Site icon السعودية برس

الصين تستعد لاجتماع حاسم قد يعزز مكاسب الأسهم ويقوي اليوان

قد يشهد اجتماع سياسي محوري في بكين هذا الأسبوع إقرار تدابير جديدة من شأنها أن تؤدي إلى استمرار أقوى موجة صعود في الأسهم الصينية في ثمانية أعوام ودعم اليوان، في وقت يُقيّم فيه المستثمرون المخاطر الناجمة عن تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.

تعقد اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اجتماعها العام الرابع على مدى أربعة أيام بدءاً من يوم الإثنين، لمراجعة المحاور الرئيسية للخطة الخمسية الخامسة عشرة. ورغم أن الخطة التفصيلية لن تُنشر قبل مارس من العام المقبل، سيولي المستثمرون اهتماماً بالغاً لما سيتضمنه البيان الختامي للاجتماع بحثاً عن أي إشارات متعلقة بالسياسات، قبيل اللقاء المحتمل بين الرئيس شي جين بينغ ونظيره الأميركي دونالد ترمب.

تعزيز الأسهم رغم توقعات السوق المتواضعة

وفي حين تبدو توقعات المستثمرين متواضعة، قد يسهم الحدث في تعزيز مكاسب الأسهم الصينية، لاسيما شركات التكنولوجيا والطاقة الشمسية والقطاع الاستهلاكي. وقد ارتفع مؤشر “إم إس سي آي الصين” (MSCI China Index) نحو 30% هذا العام، متجهاً لتحقيق أفضل أداء سنوي منذ 2017، بدعم من التفاؤل إزاء الذكاء الاصطناعي. كما أن أية تصريحات بشأن استقرار اليوان أو تعزيز استخدامه عالمياً من شأنها تقوية توقعات السوق بأن يتحرك البنك المركزي لحماية العملة من أية تقلبات ناتجة عن التوترات التجارية.

“نتوقع استمرار التركيز على الأولويات المتعلقة بالمعروض، مع بروز الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر تحت لافتة ‘القوى الإنتاجية الجديدة’ إلى جانب الصناعات المتقدمة” على حد قول غاري تان، وهو مدير صندوق في “أولسبرينغ غلوبال إنفستمنتس” (Allspring Global Investments) في سنغافورة.

وأضاف أن “أية تدابير قصيرة الأجل لتعزيز الاستهلاك بعد عطلة الأسبوع الذهبي ستكون مفاجأة إيجابية، إذ لا تتوقع السوق تحفيزاً قوياً في الوقت الراهن”.

فيما يلي بعض القطاعات التي سيتابعها مديرو الأموال مع بدء الاجتماع العام:

مكافحة المنافسة الضارة

سيتابع المستثمرون أي إشارات على أن الاجتماع قد يشهد تقدماً لحملة الرئيس شي ضد ما تُعرف “بالمنافسة الضارة” -وهي حملة تسعى للحد من المنافسة الشرسة وحروب الأسعار. الحملة، التي تهدف لمواجهة انكماش الأسعار شهدت نشاطاً كبيراً خلال الشهور الثلاثة الماضية وهو ما دعم الأسهم في قطاعات مثل الصلب والطاقة الشمسية والسيارات. 

ومن أمثلة إجراءات الحملة التي تهدف إلى تقليص فائض الطاقة الإنتاجية، التوقفات المؤقتة عن تعدين الليثيوم التي أعلنتها بعض السلطات المحلية، والتي دفعت بأسهم المنتجين إلى الارتفاع. قاد ذلك أسهم مجموعة “غانفِنغ ليثيوم” (Ganfeng Lithium Group) للصعود بأكثر من الضعف هذا العام، في حين قفزت أسهم “تيانكي ليثيوم” (Tianqi Lithium) المدرجة في هونغ كونغ نحو 80%.

وقال جيمس وانغ، رئيس استراتيجية الصين في “يو بي إس إنفستمنت بنك ريسيرش” (UBS Investment Bank Research) في هونغ كونغ: “مكافحة المنافسة الضارة هي مفتاح الربحية، وإذا زادت الحكومة التركيز عليها، فقد تشهد بعض الأسهم ذات الصلة طفرات”. 

وأضاف أن أسهم الطاقة الشمسية والليثيوم قد تكون الأقوى ارتداداً إذا صدر إعلان يتعلق بذلك، نظراً لانخفاض أسعارها أو هوامش صافي أرباحها.

الرقائق والروبوتات

قطاع الابتكارات التكنولوجية أحد المجالات الأخرى التي قد تستفيد من أية مبادرات متعلقة بالسياسات تصدر عن الاجتماع العام. تسعى بكين إلى تقليص الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية، عبر خطوات من بينها حثّ الشركات المحلية على تجنّب استخدام الرقائق التي تنتجها شركة “إنفيديا” (Nvidia).

سجلت أسهم شركات الرقائق الصينية مكاسب كبيرة هذا العام وسط تنامي الطلب على المورّدين المحليين. وقفزت أسهم شركة “هوا هونغ لأشباه الموصلات” (Hua Hong Semiconductor) المدرجة في هونغ كونغ بنسبة 250%، بينما ارتفعت أسهم “الشركة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات” (Semiconductor Manufacturing International Corp) بنسبة 117%. كما قفزت أسهم شركة “يو بي تك روبوتيكس” (UBTech Robotics) لتصنيع الروبوتات نحو 123% هذا العام، بعد فوزها بعدد من الطلبيات الكبرى. 

وقالت جيان شي كورتيزي، وهي مديرة صندوق في “جي إيه إم إنفستمنت مانجمنت” (GAM Investment Management) في زيورخ: “بعض الشركات في قطاع التكنولوجيا تبدو مرتفعة الأسعار، لكن أسهم شركات الإنترنت وأشباه الموصلات بشكل عام لا تزال منخفضة التقييم”. 

وأضافت: “القطاع لا يزال يتضمن أفضل الفرص في الأسهم الصينية”.

القطاع الاستهلاكي

جدّد رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ الدعوة إلى تعظيم دور الإنفاق الاستهلاكي في الاقتصاد، وذلك قبل أيام قليلة من الاجتماع العام، وهو ما يشير إلى نية بكين خفض الاعتماد على الصادرات. جاء ذلك بعد إنفاق ضعيف خلال عطلة الأسبوع الذهبي التي استمرت ثمانية أيام، في مؤشر جديد على سلوك المستهلكين الحذر مالياً.

أطلقت بكين بالفعل سلسلة من الإجراءات لتحفيز الطلب المحلي، من بينها إعانات لرعاية الأطفال، وإصلاحات تتعلق برعاية المسنين، وبرنامج لاستبدال السلع الاستهلاكية. هذه المبادرات أسهمت في تعزيز مكاسب أسهم شركات مثل “علي بابا هيلث إنفورميشن تكنولوجي” (Alibaba Health Information Technology) العاملة في مجال الرعاية الصحية الرقمية، وشركة “هايسنس فيجوال تكنولوجي” (Hisense Visual Technology) لصناعة الأجهزة المنزلية.

كتب محللو “جيه بي مورغان تشيس” (JPMorgan Chase)، بقيادة توني لي، في مذكرة حديثة: “نؤكد توصيتنا بشراء أسهم شركات السلع الاستهلاكية الجديدة في الصين قبيل الاجتماع العام الرابع، حيث أدت مستويات الإنفاق الفاترة في عطلة الأسبوع الذهبي إلى رفع التوقعات بإقرار سياسات داعمة للاستهلاك المحلي”.

وأضافوا: “هذا يخلق نقطة دخول جذابة على أسهم الشركات الاستهلاكية عالية الجودة”، مشيرين إلى أن شركة صناعة الألعاب “بوب مارت إنترناشونال غروب” (Pop Mart International Group) أصبحت مغرية بعد تراجعها الأخير.

عولمة اليوان

سيتابع متداولو العملات نتائج الاجتماع لمعرفة ما إذا كانت بكين ستكثف جهودها لتعزيز الاستخدام العالمي لليوان. وكانت السلطات قد واجهت ضعف الدولار في يونيو الماضي بإطلاق حملة واسعة لدعم هذا التوجه.

الرئيس شي دعا إلى بذل الجهود لبناء مكانة الصين كقوة مالية، بما في ذلك تطوير عملة قوية وبنك مركزي ذي وضع متين. ويرى كثيرون أن اليوان لا يحظى بالتمثيل المناسب في المعاملات المالية العالمية قياساً إلى حجم الاقتصاد الصيني، ويُعزى ذلك جزئياً إلى قيود رأس المال الصارمة ونقص السيولة في العملة خارج حدود البلاد.

وكتب الاقتصاديان شوانغ دينغ وهنتر تشان من “ستاندرد تشارترد بنك” (Standard Chartered Bank) في مذكرة بحثية هذا الشهر: “نتوقع أن تتضمن الخطة الخمسية تعديلات في صياغة توجه الاستخدام الدولي لليوان لتعزيز استخدام العملة ومكانتها بشكل أكثر استباقية”. 

وأضافا أن الخطة الخمسية قد تتضمن إجراءات لتشجيع المدفوعات الدولية باليوان.

Exit mobile version