Site icon السعودية برس

ترمب يخطط للضغط على بوتين لعقد اجتماع ثلاثي مع زيلينسكي

أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن أملهما في أن تسفر قمتهما مع القادة الأوروبيين عن محادثات ثلاثية مع فلاديمير بوتين بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا.

جاء اجتماع البيت الأبيض الذي ضم كبار القادة الأوروبيين، بعد أيام من لقاء ترمب مع بوتين في ألاسكا. وبينما أثار ذلك اللقاء قلق الحلفاء حيث قال ترمب إن المسؤولية تقع على زيلينسكي لإنهاء النزاع المستمر منذ ثلاث سنوات، منح اجتماع الإثنين أوكرانيا سبباً للأمل.

قال زيلينسكي إنه متفائل بمشاركة الولايات المتحدة في الضمانات الأمنية كجزء من أي اتفاق سلام، وأشار إلى أن ترمب وافق على مطلب أساسي يتمثل في حصر مناقشة مسألة تبادل الأراضي ضمن محادثات مباشرة مع بوتين. وأشار ترمب إلى أنه قد يتمكن من إقناع روسيا بالإفراج عن ما يصل إلى ألف أسير كبادرة حسن نية.

وعلى نطاق أوسع، أمضى الزعيمان اللذان واجها صعوبة في التعاون منذ عودة ترمب إلى السلطة، فترة بعد الظهر في تبادل عبارات الإطراء والتأكيد على وحدة الصف بين كييف وواشنطن.

وقال ترمب للصحفيين خلال لقائه بزيلينسكي في المكتب البيضاوي: “إذا سارت الأمور على ما يرام اليوم، سيكون لدينا اجتماع ثلاثي. سنعمل مع الجميع، وسنتأكد من أنه إذا تحقق السلام، فسيكون سلاماً دائماً”.

مشاركة أوروبية وضغط على الكرملين

قال ترمب إنه يخطط لإجراء مكالمة هاتفية مع بوتين عقب المحادثات، التي شارك فيها أيضاً المستشار الألماني فريدريش ميرتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. كما حضر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب، اللذان يتمتعان بعلاقة شخصية مع ترمب.

قد يعيد ذلك الضغط على الكرملين، الذي رفض حتى الآن تحديد موعد للقاء بين بوتين وزيلينسكي، محتجاً على توسيع الضمانات الأمنية لأوكرانيا التي صوّرها الرئيس الروسي كتهديد للأمن القومي. لكن ترمب قال الإثنين إنه أقنع بوتين بأن برنامجاً من هذا النوع، بقيادة أوروبية، سيكون ضرورياً للتوصل إلى اتفاق سلام.

وقال ترمب في افتتاح اجتماعه مع نظرائه الأوروبيين: “وافق الرئيس بوتين على أن روسيا ستقبل بضمانات أمنية لأوكرانيا. وهذه إحدى أحد النقاط الأساسية التي يجب أن نضعها في الاعتبار وسنناقشها على طاولة المفاوضات”.

وأضاف: “أنا متفائل أننا بشكل جماعي يمكن أن نتوصل إلى اتفاق يردع أي عدوان مستقبلي ضد أوكرانيا، وأعتقد فعلياً أنه لن يحدث”. وأضاف: “أعتقد أن الدول الأوروبية ستتحمل العبء الأكبر. سنساعدها وسنجعل الأمر آمناً للغاية”.

تحسن النبرة مع زيلينسكي

شهدت النبرة بين ترمب وزيلينسكي تحسناً ملحوظاً مقارنة بزيارة الرئيس الأوكراني الأخيرة لواشنطن في فبراير، التي تحولت إلى مواجهة علنية حادة وأدت مؤقتاً إلى تعليق الدعم العسكري الأميركي.

هذه المرة، كرر زيلينسكي شكره لترمب، بعد انتقادات وجهها نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس قبل ستة أشهر بأنه لم يُظهر ما يكفي من الامتنان للمساعدات العسكرية والمالية الأميركية.

وصف زيلينسكي محادثاته المباشرة مع ترمب بأنها “جيدة جداً” و”الأفضل حتى الآن”، وأشار إلى أن مناقشات الأراضي قد تجري إذا التقى بوتين.

وقال: “من المهم جداً أن كل الأمور الحساسة، بما في ذلك الأراضي وغيرها، سنناقشها على مستوى القادة خلال اجتماع ثلاثي”. وأضاف: “سنتحدث أكثر عن الضمانات الأمنية، ومن المهم جداً أن تقدم الولايات المتحدة مثل هذه الإشارة القوية”.

وخلال هذه الزيارة، وصل زيلينسكي إلى البيت الأبيض مرتدياً سترة رسمية بعد أن تعرض لانتقادات من حلفاء ترمب بسبب ارتدائه الزي العسكري في زيارته السابقة. وقال مازحاً عن ملبسه: “هذا أفضل ما لدي”، ليرد ترمب: “أحبه”.

عرض قوة أوروبي ومخاطر على أوكرانيا

وصل القادة الأوروبيون إلى البيت الأبيض في عرض دبلوماسي داعم لأوكرانيا، مصممين على ضمان وحدة أراضيها، والحصول على ضمانات أمنية قوية من واشنطن.

وعجّل ترمب في دفعه نحو إبرام صفقة سريعة لوقف الغزو الروسي الذي استمر رغم أشهر من الجهود الدبلوماسية الأميركية وتعهداته الانتخابية بإنهائه في يومه الأول بالمنصب.

لكن على الرغم من النبرة الودية بين ترمب وزيلينسكي، ازدادت المخاطر على أوكرانيا حدة. فبعد اجتماعه مع بوتين، تراجع ترمب عن تهديده بفرض مزيد من العقوبات على موسكو، وأسقط مطلب وقف إطلاق النار كشرط لمواصلة المحادثات، متماشياً مع موقف الكرملين بأن المفاوضات مع أوكرانيا يجب أن تركز على تسوية طويلة الأمد.

تنازلات إقليمية مطروحة

أعاد ترمب يوم الإثنين التأكيد على رأيه بأن زيلينسكي قادر على إنهاء الحرب، ما يثير احتمال إجبار كييف على تقديم تنازلات إقليمية غير مريحة. وقال: “لا أعتقد أنك بحاجة إلى وقف إطلاق النار. يمكننا العمل على اتفاق سلام بينما القتال مستمر”.

وأكد زيلينسكي أن أوكرانيا ستحتاج إلى “كل شيء” من الولايات المتحدة وحلفائها، بما في ذلك الأسلحة والضمانات الأمنية، من أجل التوصل إلى اتفاق. وأشاد ببرنامج لتزويد بلاده بمنظومات “باتريوت” للدفاع الجوي، تموّله الدول الأوروبية، مع تكثيف روسيا هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيّرة. وقال: “نحن ممتنون لهذا البرنامج وهذه الفرصة”.

مفاوضات متوترة وتكتيكات روسية

دخل الاجتماع أجواءً مشحونة بعد قمة ترمب مع بوتين، التي جاءت بينما تخوض أوروبا أعنف صراع لها منذ عقود. ففي اتصالاته مع القادة الأوروبيين عقب قمة ألاسكا، قال ترمب إن بوتين يريد من أوكرانيا التخلي عن كامل منطقة دونباس، أي مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، مجدداً مطالبه السابقة. سيمنح ذلك روسيا انتصاراً لم تتمكن من تحقيقه عسكرياً منذ اندلاع القتال عام 2014، في منطقة ما زالت أوكرانيا تحتفظ فيها بدفاعات محصنة.

كما قد توقف روسيا توسيع مطالبها على أجزاء من مقاطعتي زاباروجيا وخيرسون التي لا تسيطر عليهما حالياً، ما يجمد خطوط القتال عند مواقعها الحالية. وقد تنسحب القوات الروسية أيضاً من بعض جيوب الأراضي الصغيرة في شمال شرقي أوكرانيا قرب الحدود الروسية.

لكن ذلك يثير احتمال أن تكون “صفقة تبادل الأراضي” التي ألمح إليها ترمب غير متوازنة لصالح بوتين، إذ تمنحه السيطرة على مناطق تتجاوز ما استولى عليه بالفعل، مقابل تنازلات محدودة عن أراضٍ كانت أوكرانية أصلاً.

وفي الأثناء، واصلت روسيا تحقيق تقدم بطيء لكنه ثابت في شرق أوكرانيا. وبعد ساعات من وصول زيلينسكي إلى واشنطن، أدت هجمات روسية على مدينتي خاركوف وزابوريجيا إلى مقتل ما لا يقل عن 10 مدنيين، بينهم طفلان، وإصابة العشرات، بحسب السلطات المحلية.

Exit mobile version