Site icon السعودية برس

تشارك فيه مصر.. مشروع بحثي إقليمي لاستعادة الأراضي المتدهورة في البيئات الجافة بحلول جيوفيزيائية ذكية

أطلقت 6 دول اقليمية متوسطية، هي مصر، إيطاليا، تونس، اليونان، المغرب، وإسبانيا، مبادرة إقليمية تهدف إلى تطوير حلول علمية جيوفيزيائية مبتكرة.

 هذه الحلول ستعزز قدرة النظم البيئية على مواجهة التحديات المناخية، مع التركيز بشكل خاص على استصلاح الأراضي المتدهورة.

يأتي ذلك ضمن مشروع “النهج المستدام لإدارة المياه والتربة للأراضي الجافة”، الممول من الاتحاد الأوروبي عبر برنامج “بريما”، حيث يعتبر هذا المشروع مثالاً بارزًا للتعاون بين مركز بحوث الصحراء في مصر برئاسة الدكتور حسام شوقي وتحت رعاية  علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وبين الدول المشاركة، كما يمثل نموذجاً للمشاريع البحثية التي تدرس تأثيرات التغيرات المناخية على جهود التنمية المستدامة في دول حوض البحر الأبيض المتوسط.

ومن جانبه أوضح الدكتور عبد الله زغلول، الرئيس السابق لمركز بحوث الصحراء ورئيس الفريق البحثي المصري للمشروع، أن هذا المشروع يتوافق تمامًا مع استراتيجية المركز لتنمية الموارد الطبيعية في الصحاري المصرية ومناطق الاستصلاح. كما يهدف إلى دراسة التحديات البيئية التي تعيق تنمية هذه الموارد والمساهمة في وضع خطط علمية وعملية لاستصلاح وتنمية المناطق الصحراوية.
وقال ان  التقنيات التي يتم تطويرها في المشروع ستساهم في الاستخدام الفعال للمياه والإدارة المستدامة للتربة في المناطق الأكثر عرضة للتغيرات المناخية، ومن الأمثلة على ذلك منطقة الدراسة الحالية في محافظة مطروح، حيث تمثل الزراعة النشاط الاقتصادي الرئيسي لأكثر من 70% من البدو، وتعتمد بشكل كبير على محاصيل الزيتون والتين كمصادر دخل أساسية.

من جانبه، أكد الدكتور أحمد الشناوي، المدير التنفيذي للفريق المصري للمشروع، أن منطقة البحر المتوسط تواجه تحديات بيئية واقتصادية متشابكة.

 هذا يتطلب تبني نهج علمي متكامل لإدارة الموارد المائية والتربة، مع ضرورة إشراك المجتمعات المحلية، خاصة النساء والشباب، في عملية التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن تدهور الأراضي والتصحر في البيئات الجافة بحوض البحر الأبيض المتوسط هو نتيجة لتضافر عوامل بيئية واجتماعية واقتصادية في مناطق تعاني من ضغوط مناخية متزايدة وقدرة ضعيفة على التكيف.
وأوضح أن القدرة على استعادة الأراضي المتدهورة وتعزيز مرونة النظم الاجتماعية والبيئية المهددة في منطقة البحر المتوسط تتطلب نهجاً متكاملاً ومستداماً، وان هذا النهج يعتمد على المعرفة العلمية الجديدة والأدوات المتعلقة بالعمليات البيئية الرئيسية المرتبطة بالمياه، وأنه على سبيل المثال، تؤدي زيادة فترات الجفاف الطويلة وارتفاع درجات الحرارة إلى تفاقم مشكلة جفاف التربة، مما يقلل من قدرتها على الاحتفاظ بالماء ويؤثر على نمو المحاصيل. كما يؤدي نقص الرطوبة إلى الحد من نشاط الكائنات الحية الدقيقة في التربة، مما يقلل من تحلل المواد العضوية ويضعف خصوبة التربة ويزيد من زحف التصحر وفقدان الأراضي الزراعية.

من جانبه أكد الدكتور عبد الناصر محمود أحد أعضاء الفريق البحثي، أن تغير أنماط هطول الأمطار يؤدي إلى فترات جفاف أطول وأمطار أكثر غزارة ولكن غير منتظمة. حيث تؤدي الأمطار الغزيرة إلى انجراف الطبقة السطحية الخصبة من التربة، مما يفقدها العناصر الغذائية، بينما تؤدي السيول إلى تشبع التربة بالماء، مما يقلل من التهوية ويضعف جذور النباتات.

من بين أبرز الجهود التي نفذها المشروع، وفقاً للدكتور حسين محمد، عضو الفريق البحثي، هي إعادة تأهيل سدود وحواجز حصاد المياه التي فقدت فعاليتها في حجز المياه بسبب عمليات الترسيب وغياب الصيانة الدورية. وقد دعم المشروع ورفع كفاءة ستة سدود في وادي العجرمة، وأسفرت عمليات الصيانة عن استعادة نحو متر مربع من الأراضي القابلة للزراعة، مع توفير المياه اللازمة لري أشجار الزيتون في موقع الدراسة. وتُظهر الصور الملتقطة قبل وبعد عمليات الصيانة الأثر الإيجابي لهذه الجهود في تحسين الحالة العامة للبنية التحتية المائية.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور أحمد الشناوي عضو الفريق البحثي، على الحاجة إلى أساليب مبتكرة لرصد خصائص التربة وإدارتها بكفاءة. فالطرق التقليدية لتحليل التربة غالباً ما تكون بطيئة ومكلفة، ولا توفر صورة شاملة عن التباين المكاني لخصائص التربة، خاصة في المناطق الواسعة التي تستهدفها مشاريع الاستصلاح الزراعي. في المقابل، تقدم التقنيات الجيوفيزيائية، مثل التصوير الكهربائي والموجات الرادارية المخترقة للأرض، جنبًا إلى جنب مع دراسات التربة، حلاً واعداً لتقييم التربة بدقة وسرعة، مع توفير كبير في التكاليف والجهد مقارنة بالطرق التقليدية، خاصة في استكشاف ودراسة المساحات الشاسعة في صحارينا المصرية وتقييم إمكانية استصلاح وإضافة أراضي زراعية جديدة.
وأضاف أن الحلول الجيوفيزيائية تمثل كفاءة أعلى بتكلفة أقل في التغلب على هذه التحديات. فقد تم تطبيق تقنيات جيوفيزيائية متقدمة مثل التصوير الكهربائي والرادار المخترق للأرض في منطقة وادي الرمل بمحافظة مطروح، حيث تسمح هذه التقنيات برسم خرائط دقيقة لتوزيع الرطوبة والملوحة في التربة دون الحاجة إلى حفر مكثف أو أخذ عينات كثيرة.
وقال أن  النتائج أظهرت أن هذه الأساليب توفر بيانات عالية الدقة في وقت قصير، مما يمكّن المخططين ومتخذي القرار من تحديد أفضل المناطق للاستصلاح الزراعي، وتجنب المناطق ذات الملوحة العالية أو نقص الرطوبة. كما تساعد في تتبع مسارات تسرب مياه الفيضانات، مما يساهم في تصميم أنظمة فعالة لحصاد المياه.

Exit mobile version