Site icon السعودية برس

ترامب يستعد لتنفيذ أكبر إعادة هيكلة لوزارة الخارجية الأمريكية منذ تأسيسها

تداول دبلوماسيون أمريكيون في عدد من السفارات حول العالم مسودة أمر تنفيذي صادرة عن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تتضمن خطة غير مسبوقة لإعادة هيكلة وزارة الخارجية، وهي الخطوة التي وصفها مراقبون بأنها قد تكون الأكبر من نوعها منذ تأسيس الوزارة عام 1789.

ونشرت وكالة “بلومبرج” تفاصيل الوثيقة، التي تقع في 16 صفحة، مؤكدة أنها تم توزيعها بشكل واسع داخل السلك الدبلوماسي.

وتتضمن المسودة مقترحات مثيرة للجدل، على رأسها إلغاء عشرات الأقسام والمناصب، من بينها تلك المعنية بقضايا المناخ، واللاجئين، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، فضلاً عن إلغاء “مكتب المنظمات الدولية” المسؤول عن تنسيق العلاقة مع الأمم المتحدة.

 كذلك، تقترح الوثيقة خفضًا كبيرًا في حجم العمليات الدبلوماسية الأمريكية في كندا، وتحديدًا عبر تقليص طاقم السفارة في العاصمة أوتاوا، ووضعها تحت إدارة فريق مصغر ضمن “مكتب شؤون أميركا الشمالية”.

توجهات جديدة

بحسب المسودة، ستُعاد هيكلة وزارة الخارجية إلى أربعة مكاتب إقليمية رئيسية، تغطي مناطق المحيطين الهندي والهادئ، وأمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط، وأوراسيا، مع إغلاق عدد غير محدد من السفارات والقنصليات في إفريقيا جنوب الصحراء. 

كما تُلمح الوثيقة إلى توجه نحو حصر المسار المهني للدبلوماسيين داخل منطقة جغرافية واحدة طوال فترة خدمتهم، بدلاً من التنقل بين مناطق مختلفة كما هو متبع حاليًا.

ووفرت الوثيقة للدبلوماسيين الحاليين الذين لا يرغبون في الانضمام إلى النظام الجديد خيارًا بمغادرة الوزارة طوعًا، مع تعويضات مالية، بشرط التقدم بطلبات الخروج في موعد أقصاه 30 سبتمبر المقبل. كذلك، من المزمع تعديل اختبارات السلك الدبلوماسي، لتتضمن معيارًا يتعلق بـ”مدى توافق المتقدمين مع رؤية الرئيس للسياسة الخارجية”.

رغم ما تثيره المسودة من اهتمام داخل أروقة الوزارة، فإن وزير الخارجية الحالي ماركو روبيو سارع إلى وصف التقارير بشأنها بأنها “أخبار زائفة”، في منشور له على منصة “إكس”، وهو ما اعتُبر من قبل بعض المراقبين محاولة لامتصاص ردود الفعل الأولية على الوثيقة. غير أن مصادر مطلعة داخل الوزارة أكدت لـ”بلومبرج” أن التوجه العام لإدارة ترامب يميل بالفعل نحو تقليص الدور العالمي للولايات المتحدة، والتراجع عن الالتزامات في المنظمات الدولية، وهو ما ينعكس في مضمون المسودة.

وفي الوقت ذاته، أعرب بعض موظفي الخارجية الأمريكية، عبر صفحة مخصصة للدبلوماسيين على منتدى “ريديت”، عن شكوكهم في قابلية تنفيذ هذه التعديلات بالكامل. وذهب البعض إلى حد اعتبار التسريب “تكتيكًا متعمدًا” للتمهيد لقرارات أقل تطرفًا تُصوّر لاحقًا باعتبارها معتدلة بالمقارنة مع الوثيقة المسربة.

ترى “بلومبرج” أن هذه المسودة تعكس توجهًا واضحًا لدى إدارة ترامب لإعادة رسم دور الولايات المتحدة في النظام العالمي، وهو ما قد يُضعف من تأثير واشنطن على الساحة الدولية، ويقوّض الدور التاريخي للدبلوماسية الأمريكية. وإذا ما تم تنفيذ التغييرات كما وردت في الوثيقة، فإنها ستشكل نقطة تحول رئيسية في بنية وزارة الخارجية، ما قد يؤدي إلى صدام قانوني وسياسي داخلي، خصوصًا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.

ومن المتوقع، بحسب مصادر مطلعة، أن يتم الإعلان رسميًا عن الصيغة النهائية للتعديلات المقترحة بحلول يوم الثلاثاء، لكن مصير الوثيقة لا يزال مرتبطًا بتوقيع الرئيس ترامب عليها من عدمه، أو إدخال تعديلات جوهرية عليها قبل إقرارها رسميًا.

Exit mobile version