Site icon السعودية برس

«ديب سيك» ثورة تكنولوجية تغير قواعد اللعبة في الذكاء الاصطناعي

قال تقرير اقتصادي إن في ظل التحولات التقنية السريعة التي يشهدها العالم اليوم، يبرز نموذج الذكاء الاصطناعي “ديب سيك” كأحد الابتكارات التي قد تغير قواعد اللعبة في العديد من الصناعات.
وأضاف التقرير أن مع تقدم هذه التقنيات، نشهد تأثيرات واضحة على الأسواق المالية، وتحديات جديدة أمام الدول والشركات.
وتحدث التقرير عن التأثيرات المحتملة لهذا النموذج على مجالات الذكاء الاصطناعي، وكذلك على أسواق التكنولوجيا العالمية، بالإضافة إلى كيفية تأثيره على الاستراتيجيات الاستثمارية في المنطقة.

تحول جوهري

قال التقرير: “تشكل التطورات التي تقدمها “ديب سيك” نقطة تحول جوهرية لكلٍّ من المستهلكين وقطاع الذكاء الاصطناعي، إذ تتيح هذه النماذج إمكانيات متقدمة بتكلفة أقل بكثير، مما يسرّع من وتيرة اعتماد الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات التطبيقية، بدءاً من المدن الذكية وتجارة التجزئة وصولاً إلى الرعاية الصحية وغيرها”.
وأضاف: “تكتسب هذه الكفاءة أهمية بالغة في ظل الظروف الراهنة، حيث فرضت التعديلات الأخيرة على ضوابط التصدير الأميركية قيوداً على وصول بعض الدول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة، مما أدى إلى تصنيف الدول وفق مستويات متفاوتة من القدرة على الوصول إلى هذه الموارد”.

تعاون دولي

وتابع: “غير أن تقنيات مثل “ديب سيك” تقلل الحاجة إلى وحدات معالجة رسومية (GPU) متطورة لتحقيق نتائج تضاهي، بل قد تفوق، ما كان يتطلب سابقاً موارد أكبر، مما يخفف من الاعتماد على العتاد المتقدم. وهذا من شأنه أن يفتح المجال أمام دول أكثر للاستفادة من هذه التقنيات، مما يعزز التعاون الدولي ويسهم في بناء منظومة ذكاء اصطناعي أكثر تكاملاً على مستوى العالم”.
ولفت إلى أن طبيعة “ديب سيك” المفتوحة المصدر تضاعف من تأثيره، إذ تتيح للمطورين في مختلف الدول فرصة البناء على هذا الأساس ودفع عجلة الابتكار بوتيرة غير مسبوقة.
وأفاد بان من الرغم أن ردود الفعل في وول ستريت بدت مبالغاً فيها، فإن دروس التاريخ تؤكد أن انخفاض التكاليف وزيادة الكفاءة غالباً ما يؤديان إلى ارتفاع الطلب بمرور الزمن، فيما يُعرف بمفارقة جيفونز في علم الاقتصاد. إذ نحن اليوم أمام لحظة فارقة في مسيرة الذكاء الاصطناعي، تحمل معها آفاقاً جديدة، وتعزز التعاون العالمي، وتسهم في الارتقاء بحياة الأفراد في شتى أنحاء العالم.

اضطراب حاد

وقال التقرير: إن الأسواق العالمية شهدت اضطراباً حاداً عقب الإعلان عن التطورات الأخيرة في نموذج الذكاء الاصطناعي “ديب سيك”، مما أدى إلى موجة بيع مكثفة طالت أسهم كبرى شركات التكنولوجيا، وعلى رأسها إنفيديا، التي فقدت ما يقارب 20% من قيمتها في إحدى الجلسات.
وأضاف أن في يوم الإثنين وحده، تكبدت السوق الأميركية خسائر تجاوزت تريليون دولار، إلا أن القطاعات غير التكنولوجية، مثل الصناعات والمرافق، تمكنت من الصمود، مما يشير إلى أن موجة البيع كانت محدودة النطاق ولم تمتد إلى جميع الأسهم.
لكن الأسواق سرعان ما أظهرت بعض الاستقرار، حيث استعادت شركات التكنولوجيا الكبرى جزءاً من خسائرها، فارتفع سهم إنفيديا بنسبة 9%، بينما سجلت شركات مثل ميتا وأمازن ومايكروسوفت مكاسب تراوحت بين 3و5%. رغم أن مؤشر ناسداك 100 لم يستعد مستوياته السابقة بعد، فإن ذلك يدل على أن الأسواق بدأت تستوعب تأثير “ديب سيك” بشكل تدريجي.

خسائر فادحة

وقال التقرير: “لا تتوفر بيانات دقيقة عن حجم البيع الذي قام به المستثمرون من الشرق الأوسط، لكن بالنظر إلى أن إجمالي خسائر كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية بلغ 900 مليار دولار، فمن المرجح أن بعض المستثمرين في المنطقة أعادوا النظر في محافظهم الاستثمارية”.
وأفاد التقرير بأن المستثمرين باتوا يركزون على شركات البرمجيات والخدمات التقنية التي قد تستفيد من التحولات الجديدة في الذكاء الاصطناعي.
وأضاف أن شركات تصنيع المعالجات والرقائق، قد تحقق مكاسب مع توجه الذكاء الاصطناعي نحو العمل محلياً على الأجهزة بدلاً من الاعتماد على مراكز البيانات الضخمة.
ووفقا للتقرير فإن في هذا السياق، قد تكون “آبل” من أكبر المستفيدين، نظراً لاستراتيجيتها التي تركز على تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي على أجهزة آي فون مباشرة، دون الحاجة إلى الحوسبة السحابية.

ديب سيك

وذكر التقرير أن رغم القلق الذي أثارته “ديب سيك”، فإن التسرع في البيع قد لا يكون القرار الأمثل. فلا تزال شركات التكنولوجيا الأميركية تتمتع بميزة تنافسية قوية بفضل اقتصاديات الحجم والتكامل العميق مع الاقتصاد العالمي. وعلى الرغم من أن تراجع تكلفة تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي قد يؤثر على إنفيديا، فإن السوق بحاجة إلى وقت أطول لتقييم الأداء الفعلي لـ “ديب سيك” ومدى قابليته للتوسع.
ودعا التقرير المستثمرين إلى تنويع محافظهم والتركيز على الشركات ذات النماذج المستدامة في قطاعي البرمجيات وأشباه الموصلات، حيث من المرجح أن تلعب هذه القطاعات دوراً رئيسياً في المرحلة المقبلة من تطور الذكاء الاصطناعي.

Exit mobile version