت الجهات المعنية بإدخال الآليات الثقيلة لمساعدة في جمع النفايات، مشيرا إلى أنها قدمت قائمة بالاحتياجات، لكنها لم تتلق المعدات اللازمة بعد.
وحذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أن إدارة النفايات الصلبة في غزة أصبحت مسألة ملحة، وتحتاج إلى دعم وحلول فورية، مؤكدا أن هذه الأزمة تعكس جزءا من الأزمة الإنسانية الأوسع في القطاع.