يُتوقع أن يقدم مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي دعماً لسوق العمل الأميركية المتعثرة عبر خفض أسعار الفائدة اليوم الأربعاء، في تحول عن موقف الترقب الذي تبنوه طوال العام بفعل المخاوف من التضخم الناتج عن الرسوم الجمركية.
يأتي هذا التحول في السياسة وسط ضغوط متواصلة من الرئيس دونالد ترمب، الذي دفع باتجاه خفض “كبير” هذا الأسبوع. كما أضافت التجاذبات السياسية قدراً من الغموض بشأن الحضور في اجتماع السياسة النقدية، غير أن التشكيلة حُسمت على الأرجح مساء الاثنين بعد أن صادق مجلس الشيوخ على تعيين محافظ جديد في الفيدرالي، فيما سمح حكم قضائي متأخر لمسؤولة أخرى بالبقاء في منصبها مؤقتاً.
بعيداً عن تلك التعقيدات، سينصب اهتمام المستثمرين على تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، وعلى التوقعات الاقتصادية الجديدة التي ستكشف عن المسار المحتمل لأسعار الفائدة في الأشهر المقبلة. ومن المقرر نشر هذه التوقعات في الثانية بعد الظهر بتوقيت واشنطن بالتزامن مع قرار الفائدة، على أن يعقد باول مؤتمراً صحفياً بعد نصف ساعة.
يتوقع مراقبو شؤون الفيدرالي أن تؤدي الآراء المتباينة بشأن التوظيف والتضخم إلى الحيلولة دون تعهد صانعي السياسة بخفض الفائدة بوتيرة قوية. قال أديتيا بهافي، كبير اقتصاديي الشأن الأميركي في “بنك أوف أميركا”، إن “كل خفض يصبح أصعب من سابقه ما لم تظهر سوق العمل علامات تراجع مستمر”.
اقرأ المزيد: سوق العمل الضعيفة تغذي رهانات خفض الفائدة الأميركية
تركيبة المصوتين في “الفيدرالي”
بينما سيظل قرار الفائدة هو محور الاهتمام الأساسي، فإن الظروف الاستثنائية المحيطة بتركيبة اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة تصدرت الأخبار قبل الاجتماع.
أدى حليف ترمب، ستيفن ميران، اليمين صباح الثلاثاء ليشغل مقعداً شاغراً في البنك المركزي قبل الاجتماع مباشرة. وقد تعرض لانتقادات بسبب رفضه الاستقالة من رئاسة مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، مكتفياً بالحصول على إجازة غير مدفوعة، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى استقلاليته في عمله داخل الفيدرالي.
اقرأ أيضاً: ستيفن ميران ينضم إلى الفيدرالي ومخاوف من كونه “دمية في يد ترمب”
في الوقت نفسه، قضت محكمة استئناف منقسمة مساء الاثنين بالسماح للمحافظة ليزا كوك بمواصلة عملها في البنك المركزي بينما تستمر دعواها القضائية ضد محاولة ترمب إقالتها. وتسعى الإدارة لرفع القضية إلى المحكمة العليا للسماح للرئيس بعزلها على خلفية مزاعم تتعلق بالاحتيال العقاري، وهي تهم تنفيها كوك.
قالت كاثي بوستجانسيتش، كبيرة الاقتصاديين في “نايشنوايد”، إن التركيبة الحالية للمصوتين، سواء بقيت كوك أم لا، لن تغير مسار أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة بشكل جوهري. لكنها أشارت إلى أنه إذا نجح الرئيس في استبدالها، رغم أن ولايتها في مجلس إدارة الفيدرالي لن تنتهي قبل عام 2038، فقد يؤثر ذلك على المسار الطويل الأمد للفائدة.
كما سيحصل ترمب على فرصة لتعيين رئيس جديد للاحتياطي الفيدرالي بعد انتهاء ولاية باول في مايو المقبل. وتنتهي ولاية ميران الحالية في نهاية يناير، لكن يمكن أن يُرشح لفترة أطول أو يظل في المنصب حتى يعين ترمب بديلاً.
من المرجح أن يواجه باول أسئلة حول هذه التطورات، وما إذا كانت تشكل تهديداً لاستقلالية البنك المركزي عن البيت الأبيض، وذلك خلال مؤتمره الصحفي.
طالع المزيد: رئيس الاحتياطي الفيدرالي يترك الباب مفتوحاً أمام خفض الفائدة في سبتمبر
معارضة داخلية في “الفيدرالي”
يرى مراقبو الاحتياطي الفيدرالي احتمال تسجيل اعتراضات على الخفض المتوقع بمقدار ربع نقطة مئوية من الجانبين، إذ قد يدعم بعض المسؤولين خفضاً أعمق، فيما يفضل آخرون الإبقاء على الفائدة دون تغيير.
تتمحور الخلافات حول ما إذا كان صانعو السياسة أكثر قلقاً من أن سوق العمل على وشك تدهور حاد، أو من أن التضخم قد يتسارع بفعل الرسوم الجمركية.
صوّت اثنان من محافظي الفيدرالي، وهما كريستوفر والر وميشيل بومان، ضد قرار يوليو القاضي بالإبقاء على الفائدة دون تغيير، مشيرين إلى مخاوف تتعلق بسوق العمل. وكان كلاهما قد عُين خلال الولاية الأولى لترمب.
أظهرت البيانات الصادرة منذ ذلك الاجتماع تباطؤاً حاداً في نمو الوظائف، مما أدى إلى اتساع المخاوف بشأن احتمال حدوث ركود.
في المقابل، لا يزال التضخم فوق المستوى المستهدف، رغم أن انتقال أثر الرسوم الجمركية إلى الأسعار النهائية كان أكثر اعتدالاً مما كان يُخشى في البداية، بحسب بوستجانسيتش.
وإذا اعترض ثلاثة مسؤولين على القرار، فسيكون ذلك أول مرة منذ سبتمبر 2019 يتجاوز فيها عدد الأصوات المعارضة اثنين في قرار للفائدة.
اقرأ المزيد: الفيدرالي الأميركي يبقي الفائدة دون تغيير للمرة الرابعة لتقييم آثار رسوم ترمب
توقعات جديدة
يتوقع معظم الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع “بلومبرغ نيوز” أن يسجل المسؤولون خفضين للفائدة هذا العام، بما يتماشى مع التقديرات المقدمة في يونيو، وهو ما يعني خفضاً إضافياً واحداً فقط بعد اجتماع هذا الأسبوع، إما في أكتوبر أو ديسمبر.
قال بهافي إن توقعات يونيو بشأن التضخم والبطالة ما زالت متماسكة، مما يمنح المسؤولين سبباً قليلاً لإضافة مزيد من التخفيضات إلى السيناريو الأساسي.
مع ذلك، يرى عدد غير قليل من الاقتصاديين المستطلعة آراؤهم، أكثر من 40%، أن الفيدرالي قد يتجه إلى إجراء ثلاثة تخفيضات في 2025. كما ستكشف التوقعات عن حجم التيسير الذي يتوقعه المسؤولون العام المقبل، ورؤيتهم لمسار التضخم والبطالة.