Site icon السعودية برس

بريطانيا على حافة مجاعة صامتة| 14 مليون متضرر و3.8 مليون طفل بلا غذاء كافٍ

تتسع دائرة الجوع في بريطانيا بشكل ينذر بالخطر، بعدما كشف تقرير جديد لصحيفة الإندبندنت استنادًا إلى بيانات شبكة بنوك الطعام “تروسيل” عن أرقام صادمة تؤكد أن ملايين البريطانيين باتوا يضطرون لتخطي وجباتهم أو تقليلها بسبب الضائقة المالية. الأزمة، التي تتفاقم على وقع الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة، أثارت موجة من الانتقادات الحادة للحكومة، وُصفت خلالها الأزمة بأنها “فشل سياسي فادح”.

أرقام تكشف عمق المعاناة

أوضح التقرير أن أكثر من 14 مليون شخص في بريطانيا يعيشون تحت وطأة أزمة غذائية خانقة، بينهم 3.8 مليون طفل يمثلون نحو 27% من المتضررين. هذه الأرقام تمثل قفزة مقلقة مقارنة بعام 2022، حين كان 11.6 مليون شخص يواجهون الجوع.
وبحسب “تروسيل”، فإن الأزمة لم تعد مقتصرة على الفئات المهمشة، بل باتت تضرب عمق المجتمع البريطاني.

أطفال بلا غذاء كافٍ

أحد أكثر الأرقام إثارة للقلق هو أن 31% من الأطفال دون سن الخامسة يعيشون في أسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي. هذا يعني أن شريحة واسعة من الأجيال الناشئة تُحرم من أبسط حقوقها الأساسية في الغذاء الصحي والمتوازن.

العمل لم يعد كافيًا للحماية

من بين النتائج الصادمة، أن 30% من الأسر التي تلجأ إلى بنوك الطعام هي في الأصل أسر عاملة. هذا المؤشر يضع علامات استفهام كبيرة حول قدرة سوق العمل في بريطانيا على حماية المواطنين من الفقر، إذ باتت الأجور غير كافية لتأمين الغذاء والاحتياجات الأساسية.

تفاوت طبقي في انعدام الأمن الغذائي

كشف التقرير كذلك أن 28% من المستأجرين في القطاع الخاص يواجهون انعدام الأمن الغذائي، فيما ترتفع النسبة إلى 44% بين سكان المساكن الاجتماعية. أما أصحاب المنازل، فتبدو أوضاعهم أقل حدة مع نسبة 8% فقط. هذه الأرقام تعكس حجم التفاوت الاجتماعي والاقتصادي بين طبقات المجتمع البريطاني.

انتقادات لاذعة للحكومة

السياسيون والنشطاء لم يترددوا في توجيه أصابع الاتهام إلى الحكومة، معتبرين أن هذه الأوضاع تمثل “وصمة عار” على النظام السياسي. وقالت هيلين برنارد، مديرة السياسات في مؤسسة “تروسيل”، إن “الجوع والمعاناة أصبحا يُنظر إليهما كأمر طبيعي في الحياة اليومية، بينما هما نتيجة مباشرة لأنظمة تحتاج إلى إصلاح عاجل”.

الوعود المؤجلة

على الرغم من أن حزب العمال، الذي تولى السلطة في منتصف 2024، تعهد بإنهاء ما وصفه بـ”الندبة الأخلاقية” المتمثلة في الاعتماد الجماعي على الطرود الغذائية، إلا أن خطته الموعودة لمكافحة فقر الأطفال لم تُطرح بعد، بعدما تأجل نشرها من الربيع إلى الخريف. هذا التأخير زاد من حدة الانتقادات تجاه الحكومة الجديدة.

 

الأزمة الغذائية التي تضرب بريطانيا اليوم لم تعد مجرد أرقام في تقارير بحثية، بل واقع يومي يعيشه ملايين الأسر. ومع تصاعد الغضب الشعبي وتزايد الانتقادات، يقف حزب العمال أمام اختبار حقيقي.. هل ينجح في تحويل وعوده إلى إجراءات ملموسة تعيد الأمل للمواطنين؟ أم سيبقى الجوع وصمة تلاحق السياسات البريطانية لسنوات مقبلة؟

Exit mobile version