Site icon السعودية برس

القمة المصرية الأوروبية الأولى.. القاهرة تعيد رسم خريطة الشراكة مع أوروبا

تستعد العاصمة البلجيكية بروكسل لاستقبال حدث دولي رفيع المستوى يحمل دلالات استراتيجية واقتصادية وسياسية كبرى، حيث يترأس الرئيس عبدالفتاح السيسي وفد جمهورية مصر العربية المشارك في القمة المصرية الأوروبية الأولى، المقرر انعقادها في الثاني والعشرين من أكتوبر الجاري. 

وهذه القمة ليست مجرد لقاء دبلوماسي عابر، بل تمثل انطلاقة جديدة في مسار العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، وترسيخًا لشراكة شاملة تقوم على المصالح المتبادلة والرؤية المشتركة لمستقبل الاستقرار والتنمية في ضفتي المتوسط.

 

القمة وأهدافها

تأتي القمة المصرية الأوروبية الأولى تتويجًا للمسار المتنامي للعلاقات بين القاهرة والاتحاد الأوروبي، والذي بلغ ذروته في مارس 2024 عندما تم الإعلان رسميًا في القاهرة عن الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين. 

وتهدف هذه الشراكة إلى الارتقاء بالتعاون من مستوى التنسيق التقليدي إلى مستوى مؤسسي شامل يغطي مختلف المجالات: السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والطاقوية، والتنموية.

ومن المقرر أن تشهد القمة مشاركة قادة ومسؤولي الاتحاد الأوروبي وكبار ممثلي المفوضية الأوروبية، إلى جانب حضور رفيع من الدول الأعضاء، ما يعكس إدراك أوروبا لأهمية الدور المصري في المنطقة، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة مثل الصراعات في الشرق الأوسط، وأزمات الطاقة، وقضايا الهجرة غير الشرعية، ومكافحة الإرهاب.

 

أهمية القمة لمصر

تأتي مشاركة الرئيس السيسي في هذه القمة لتعزيز مكانة مصر الإقليمية والدولية، وترسيخ دورها المحوري كجسر استراتيجي يربط بين إفريقيا وأوروبا، وكشريك أساسي في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة المتوسط. 

كما تتيح القمة فرصة مهمة لمصر لعرض رؤيتها تجاه القضايا الدولية والإقليمية، وتأكيد ثبات سياستها الخارجية القائمة على التوازن والاحترام المتبادل.

وتُعد القمة أيضًا منصة لإبراز الجهود المصرية في مكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث نجحت القاهرة خلال السنوات الماضية في تحقيق نموذج يحتذى به في ضبط السواحل ومنع انطلاق أي رحلات غير شرعية منذ عام 2016، وهو ما حظي بإشادة الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء.

الشق الاقتصادي والاستثماري

من أبرز محاور القمة الجانب الاقتصادي، إذ من المقرر أن يُعقد على هامشها منتدى اقتصادي موسع حول فرص الاستثمار في مصر، بمشاركة كبار رجال الأعمال الأوروبيين والشركات متعددة الجنسيات. وسيتم خلال المنتدى استعراض الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة المصرية في السنوات الأخيرة، والفرص الواعدة في قطاعات الطاقة المتجددة، والصناعة، والبنية التحتية، والسياحة، والتحول الرقمي.

كما سيُسلَّط الضوء على مشروعات الهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة، باعتبارها أحد مجالات التعاون المستقبلية بين القاهرة وبروكسل، إلى جانب بحث آليات دعم الاقتصاد المصري من خلال تمويلات واستثمارات أوروبية مباشرة، بما يسهم في خلق فرص عمل وزيادة معدلات النمو وتعزيز قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات العالمية.

اللقاءات الثنائية وجدول الزيارة

وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إن الرئيس السيسي سيجري خلال الزيارة سلسلة من اللقاءات المهمة مع كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي وعدد من القادة الأوروبيين، كما سيلتقي جلالة ملك بلجيكا لبحث سبل تطوير التعاون الثنائي وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين.

وأكد المتحدث أن انعقاد القمة بهذا التوقيت يعكس قناعة أوروبية متزايدة بضرورة دعم مصر كشريك محوري في المنطقة، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية التي تشهدها أوروبا والشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن القاهرة أصبحت لاعبًا رئيسيًا في صياغة مواقف دولية تتعلق بالطاقة والأمن والهجرة والتنمية.

أهمية الحدث للاقتصاد المصري

تمثل القمة فرصة استراتيجية لمصر لتعزيز موقعها كوجهة استثمارية آمنة في المنطقة، وجذب رؤوس الأموال الأوروبية إلى مشروعات البنية التحتية والطاقة الخضراء والمناطق الاقتصادية. كما تسعى القاهرة من خلال القمة إلى تعزيز صادراتها إلى الأسواق الأوروبية وتوسيع نطاق التعاون الصناعي والتكنولوجي.

وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية وتحديات سلاسل الإمداد، تسعى مصر لتأكيد قدرتها على أن تكون شريكًا اقتصاديًا مستقرًا وموثوقًا للاتحاد الأوروبي، مستفيدة من موقعها الجغرافي المتميز واتفاقياتها التجارية الواسعة في القارة الإفريقية والعربية.

 

القمة.. بوابة نحو مرحلة جديدة

تأتي القمة المصرية الأوروبية الأولى كخطوة استراتيجية تضع العلاقات بين الجانبين على مسار مؤسسي طويل الأمد، يعزز من التكامل السياسي والاقتصادي ويعيد رسم خريطة التعاون الإقليمي في منطقة البحر المتوسط.

ومن المتوقع أن تسفر القمة عن تفاهمات جديدة ومشروعات مشتركة تدعم جهود مصر في التنمية المستدامة، وتؤكد مكانتها كدولة محورية قادرة على التفاعل الإيجابي مع شركائها الدوليين.

إن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي في هذا الحدث التاريخي تؤكد حرص الدولة المصرية على تعميق الشراكة مع أوروبا، واستثمار الزخم الدولي في بناء تعاون يخدم المصالح المشتركة، ويعزز من حضور مصر الإقليمي كقوة توازن واستقرار في محيطها العربي والإفريقي والمتوسطي.

Exit mobile version