حذر الرئيس الصيني شي جين بينغ من “تفكيك سلاسل التوريد”، في أول تصريحات رسمية يدلي بها بعد اجتماع تاريخي مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والذي أفضى إلى هدنة لمدة عام في أكبر حرب تجارية في العالم.
وأشار شي، خلال كلمة ألقاها الجمعة في قمة زعماء منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC) المقامة في مدينة غيونغجو بكوريا الجنوبية، إلى أنه يجب على الدول “أن تعمل معاً على الحفاظ على استقرار وسلاسة سلاسل الإنتاج والتوريد”.
وقال الرئيس الصيني: “علينا التمسك بمبدأ التعاون، لا الانفصال، والتوسع في سلاسل التوريد بدلاً من تفكيكها”، كما دعا الحاضرين إلى ممارسة “التعددية الحقيقية”.
اجتماع شي وترمب يهدئ الحرب التجارية
وجّه شي دعوته إلى الحاضرين، ومن بينهم وزير الخزانة الأميركية سكوت بيسنت- الذي قاد مفاوضات ترمب التجارية هذا العام- ومجموعة من قادة العالم الذين تواجه دولهم أعلى رسوم جمركية تفرضها الولايات المتحدة منذ الثلاثينيات.
اقرأ أيضاً: لماذا قمة “أبيك” الحدث الاقتصادي الأبرز في آسيا خلال 2025؟
وأضاف شي، أقوى رئيس صيني منذ ماو تسي تونغ: “كلما زادت الاضطرابات، ازدادت ضرورة التعاون بيننا”.
جاءت تصريحات شي بعد يوم من إبرامه اتفاق مع ترمب أسفر عن خفض بعض الرسوم الجمركية، وتقليل قيود التصدير، وتعهد بكين بشراء فول الصويا الأميركي، وتعليق القيود الجديدة على المعادن الأرضية النادرة. ووصف ترمب الاجتماع الذي عُقد في قاعدة جوية في بوسان بـ”الرائع”، فيما أوضح شي أن الحوار أفضل من المواجهة دوماً.
إضافة إلى موجة الجهود الدبلوماسية، عقد وزيرا دفاع أكبر اقتصادين في العالم أول محادثات مباشرة صباح الجمعة، في إشارة أخرى على استقرار العلاقات. والتقى وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث مع نظيره الصيني دونغ جون في اجتماع أُقيم في كوالالمبور.
الصين وأميركا ماضيتان في فك الارتباط
يُتوقع أن تنهي الهدنة التجارية- في الوقت الراهن على الأقل- خلافاً تجارياً ممتداً منذ شهور، شهد تهديد الولايات المتحدة والصين بفرض مجموعة من الرسوم الجمركية، وقيود التصدير على منتجاتهما، ما كان يُحتمل أن يسبب اضطراباً في سلاسل التوريد العالمية، ويضر بالاقتصاد العالمي. مع ذلك، لم يصل الأمر إلى اتفاق شامل لمعالجة القضايا المحورية في المنافسة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين.
مع ذلك، يبدو أن الدولتين عازمتان على مواصلة فك الارتباط خلال الهدنة المؤقتة الممتدة لعام؛ فاستغل ترمب جولته في آسيا لتعزيز العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، وحصل على استثمارات منهم في بناء السفن والمعادن الأرضية النادرة، وهما مجالان سيعززان موقفه في التفاوض مع شي بعد عام من الآن.
اقرأ أيضاً: الولايات المتحدة تمضي في تحقيق تجاري ضد الصين رغم الهدنة بين ترمب وشي
وروّج شي لجاذبية الاقتصاد الصيني أمام قادة منتدى التعاون الاقتصادي، وأشاد باستثمارات أجنبية بنحو 700 مليار دولار، يقول إن بلاده جذبتها خلال النصف عقد الماضي. وبينما ارتفعت الصادرات إلى الدول، بخلاف الولايات المتحدة، هذا العام، واصل النشاط الصناعي الصيني في أكتوبر أطول سلسلة تراجع منذ عقد تقريباً، ما يثير الشكوك حول إمكانية استمرار هذا الاتجاه.
الصين تبني سلاسل توريد بمنأى عن أميركا
كما أشاد الرئيس الصيني بجهود بلاده لفتح اقتصادها عبر إزالة الحواجز أمام الاستثمار الأجنبي، وتوسيع نطاق برنامج الإعفاء من التأشيرات، وافتتاح 22 منطقة تجارة حرة تجريبية. غير أن هذه التصريحات تتناقض مع شكاوى قادة في الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، ينتقدون بكين لتقديمها معاملة تفضيلية للشركات الصينية.
أدى قرار الصين استخدام سلسلة توريد المعادن الأرضية النادرة، التي تمثل عنصراً جوهرياً في صناعة كل شيء من السيارات إلى الرقائق، كسلاح إلى توترات مع شركاء تجاريين بخلاف الولايات المتحدة. ودفعت التبعات المترتبة على ذلك دولاً لبذل جهود كبيرة لتقليل اعتمادها على الصين للحصول على مغناطيسات هذه المعادن.
تتجه الصين بشكل مشابه إلى تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة للحصول على التكنولوجيا الأساسية، وكشف الحزب الشيوعي في الآونة الأخيرة عن مسودة الخطة الخمسية، التي تركز بشكل رئيسي على تحقيق إنجازات تقنية مهمة، بالأخص في الرقائق المتقدمة، في إطار اتجاه الصين إلى بناء سلاسل توريد لا تعتمد على الولايات المتحدة. ومن المقرر أن تستضيف الصين اجتماعات منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ العام المقبل.

