Site icon السعودية برس

الملاذات الآمنة ترتفع في آسيا وسط قلق بشأن استقلالية الفيدرالي

تراجع الدولار وارتفعت الأصول التي تصنف كملاذات آمنة، بعدما أقدم الرئيس الأميركي دونالد ترمب على إقالة عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، ما أثار مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي.

وانخفض مؤشر للدولار بنسبة 0.3% قبل أن يقلّص خسائره، بعدما نشر ترمب على منصة “تروث سوشال” أن كوك ستُعزل بشكل فوري. وصعد الذهب بما يصل إلى 0.6%، فيما قاد الين والفرنك السويسري مكاسب عملات أمام الدولار. كما تراجعت الأسهم الآسيوية 0.7%، وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.2%.

وتباين منحنى العائد الأميركي، إذ تراجعت عوائد السندات لأجل عامين في ظل توقعات متزايدة بخفض أسعار الفائدة ربما الشهر المقبل، بينما ارتفعت عوائد الثلاثين عاماً وسط مخاوف من أن تؤدي السياسة النقدية الأكثر تيسيراً إلى تغذية التضخم. كما افتتحت العقود الآجلة للسندات الفرنسية منخفضة في التعاملات الآسيوية.

ضغوط على الأصول الأميركية

تزيد خطوة ترمب من السلبية المحيطة بالأصول الأميركية، بعدما أعادت حربه التجارية واتساع العجز المالي، إحياء فكرة “بيع الأصول الأميركية”، ودفعت وول ستريت للتشكيك في استثنائية الاقتصاد الأميركي.

ويبحث المتعاملون عن بدائل للدولار، عملة الاحتياط العالمية، وللسندات الأميركية، وأي تصور بتآكل استقلالية الاحتياطي الفيدرالي قد يسرّع هذا الاتجاه.

وقال رودريغو كاتريل، استراتيجي في “ناشيونال أستراليا بنك” في سيدني: “إقالة كوك تزيد المخاوف بشأن استقلالية الفيدرالي، بافتراض أنها لا تملك مساراً قانونياً للطعن. إذا نجح ترمب، فهذا يعني أنه قد يتمكن من تعيين أربعة أعضاء يتماهون مع وجهة نظره. ما إذا كان هؤلاء سيحترمون استقلالية الفيدرالي ويلتزمون بتفويضه المزدوج يبقى غير واضح”.

ترمب يصعّد بوجه الفيدرالي

جاء إعلان ترمب بعد أن أشارت وزارة العدل الأميركية إلى نيتها التحقيق مع كوك، عقب إحالة جنائية من مدير وكالة تمويل الإسكان الفيدرالية بيل بولتي، الذي زعم أنها ربما ارتكبت احتيالاً في الرهن العقاري.

ويمثل التحقيق أحدث خطوة في سلسلة تحركات من إدارة ترمب لزيادة التدقيق القانوني في شخصيات ديمقراطية، وممارسة الضغط على البنك المركزي.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت كوك ستطعن على الإقالة قضائياً. وفي حال لجأت إلى المحاكم، يمكنها أن تطلب أمراً قضائياً فورياً بإعادتها إلى منصبها ريثما تنظر المحاكم في الدعوى.

وكتب إليوت ز. ستاين، المحلل لدى “بلومبرغ إنتليجنس”، أن كوك من المرجح أن تقاضي للطعن على الإقالة، مضيفاً: “نعتقد أنها قادرة على الفوز”، مشيراً إلى أن مجرد وجود ادعاءات بالاحتيال غير كافٍ لتلبية معيار الإقالة “لسبب مشروع”، ما لم يتم إثبات المخالفة فعلياً، وهو ما يتطلب على الأقل تحقيقاً وربما إدانة.

وقالت كوك في 20 أغسطس، بعدما دعا بولتي المدعية العامة بام بوندي إلى التحقيق، إنها “لا تنوي أن تُجبر على الاستقالة بسبب بعض الأسئلة التي أُثيرت في تغريدة”.

وقالت آنا وو، خبيرة استراتيجيات الاستثمار في “فان إيك أسوشييتس”: “عادة ما تأخذ الأسواق مثل هذه العناوين كتهديد لاستقلالية الفيدرالي. إنها تثير حالة من عدم اليقين لكنها تؤكد أيضاً أن أسلوب ترمب هو الذي سيتحكم”.

من جهتها قالت ماري نيكولا من “MLIV” في “بلومبرغ” إن “معنويات المخاطرة ستتراجع أكثر بفعل سيل من عناوين ترمب التي تضرب أسواقاً كانت متزعزعة بالفعل. الآن أصبحت مصداقية الفيدرالي تحت المجهر بعد أن سعى ترمب لإقالة ليزا كوك”.

وأضافت: “هذه الخطوة تشير إلى أن تغييرات أوسع قد تحدث إذا لم ينسجم صناع السياسة مع البيت الأبيض. نهاية المنحنى الطويل والدولار الأميركي سيتعرضان للضغط مع ازدياد الشكوك حول استقلالية الفيدرالي، التي طالما اعتُبرت مقدسة”.

مخاطر تهدد استقلالية المركزي

كانت وكالة “إس آند بي غلوبال للتصنيفات” قد أشارت في وقت سابق من هذا الشهر إلى المخاطر التي تهدد استقلالية الفيدرالي، لدى تثبيتها التصنيف الائتماني للولايات المتحدة عند “AA+”، وهو مستوى منحته منذ عام 2011 حين خفّضت التصنيف من “AAA”.

وكتب محللون بينهم ليزا شينيلر: “قد تتعرض التصنيفات لضغوط إذا أثّرت التطورات السياسية على قوة المؤسسات الأميركية وفعالية السياسات طويلة الأمد أو استقلالية الاحتياطي الفيدرالي. هذا قد يهدد بدوره مكانة الدولار كعملة الاحتياط العالمية الرئيسية، وهو عنصر أساسي في قوة التصنيف”.

في الأثناء، تراجعت عقود “ناسداك 100” بما يصل إلى 0.5% بعدما هدد ترمب أيضاً بفرض قيود على صادرات الرقائق. وكانت الأسهم تحت ضغط بالفعل بعد أن تبددت موجة التفاؤل بشأن خفض الفائدة، وتراجعت الأسهم الأميركية الإثنين. وكانت بورصة نيويورك قد ارتفعت الجمعة، بعدما فتح رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الباب أمام احتمال خفض الفائدة.

ترقب لبيانات التضخم

سرعان ما تلاشت مشاعر النشوة مع استمرار الشكوك في وتيرة التخفيضات، بينما يترقب المتعاملون بيانات أسعار مرتقبة هذا الأسبوع. ويكافح صناع السياسة بين تضخم لا يزال أعلى من هدف 2%، بل يرتفع، وسوق عمل تظهر مؤشرات ضعف. 

هذه المعادلة المقلقة، التي تسحب السياسة النقدية في اتجاهين متناقضين، تفاقمها درجة عالية من عدم اليقين بشأن كيفية تطور كل من هذين العاملين خلال الأشهر المقبلة.

ومن المتوقع أن يُظهر مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الذي يستثني الغذاء والطاقة، وهو المفضل للفيدرالي لقياس التضخم الأساسي، ارتفاعاً بنسبة 2.9% على أساس سنوي الشهر الماضي، وهي أسرع وتيرة في خمسة أشهر.

إلى ذلك، افتتحت العقود الآجلة للسندات الفرنسية منخفضة بعد أن دعا رئيس الوزراء فرانسوا بايرو إلى تصويت على الثقة قد يُسقط الحكومة في الشهر المقبل.

وبعيداً عن الصورة الكلية، تترقب السوق الاختبار الأكبر التالي وهو نتائج شركة “إنفيديا” المقررة يوم الأربعاء بعد الإغلاق.

ويُنظر إلى الشركة باعتبارها مؤشراً رئيسياً للسوق نظراً لحجمها الكبير، إذ تمثل نحو 8% من مؤشر “إس آند بي 500″، وموقعها المحوري في تطوير الذكاء الاصطناعي.

Exit mobile version