Site icon السعودية برس

بفرحة تخنقها غصة.. الغزيون يحتفون ببدء اتفاق وقف إطلاق النار

هرع آلاف الفلسطينيين إلى الشوارع في أنحاء قطاع غزة مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) اليوم الأحد، بعضهم للاحتفال، والبعض الآخر لزيارة قبور الأقارب، في حين عاد كثيرون لتفقّد منازلهم.

حالة من السعادة باغتت قلوب الغزيين المكلومين بعد الإعلان عن سريان الاتفاق عقب تأخره لنحو 3 ساعات، مما خلق مخاوف كبيرة لديهم من تعرضه للفشل.

وقال الدفاع المدني الفلسطيني في غزة إن الضربات العسكرية الإسرائيلية قتلت 13 شخصا على الأقل في هجمات عبر القطاع خلال فترة التأخير، ولم يتم الإبلاغ عن مزيد من الهجمات بعد بدء سريان الاتفاق في الساعة 11:15 صباحا بالتوقيت المحلي (09:15 بتوقيت غرينتش).

وصباح اليوم الأحد، دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ بناء على الموعد الذي حدده الوسطاء عند الساعة 6:30 بتوقيت غرينتش، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد في بيان لمكتبه أن الاتفاق لن يبدأ إلا بعد استلام قائمة الأسيرات الثلاث المفترض الإفراج عنهن اليوم، إذ قالت حماس آنذاك إن تأخرها بتسليم القائمة جاء لأسباب “فنية ميدانية”، الأمر الذي أدى إلى تأثر سريان الاتفاق نحو 3 ساعات.

ولاحقا، سلّمت حماس قائمة الأسماء للوسطاء، في حين نشرت كتائب القسام أسماء الأسيرات الثلاث، ليعلن مكتب نتنياهو عن دخول وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى بقطاع غزة حيز التنفيذ الساعة 11:15 بتوقيت فلسطين.

وبعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ التقط الفلسطينيون أخيرا أنفاسهم، في ظل فرحة مكتومة وترقب محفوف بالقلق، بدون الغبار الناجم عن انفجارات القصف الإسرائيلي الذي لازمهم طوال 15 شهرا من حرب إبادة جماعية ارتكبتها تل أبيب.

مراسل الجزيرة يرصد الأوضاع من محيط مفرق السرايا وسط مدينة غزة

وعلى غير العادة، اختفى ضجيج الطائرات الحربية الإسرائيلية التي لم تفارق سماء القطاع طوال الشهور الـ15، في حين تواصل طائرات الاستطلاع تحليقها فوق مناطق مختلفة.

وقالت آية -وهي نازحة من مدينة غزة لجأت إلى دير البلح في وسط القطاع منذ أكثر من عام- لوكالة رويترز عبر تطبيق للتراسل على الإنترنت إنها تشعر وكأنها وجدت بعض الماء لتشربه أخيرا بعد أن تاهت في الصحراء لمدة 15 شهرا، مضيفة أنها تشعر بعودة الحياة لها مجددا.

ومر مقاتلو حماس بسياراتهم عبر مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة وسط هتافات وهدير الجماهير، وردد من تجمعوا ابتهاجا بالمقاتلين تحياتهم لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وقال مقاتل لوكالة رويترز إن جميع فصائل المقاومة باقية رغما عن نتنياهو.

وفوجئ الفلسطينيون ممن عادوا إلى ما تبقى من منازلهم ومناطق سكنهم في محافظات شمال أو جنوب القطاع بحجم الدمار الهائل الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية.

أحياء سكنية كاملة لم يبقِ منها الجيش الإسرائيلي أي معالم للحياة الإنسانية، فتحولت إلى مناطق قاحلة تخلو من كل شيء إلا الركام.

وبدأ فلسطينيون بانتشال جثامين ذويهم من تحت أنقاض المنازل المدمرة ومن الشوارع والطرقات، في حين شرع آخرون بالبحث عن قبور أفراد من عائلاتهم كانوا قد دفنوا في مقابر عشوائية وبالشوارع خلال حرب الإبادة.

وقال أحمد أبو أيهم (40 عاما) -وهو نازح مع عائلته من مدينة غزة ويقيم في خان يونس- إن مشهد الدمار في مدينته “مروع”، مضيفا أنه في حين أن وقف إطلاق النار ربما أنقذ الأرواح فلا وقت للاحتفالات.

وقال أبو أيهم عبر تطبيق التراسل نفسه “نتألم ألما شديدا، وحان الوقت لنعانق بعضنا البعض ونبكي”.

وفي محاولة لاستعادة الحياة في غزة بدأت طواقم البلديات بفتح الشوارع وإزالة الركام المتناثر في الطرقات، كما انتشرت عناصر الأمن التابعة لوزارة الداخلية في الشوارع لضمان وضبط الحالة الأمنية بالقطاع.

وإلى جانب ذلك، دخلت شاحنات مساعدات إلى جنوب القطاع من معبر كرم أبو سالم، وللشمال من معبري بيت حانون (إيرز) وزيكيم.

في الأثناء، يمر الوقت ببطء شديد على أهالي الأسرى الفلسطينيين الذين ينتظرون لحظة وصول ذويهم إلى قطاع غزة بعد الإفراج عنهم، خاصة العائلات التي لا تعرف إن كان أبناؤها معتقلين أم قتلى ومفقودة جثامينهم، وتعيش على أمل معرفة أي نبأ عنهم.

ويوجد تضارب بشأن أعداد الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم، ويُعزى ذلك -على ما يبدو- إلى الغموض المحيط بوضع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة من حيث عدد الأحياء والأموات بينهم، مما يؤثر مباشرة على تحديد أعداد الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم.

وتقول الفلسطينية سها فايز لوكالة الأناضول إن المشاعر مختلطة بعد وقف إطلاق النار والفرحة مكتومة، فالكثير من الحزن هنا، خاصة لمن فقد أحد أفراد أسرته أو جميعها”، وتشير إلى أن حالة من الحزن تغزو وجوه وملامح الفلسطينيين، وسط انتشالهم جثامين قتلاهم من تحت الركام.

وقالت آية “انتهت الحرب لكن الحياة لن تكون أفضل بسبب الدمار والخسائر التي تكبدناها، لكن على الأقل لن يكون هناك مزيد من إراقة الدماء للنساء والأطفال، أتمنى ذلك”.

وبدعم أميركي ارتكبت إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح فلسطيني -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

Exit mobile version