Site icon السعودية برس

د. محمد بشاري يكتب: بين العقل والفكرة.. موضع تأمل

لم يتوقف الإعجاب بأصحاب العقول الخلاقة ومتفوقة الذكاء يوما ما، حيث يستطع في كل مجتمع نخبة من الأفذاذ الضالعين في المجالات والتخصصات المختلفة والذين عرفوا ليس بمجالهم وإنما من خلال الإبداع الذي قدمه من خلال التفوق الفكري والنتاج العملي.

وفي ذات السياق لا يمكن إخفاء الرغبة العارمة لدى مختلف شرائح المجتمع في تكون من ضمن تلك النخبة المتميزة، وهو الأمر غير الممكن تطبيقه بشكل متساوي الأمر الذي يمكن تفسيره من خلال النظرة التحليلية للعقل الإنساني والوقوف على نقاط التشابه والاختلاف والمشتركات والمفترقات، سيما أن التشابه بين العقول الإنسانية لا يتجاوز البنية البيولوجية. حيث أن لكل إنسان دماغ متصل بشبكة معقدة من الأعصاب وفي ذات الوقت تتشابه العقول الإنسانية بالأجزاء المكونات للدماغ والتي يمكن دراستها بتفصيل في علم الأحياء، المتخصص بتشريح الأجهزة في جسم الإنسان.

وأما فيما يتعلق بتفسير المفارقة النوعية بالإنتاج الفكري والمعرفي الإنساني، فإنهم يمكن ارجاعه إلى التنوع الوظيفي الخاص بالدماغ الإنساني، حيث أن القدرات العقلية والوظائف التي يمكن إنجازها لا تتشابه بين شخص والآخر، وبخاصة أن إتقان المهارات المسؤولة عن الإبداع والابتكار في مجال معين تختلف من شخص إلى آخر عند مقارنة ذلك بشخصين على سبيل المثال في نفس الفئة العمرية، حيث أن التكوين البيولوجي لدماغ الإنسان يتشابه في عمر ال(35) سنة مثلاً، ولكنه يختلف في ممتلكاته من الأدوات الدافعة بمستوى الإنتاج العقلي من مهارات وخبرات، وبالتالي لا يمكن المساواة في مستوى الإدراك والمعرفة لاختلاف التنوع الوظيفي .

وبالإضافة إلى كل ما سبق فإن هناك حزمة من التأثيرات التي لا يمكن استثنائها عند الحديث عن الفروقات والتشابهات في المستوى الفكري الإنساني وقدرته على إنتاج المعارف وما يتصل بذلك من مهارات تحليلية ونقدية وغيرها، حيث أنه لا يمكن إنكار الأثر الاجتماعي والتربوي والبيئي والثقافي والقيمي والديني على البنية العقلية وتكوين الفكر الإنساني وبالتالي القدرة العقلية.

كما أن الحديث عن القدرة العقلية وبالتحديد الإنتاج المعرفي يتداخل مع العديد من الخصوصيات والشروط والمحددات حيث أن ما يسميه العلماء ب: ” الفروق الفردية”، لا هو أثر بارز أيضاً على طبيعة التكوين المعرفي، سيما إنه هناك العديد من هل الفروقات التي يتميز بها شخص عن الآخر، مثل الفروق في القدرة الحركية، التي يمكن ملاحظتها عند لاعبين القوى، حيث تختلف القوة البدنية والمهارات الحركية المكتسبة ومستوى المرونة من جسد إلى آخر، وكذلك الحال في الفروق العرقية التي تميز كل عرق بصفات مختلفة عن غيره، وهذا هو الحل أيضا التي يذكر عنده المقارنة بين التحصيل العلمي بين الطلبة حيث أن أطفال فرق التحصيل أو الإنجاز يختلف في الأداء الأكاديمي من شخص إلى آخر، وكذلك الحال بالفروق المتعلقة بشخصية الإنسان نفسه مثل توجه الفكر عنده نحو الإيجابية أو السلبية، وأخيرا الفروق  الفكرية التي تعبر عن مستوى القدرة العقلية أو مستوى الذكاء الذي يتفاوت بين مستوى الذكاء العادي، و المتوسط، و الشديد، وما يتجاوز ذلك وصولاً إلى العبقرية.

وعليه، فإن تأثير العقل في اكتساب المعرفة وتطوير الأفكار، يتعلق بطبيعة البنية العقلية البشرية ، التي تجعلنا نقف مطولاً بين العقل والفكرة، لنلمس الخيط الذي يربط بينهما والعلاقة التكاملية والتأسيسية المطردة.
 

Exit mobile version