Site icon السعودية برس

خطة “المدينة الإنسانية” الإسرائيلية تثير موجة انتقادات واسعة | أخبار

|

أشعلت الخطة الإسرائيلية الرامية لنقل سكان قطاع غزة إلى ما سُمّي بـ”المدينة الإنسانية” موجة غضب وانتقادات حادة، وُصفت بأنها تمهيد لتهجير قسري واسع النطاق.

وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن تفاصيل هذه الخطة خلال إحاطة صحفية، موضحا أنها تقوم على إنشاء منطقة مغلقة في جنوب قطاع غزة من الصفر، خلال هدنة محتملة مدتها 60 يوما.

وتستهدف الخطة في مرحلتها الأولى نقل نحو 600 ألف نازح فلسطيني إلى هذه المنطقة، مع إقامة 4 مراكز لتوزيع المساعدات تديرها منظمات دولية، على أن يتم نقل جميع سكان غزة لاحقا، وفق تصريحات كاتس.

وسيخضع سكان القطاع إلى عمليات تدقيق أمنية في “المدينة الإنسانية” بهدف التأكد من عدم انتمائهم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وبمجرد دخولهم المنطقة، لن يُسمح لهم بالمغادرة.

انتقادات محلية ودولية

وصفت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) المشروع بـ”معسكر اعتقال”، بينما حذرت منظمة العفو الدولية من أن الخطة ترقى إلى جريمة حرب.

بدوره، قال وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البريطاني، هاميش فالكونر، إنه “مصدوم” من الخطة الإسرائيلية، مؤكدا أنه لا ينبغي تقليص الأراضي الفلسطينية ولا منع السكان من العودة إلى بلداتهم.

كما أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس -الأحد- معارضته خطة إسرائيل لإنشاء ما تسميها “مدينة إنسانية” في رفح، وشدد ميرتس -في تصريحات لقناة “إيه آر دي” الألمانية- على أنه ليس راضيا منذ أسابيع عن ممارسات الحكومة الإسرائيلية في قطاع غزة.

وأوضح ميرتس أنه أعرب مرارا عن عدم رضاه، وأنه ناقش هذه المواضيع أيضا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لمسؤوليته عن ارتكاب جرائم حرب في غزة.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، ستقام المدينة المقترحة بين محوري فيلادلفيا وموراغ قرب حدود مصر، وستُستخدم لاحقا كمرحلة أولى لتهجير السكان خارج القطاع تحت ما تسميه الحكومة “الهجرة الطوعية”.

ورفضت السلطة الفلسطينية الخطة بشدة، ووصفتها بأنها “لا علاقة لها بالإنسانية”، محذرة من أنها تمثل غطاء لتهجير قسري.

أما حركة حماس، فأكدت من جهتها رفض أي مشروع يُبقي أهالي القطاع محاصرين في جزء صغير من غزة.

انقسام داخل إسرائيل

وفي الداخل الإسرائيلي، هاجم رئيس أركان الجيش إيال زامير المقترح، محذرا من أنه يُبعد الجيش عن هدفيه الأساسيين: هزيمة حماس واستعادة الأسرى بالقطاع.

كما وصفه مسؤولون أمنيون بأنه “مدينة خيام عملاقة” قد تؤدي إلى عودة الحكم العسكري لغزة، بحسب ما نقلته القناة 12 الإسرائيلية.

وشن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد هجوما حادا على الخطة، واصفا إياها بأنها فكرة سيئة من كل النواحي الأمنية والسياسية والاقتصادية واللوجستية.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن لبيد قوله إن الجيش نفسه يعارض المخطط، معتبرا أنه يضع إسرائيل أمام خيار واحد فقط: البقاء في غزة.

وأضاف لبيد أن إنشاء منطقة محاطة بسياج تضم مئات آلاف الفلسطينيين يعني عمليا إقامة “معسكر اعتقال”، وتساءل مستنكرا: “كيف سيُطبق ذلك؟ هل سنُبقي 600 ألف إنسان داخل منطقة مسيجة؟”.

وأثارت التكلفة المتوقعة للمبادرة، التي تتراوح بين 10 و20 مليار شيكل (ما يعادل 3 إلى 6 مليارات دولار)، غضب الرأي العام الداخلي، نظرا للتكلفة الاقتصادية المتزايدة للحرب المستمرة منذ ما يقرب من عامين.

ووصف ميخائيل ميلشتاين، ضابط سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، خطة “المدينة الإنسانية” بأنها إحدى “الأوهام” التي تروّج لها القيادة الإسرائيلية.

وقال ميلشتاين، الذي يرأس برنامج الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، إن المنطقة المقترحة لا تحتوي على أي بنية تحتية أساسية، مما يثير شكوكا حول قدرتها على توفير أبسط الخدمات كالكهرباء والماء.

كما أوضح أن إسرائيل تتجه نحو “أفكار جنونية” بدلا من تطوير سياسات واقعية قابلة للتنفيذ. وأضاف: “لا أحد يخبر الجمهور الإسرائيلي عن الثمن، ولا عن العواقب الاقتصادية والسياسية والأمنية لإعادة احتلال غزة… الكلفة ستكون باهظة للغاية”.

وأشار إلى أن إدراك الإسرائيليين بأن هدف الحرب هو احتلال غزة مجددا قد يفجّر اضطرابات اجتماعية داخلية كبيرة.

كذلك، أُطلقت تحذيرات قانونية داخل إسرائيل، إذ وجّه 16 باحثا في القانون الدولي رسالة تحذيرية لوزير الدفاع ورئيس أركان الجيش، معتبرين أن الخطة قد تُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني.

وتأتي هذه التطورات وسط حرب إبادة جماعية إسرائيلية مستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 196 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى آلاف المفقودين ومئات آلاف النازحين.

Exit mobile version