قالت شركة “سي كيه هاتشيسون هولدينغز” إنها ربما تدعو “مستثمراً استراتيجياً رئيسياً” من الصين للانضمام إلى مجموعة تسعى للاستحواذ على موانئها العالمية، في خطوة من شأنها تعزيز ثقة المستثمرين بأن الشركة ستمضي قدماً في إتمام الصفقة المتعثرة.
أوضحت الشركة في إشعار لبورصة الأوراق المالية، صدر اليوم الإثنين بعد ساعات من انتهاء مهلة المفاوضات الحصرية التي استمرت 145 يوماً مع المجموعة المدعومة من شركة “بلاك روك” الأميركية لإدارة الأصول، أن هذا المستثمر –الذي لم يُكشف عن هويته– سينضم بصفته عضواً مهماً في التحالف.
أضافت “سي كي هاتشيسون” أن “هيكل الصفقة وتشكيل أعضاء التحالف سيحتاج إلى تعديلات كي تصبح الصفقة قابلة للحصول على موافقة جميع الجهات المعنية”، مؤكدة أنها “تعتزم منح الوقت اللازم لهذه المناقشات”.
استثمار صيني
بلغت أسهم شركة الملياردير لي كا شينغ، ومقرها هونغ كونغ، أعلى مستوياتها خلال العام الجاري الجمعة الماضية، بعد أن أفادت “بلومبرغ نيوز” بأن شركة “تشاينا كوسكو شيبنغ” (China Cosco Shipping Corp) المملوكة للدولة في الصين تتفاوض للحصول على دور محوري ضمن التحالف كشرط لانضمامها إليه.
اقرأ المزيد: أكبر شركة شحن في الصين تدخل صفقة موانئ تمس التنافس مع أميركا
ويُتوقع أن يساعد التأكيد الصادر اليوم بشأن دخول مستثمر صيني في إزالة العقبات التي أعاقت الصفقة. اعتبرت بكين بيع “سي كيه هاتشيسون” لموانئها الـ43 تهديداً لمصالحها، نظراً لأنه يشمل نقل ملكية ميناءين يقعان على طول قناة بنما ذات الأهمية الاستراتيجية إلى مجموعة مدعومة من “بلاك روك”، وهي جهة تعتبرها الصين واجهة للنفوذ الأميركي.
كما حذرت السلطات الصينية الأطراف المعنية بالصفقة من تجاوز مراجعات مكافحة الاحتكار، وذلك بهدف منعهم من التعجل في إبرام الاتفاق.
وجددت “سي كي هاتشيسون” تأكيدها اليوم بأنها “لن تمضي قُدماً في أي صفقة لا تحظى بموافقة جميع الجهات المعنية”.
كانت أسهم الشركة قد قفزت بنسبة 37% في الأيام التي أعقبت إعلان الصفقة في مارس الماضي، لكنها فقدت هذه المكاسب بالكامل خلال شهر واحد تحت وطأة الضغوط السياسية. مع دخول “تشاينا كوسكو” على خط المفاوضات، بدأت الأسهم بالتعافي مجدداً الشهر الماضي، وسط عودة المستثمرين.
اقرأ أيضاً: كيف حول ملياردير هونغ كونغ ضغوط ترمب على بنما إلى صفقة مربحة؟
ووفقاً للمحللة في “بلومبرغ إنتليجنس”، دينيس وونغ، فإن “المفاوضات الجارية والتقارير التي تشير إلى ضم ‘كوسكو شيبنغ’ ضمن التحالف ساعدت على الأرجح في تخفيف المخاوف المتعلقة بالعقبات التنظيمية الصينية، ما عزز ثقة المستثمرين في إمكانية إتمام الصفقة”.
يعكس تعافي سعر السهم تزايد مراهنات المستثمرين على أن لي كا شينغ، البالغ من العمر 96 عاماً، سينجح في إبرام الصفقة الأهم في مسيرته. إذا ما تمت، فإن الصفقة ستدر على المجموعة أكثر من 19 مليار دولار نقداً. وتعززت موجة التفاؤل الأخيرة إلى حد بعيد بفضل رغبة “تشاينا كوسكو” في لعب دور ضمن تحالف الشراء، إلى جانب “بلاك روك” و”تيرمينال إنفستمنت” (Terminal Investment) المملوكة للملياردير الإيطالي جيانلويجي أبونتي.
تحرك ذكي
في البداية، اعتُبرت الصفقة تحركاً ذكياً من لي كا شينغ للخروج من نشاط يتعرض لضغوط جراء التوترات التجارية العالمية، إلا أن بكين سرعان ما أبدت امتعاضها. ولم يساعد الأمر أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وصف الصفقة بأنها استعادة لنفوذ الولايات المتحدة الأميركية على قناة بنما.
اقرأ المزيد: الصين تعاقب عائلة لي كا-شينغ بعد صفقة موانئ بنما
رغم دخول “كوسكو” في المحادثات، فإن التحديات ما تزال قائمة، بحسب ما كتبه المحلل ديفيد بلينرهاسيت من شركة “كويديتي أدفايزرز” (Quiddity Advisors)، على منصة “سمارت كارما” (SmartKarma) لتحليل الأسواق. وأضاف أن التطورات قد تثير غضب ترمب وتؤدي إلى تغيير الخطاب الحالي، مشيراً إلى أن سهم “سي كي هاتشيسون” قد يتعرض لضغوط إذا طالت مدة المحادثات بشأن الصفقة.
من جهتها، قالت دينيس وونغ من “بلومبرغ إنتليجنس” إن تمديد الجدول الزمني أو تعديل شروط الصفقة أو الاكتفاء باتفاق جزئي، سيؤدي إلى زيادة الغموض حول قيمة الصفقة وتوقيتها. أشارت إلى أن هذا التأخير قد يؤجج مخاوف متعلقة بالتحديات التنظيمية وعلى صعيد السياسات.
أشار غاري نغ، كبير خبراء الاقتصاد لدى شركة “ناتيكسيس” (Natixis)، إلى أن المستثمرين سيراقبون عن كثب الإجابات عن الأسئلة المتعلقة بالصفقة، ومن أبرزها الدور الذي ستلعبه الجهة الصينية ضمن التحالف.
قلق الصين
ألقت الصفقة المثيرة للجدل بظلالها أيضاً على أنشطة أخرى لعائلة لي. بحسب ما أفاد به تقرير لـ”بلومبرغ” في وقت سابق من الشهر الجاري، تعثرت محادثات الابن الأصغر ريتشارد لي لتوسيع أعمال نشاط التأمين التابعة له داخل البر الرئيسي الصيني، نتيجة لانزعاج بكين من صفقة الموانئ. جاء ذلك بعد تقرير آخر لـ”بلومبرغ” في مارس الماضي كشف أن الصين طلبت من شركاتها المملوكة للدولة تعليق أي تعاون جديد مع شركات مرتبطة بعائلة لي.
اقرأ أيضاً: كيف أثارت صفقة الملياردير لي كا-شينغ في بنما غضب الصين؟
كان هيكل التحالف الأصلي ينص على منح ملكية جميع الموانئ إلى شركة “تيرمينال إنفستمنت” (Terminal Investment) التابعة لعائلة أبونتي، باستثناء الميناءين في بنما اللذين ستؤول ملكيتهما إلى وحدة “غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز” (Global Infrastructure Partners) التابعة لـ”بلاك روك”.